السؤال رقم (976) : هل تجب علينا صلاة الجمعة؟؟
نحن جماعة أفراد عسكريين أحياناً نكلف بمهمة أو مشروع تدريبي في منطقة صحراوية تبعد حوالي (50) كيلو عن البلد، وقد تستغرق المهمة أكثر من عشرة أيام، فيصادفنا أثناء المهمة صلاة الجمعة، فهل تجب علينا صلاة الجمعة، مع العلم أننا لا نتجاوز الثلاثين فرداً، وإذا كنا أكثر من أربعين فرد فما الحكم؟
الرد على الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل في صلاة المقيم الإتمام والأصل في صلاة المسافر أن يقصر، والإقامة التي تعرض للمسافر على نوعين:
الأول: الإقامة العارضة للمسافر دون قصد مكث أيام معينة، وإنما هي إقامة مرهونة بحاجته، ولا يعلم متى تنقضي فإذا انقضت سافر، ففي مثل هذه الحالة يجوز له الترخص بقصر الصلاة وغيرها من رخص السفر مدة إقامته، وذلك لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوما، يقصر الصلاة، وأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة. وذكر العلماء هاتين الإقامتين منه صلى الله عليه وسلم على غير نية إقامة، ومثله ما ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر محصوراً بالثلج يقصر الصلاة .
النوع الثاني: أن يقصد المسافر الإقامة أياماً معينة، ليس له فيه أن يسافر فيها، وهذا ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون إقامته أربعة أيام فأقل. فهذا قد دل الدليل على أنه يجوز له الترخص برخص السفر من قصر وغيره، وذلك لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصر الصلاة مدة إقامته في مكة عام حجة الوداع حين دخوله إياها في اليوم الرابع من ذي الحجة حتى خرج منها إلى منى في اليوم الثامن، ولا شك أنه كان مزمعاً الإقامة هذه المدة.
القسم الثاني: أن تكون إقامته أكثر من أربعة أيام. فهذا قد اختلف العلماء في حكمه. فمنهم من أجاز له القصر، وغيره من رخص السفر، واستدلوا بما سبق آنفاً من قصر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في مكة عام الفتح، وفي تبوك؛ لأنه كان يقصر مدة إقامته، فهي تزيد على أربعة أيام.
ومنهم من منعه مستدلاً بما تقدم من أن الأصل في صلاة المقيم الإتمام، لكن جاز القصر لمن أزمع إقامة أربعة أيام فأقل؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك في حجة الوداع. وما زاد عن أربعة أيام إذا كان مزمعاً الإقامة فلم يقم به دليل صحيح خالٍ من معارض، وإذا حصل الاحتمال سقط الاستدلال. وحينئذ نرجع إلى الأصل وهو الإتمام.
والذي يظهر في هذه المسألة العمل بالأحوط فلا يجوز لهؤلاء الترخص برخص السفر؛ لأنهم قد عزموا على الإقامة لمدة عشرة أيام فأكثر، وعليهم أن يصلوا الجمعة جماعة بعد أن يستأذنوا في إقامتها، فإن لم يؤذن لهم صلوها ظهراً، ولايشترط لصلاة الجمعة عدد معين، فتجوز الصلاة بثلاثة أشخاص فما فوق.
وفقكم الله للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.