السؤال رقم (5497): الدعاء على النفس.

نص الفتوى: أنا طالبة جامعية لما كنت بالمتوسط دعيت أن الله لا يزوجني وأنا فقط أمثل وأمزح أمام عماتي قالوا قولي أستغفر الله واستغفرت لكن خائفة هل ممكن تستجاب وكيف أكفر عن ذنبي أمام الله وألا تستجاب الدعوة علماً بانني نادمة جداً على هذا الفعل.

 

الرد على الفتوى

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

فإن الله تعالى أخبرنا أن الدعاء عَلَى النفس بالشرِّ لا يُستَجابُ، فقال – سبحانه -: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11]، قال مجاهد- كما علقه البخاري في صحيحه -: “قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب: اللهم لا تُبارك فيه والعنه، {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}، لَأَهلَكَ مَن دُعِيَ عليه، ولَأَماتَهُ”.  وقال – تعالى -: {وَيَدْعُ الإنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11]؛ أخبَرَ – سبحانه وتعالى – عن عَجَلة الإنسان، ودعائه – أحيانًا – عَلَى نفسه، أو ولده أو ماله بالموت، أو الهلاك والدمار واللعنة، ونحو ذلك، فلو استجاب له ربُّه، لهَلَكَ بدعائه.

لكن لا يجوز للمسلم الدعاء على نفسه مخافة أن يوافق الدعاء ساعة إجابة فيستجاب. قال – صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ؛ لا تُوَافِقُوا مِنْ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً؛ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ»؛ رواه مسلم.

أي: لا تدعُوا دعاءَ سوءٍ؛ مخافَة أن يوافِقَ دعاؤكم ساعةَ إجابةٍ، فتندموا، ولا ينفعُكم الندم، وكل هذا من جهل الإنسان، وعَجَلَتِهِ؛ حيثُ يَدعُو عَلَى نفسه، أو أولاده، أو ماله، بالشرِّ عند الغضب، أو عند المزاح كما ذكرت السائلة، ويُبادرُ بذلك الدعاء، كما يُبادرُ بالدعاء في الخير، ولكن اللهَ اللطيفَ الخبيرَ – بِلُطفه ومنِّه وكرمهِ ورحمته – أخْبَرَ أنه يستجيبُ له في الخير، ولا يستجيبُ له في الشرِّ.

وعلى كل حال، فما وقع منك من دعائك على نفسك بعدم الزواج لا يستجيبه الله سبحانه وتعالى بمشيئته وفضله وإحسانه لأنه من الشر الذي دعوة به على نفسك، ولا داعي للقلق   ولا تستسلمي لوساوس الشيطان وإثارته للمخاوف والأحزان، وتفاءلي وكوني على ثقة بأنك ستتزوجين وتسعدين في حياتك وأحسني الظن بربك معتمدة عليه في كل أمورك وأكثري من الدعاء في هذا الباب.

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.