السؤال رقم (1522) : حكم بيع المعدوم، والاستصناع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:ـ
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المعدوم، وأجاز بعض العلماء عن الاستصناع، كيف يكون ذلك؟

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن بيع المعدوم مما اختلف فيه الفقهاء، فالبعض منهم ذهبوا إلى بطلانه معتمدين على دلالة النهي عن بيع الغرر، لأن بيع المعدوم داخل في الغرر.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم ـ رحمهما الله ـ إلى أنه لم يرد في الكتاب والسنة ما يدل على أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام ولا بمعنى عام، وإنما ورد النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما ورد النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، إذاً فليست العلة في النهي عن بيع الأشياء المعدومة هي العدم، كما أنه ليست العلة في النهي عن بيع بعض الأشياء الموجودة هي الوجود، فوجب أن تكون هناك علة أخرى للنهي عن بيع تلك الأشياء المعدومة وهذه العلة هي الغرر، فالمعدوم الذي هو غرر نهي عن بيعه لكونه غرراً لا لكونه معدوماً، كما إذا باع ما يحمل هذا الحيوان، أو ما يحمل هذا البستان، فقد يحمل وقد لا يحمل، وإذا حمل فالمحمول لا يعرف قدره ولا وصفه.
وعلى ذلك فالغرر في بيع المعدوم لا يتحقق إلا في حالة ما إذا كان المبيع مجهول الوجود، لأنه إن كان المبيع محقق العدم فلا غرر في هذا والبيع باطل بداهة لاستحالة التنفيذ، وإن كان المبيع محقق الوجود فلا غرر أيضاً والبيع صحيح، وإذا تتبعنا ما منعه الشارع من بيع المعدوم وما أجازه منه نجد أن كل ما منعه المبيع فيه مجهول الوجود، وأن كل ما أجازه المبيع فيه محقق الوجود عادة وإن كان معدوماً وقت العقد.
فالقاعدة التي ينبغي السير عليها في بيع المعدوم هي: أن كل معدوم مجهول الوجود في المستقبل لا يجوز بيعه، وأن كل معدوم محقق الوجود في المستقبل بحسب العادة يجوز بيعه، وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .