حكم السؤال رقم (82) : استعمال البطاقات الائتمانية بتاريخ : 21 / 11 / 1427هـ

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..
أنا أقيم في مدينة القدس في فلسطين وكما هو معلوم عند فضيلتكم أنه لا وجود لبنوك إسلامية في فلسطين المحتلة وأنها ربوية، فما حكم استعمال البطاقة الائتمانية في تلك البنوك الآنف ذكرها مع العلم أنني إذا لم أسدد ما علي من دين في تاريخ محدد وجب دفع الربا للبنك إلا أنني لن أتأخر أبدا وذلك تجنبا من الربا.
أنا أعلم أن البطاقة عقد ربوي وأن مابني على باطل فهو باطل إلا أنني لا أعطي ولا آخذ الربا, لكني أنوي استعمالها لأنني لا أملك أن أدفع ثمن بعض الأغراض المكلفة جدا دفعة واحدة وإنما بالتقسيط الطويل ولا أعرف إن كانت بنظر الشريعة ضروريات إلا أنني بحاجة شبه ماسة لاقتناءها في أقرب وقت ممكن ولا أريد أن أتبع الهوى فأحيد عن الحق وأجانبه، وأُنوه إلى أنني أدفع مبلغاً محددا كل شهر مصاريف خدمة مقابل خدمة هذه البطاقة الاتمانية بغض النظر إن استخدمتها مرة واحدة في الشهر أم عدة مرات فهو ثابت لا يتأثر. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولاَ: أدعو الله جل في علاه أن يفرج عن إخواننا في فلسطين وأن يجعل لهم من أمرهم يسرا، وأن ينتقم من اليهود الغاصبين المعتدين.
وثانياً: فإن الله تعالى خلقنا لعبادته، وأمرنا بطاعته، وحذرنا من معصيته، وبشر من أطاعه بالجنة، وأنذر من عصاه بالعذاب الأليم، وقد أمرنا الله تعالى بالبعد عن الربا والتعامل به، وبين أنه سبب لغضبه وسخطه، وأنه سبيل إلى الحرب منه على من تعامل به، وأنه لا فلاح لمن وقع فيه إلا من تاب ورجع إلى ربه، قال تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ](البقرة:278، 279)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه)(متفق عليه).
وعلى ذلك فيحرم التعامل مع البنوك الربوية مطلقاً إلا لضرورة، وهي الخوف من ضياع مال المسلم إذا لم يجد مكاناً يحفظه فيه، ولا يأخذ على وضع هذا المال أي فوائد، وإذا أخذها بناءًا على تعليمات البنك فعليه أن يصرفها في الأمور الممتهنة مثل رصف الشوارع وأدوات تنظيف المساجد وغير ذلك، وليس له في ذلك أجر لقوله صلى الله عليه وسلم:(إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا..)(رواه مسلم).
أما التعامل مع هذه البنوك بدون ضرورة فلا يجوز إطلاقاً، وقد أمرنا الله تعالى أن نطيعه فيما أمر بقوله تعالى:[ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً](الأحزاب:36)، وعلى ذلك فنصيحتي لك عدم التعامل مع هذه البنوك حتى عن طريق هذه البطاقة لأنه يترتب عليه عند التأخير في السداد فوائد ربوية، وحتى إن تم السداد كما هو متفق عليه فهذا المال الذي يأخذونه شهرياً مقابل استعمال البطاقة سواء استعملتها أم لم تستعملها لا يجوز لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، وفيها حجر عليك أن لا تشتري بها إلا من أناس معينين.
وأرى أنه ليست هناك ضرورة تبيح لك الوقوع في الحرام، وقد كان السلف رضوان الله عليهم أحرص الناس على الرزق الحلال، حتى أنهم كانوا يتركون الذي ليس فيه بأس خوفاً من الوقوع فيما فيه بأس، وكون كثيرٍ من الناس يتعاملون مع البنوك الربوية لا يعني أن ذلك مباح.. لا، بل يجب على المسلمين عدم التعامل معها والعودة إلى دينهم الذي ارتضاه الله لهم، وأباح لهم كل شيء إلا ما حرم عليهم، وعليك بتقوى الله تعالى، والبعد عن معصيته، وعدم الوقوع في الحرام من أجل شهوات مؤقتة زائلة، أثرها باق وحسابها عسير، فبادر بما يرضي ربك، واحرص على الحلال فإنه نجاة لك في الدنيا والآخرة. وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.