وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً..](المائدة)، فالإسلام جاء كاملاً شاملاً لجميع نواحي الحياة للعباد، وقد حدد الإسلام للمسلمين أعياداً معينة كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان لأهلها يومان يلعبون فيهما فقال:(ما هذان اليومان؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)(رواه أبو داود، وصححه الألباني في سنن أبي داود).
وعن إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال (أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم قال نعم قال فكيف صنع قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يصلي فليصل)(رواه أبو داود، وصححه الألباني في سنن أبي داود). وعلى ذلك فليس للمسلمين سوى ثلاثة أعياد كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم (عيد الفطر وعيد الأضحى ويوم الجمعة) ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يأتي بشيء لم يأتِ به الشارع الحكيم.
ولقد دلت النصوص الشرعية على أن الاحتفال بتلك الأعياد من البدع المحدثة في الدين ولا أصل لها في الشرع المطهر، ولا يجوز للمسلم أن يشارك فيها أو يقوم بها.
والدليل على أن تلك الأعياد المحدثة بدعة قول الله تعالى [أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..](الشورى)، وقال [ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ..](الجاثية).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)(رواه مسلم)، وقال أيضاً (خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)(رواه مسلم). وأيضاً تلك الأعياد مع كونها من البدع المنكرة ففيها أيضاً تشبه باليهود والنصارى وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم وحذَّر من اتباع سننهم الباطلة (فقال: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ” قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال:”فمن)(متفق عليه)، ومعنى قوله (فمن)، أي هم المعنيون بهذا الكلام، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً (من تشبه بقوم فهو منهم)(رواه أحمد). وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم أن يحتفل بعيد الميلاد، أو بعيد الحب، أو بعيد الأم، أو بأي عيد يخالف شريعة الإسلام، ومن وقع في ذلك عن جهل فعليه بالتوبة وكثرة الاستغفار مع عدم العودة لمثل ذلك. وعلى المسلم أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وليحذر من التشبه والاقتداء بغيره، ففي ذلك الخسار والبوار والعياذ بالله، قال تعالى [فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ..](النور)، لكن لو استقبل المسلم الهدايا أو خرج مع زوجته لمكان آخر، أو غير ذلك في موعد الزواج أو غيره بغير نية التعبد فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.