السؤال رقم (5924) هل إقامة الحجة على من وقع في الشرك الأكبر لها طريق واحد وهو إقامتها من معين عليه أم يكفيه سماعه عنها واطلاعه على كتب الموحدين؟

الجواب: قيام الحجة يكون بالتمكن من العلم بها، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص.

قال شيخ الإسلام  ابن تيمية في مجموع الفتاوى : “والحجة على العباد إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل به”. اهـ..

وقال ابن القيم في مدارج السالكين : “فإن حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسول، وإنزال الكتاب، وبلوغ ذلك إليه، وتمكنه من العلم به، سواء علم أم جهل، فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، فقصر عنه ولم يعرفه، فقد قامت عليه الحجة، والله سبحانه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه”. اهـ.

ويقول أيضاً في طريق الهجرتين: “الأصل الثالث: أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أُخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له، فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم…”

فالحاصل أن من سمع بدعوة الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم وكان يمكنه العلم بذلك على وجهه الصحيح: فقد قامت عليه الحجة، ويصدق في حقه ما جاء في حديث  أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار» أخرجه مسلم.

وأما من لم يتمكن من العلم بالإسلام على وجه صحيح فهو لم تقم عليه الحجة التي يستوجب بها العذاب في الآخرة، فمدار الأمر في قيام الحجة هو على التمكن من العلم الصحيح، وليس على مجرد السماع.