السؤال رقم (6008) معلوم أن كل شيء يسبح الله تعالى، فهل يشمل ذلك النجاسات من روث وغائط وبول؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

فليس من الأدب مع الله ما ذكره السائل بل الواجب في حقه أن يقول كما قال السلف : كل ما في الكون يسبح بحمد الله ولا يذكر تفصيلاً في ذلك أو يذكر ما هو محبوب مرغوب فيه عند الناس فيقول الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والداب وغير ذلك من مخلوقاته كلها تسبح بحمده يقول الله جل وعلا : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) الإسراء / 44

ويقول عز وجل: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) النور / 41 . ويقول سبحانه: ( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الحديد / 1

ويقول سبحانه أيضا: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الجمعة / 1 .

فأفاد ظاهر هذه الآيات العموم في أن كل ما دونه سبحانه من خلقه يسبح بحمده، لا يخرج عن هذا العموم شيء ، ولكن كل مخلوق له تسبيح يخصه ويناسبه. وعلى ذلك عامة أهل السنة، وقد تواردت نصوصهم على إثبات ذلك:

قال عكرمة: لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه ، فإن كل شيء يسبح بحمده .

“تفسير الطبري” (17 / 455)

وقال النخعي وغيره: هو عام فيما فيه روح ، وفيما لا روح فيه ، حتى صرير الباب. “الجامع لأحكام القرآن” (10 / 268)

قال ابن كثير رحمه الله: ” وقوله : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) أي : وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي : لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس ؛ لأنها بخلاف لغتكم . وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد، وهذا أشهر القولين ، كما ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن مسعود أنه قال : كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل ” انتهى .”تفسير ابن كثير” (5 / 79)

وقال البغوي رحمه الله: ” ومذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقل، لا يقف عليه غيره ، فلها صلاة وتسبيح وخشية كما قال جل ذكره : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) وقال : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) وقال : ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ) الآية ، فيجب على المؤمن الإيمان به ويكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى ” انتهى . “تفسير البغوي” (1 / 111)

وقال القرطبي رحمه الله:” ذلك تسبيح مقال على الصحيح من الأقوال ” انتهى.

“الجامع لأحكام القرآن” (15 / 159) وينظر أيضا: (10 / 266-268).

وينظر أيضا: ” مجموع فتاوى ابن باز” (24 / 292) .

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.