السؤال رقم (1624): هل هناك فرق بين السَّتر في المركز والستر في الميدان؟
هل هناك فرق بين السَّتر في المركز والستر في الميدان؟
الرد على الفتوى
إن السَّتر الذي جاءت الشريعة الإسلامية به لم يترك للأهواء ولكن لولي الأمر مما يراه في ذلك من الأولى والأليق والأحرى، ولذلك جعلت الشريعة للسَّتر ضوابط معينة تضمن أن لا يكون إلا على من يستحقه، وأن يحقق السَّتر أهدافه ومنها الزجر والردع، ومن تلك الضوابط:
أولاً: ألا تكون الجريمة من الجرائم الكبيرة؛ فإنه ينبغي أن يقتصر السَّتر على الجرائم الصغيرة والبسيطة فقط كما ذكر عن الإمام الذهبي رحمه الله حول تعريف الكبيرة:أنها كل ذنب فيه حد في الدنيا ـ كالقتل، والزنا، والسرقة ـ أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديدٍ أو لعن فاعله على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: ألا يكون الجاني مجاهراً بجرمه؛ إذ إن المجاهرة سبب من أسباب غضب الرب تعالى وعليه تكون سبباً من أسباب تشديد العقوبة، والأولى فيها عدم العفو، قال ابن بطال رحمه الله:في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي السَّتر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها من إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً، وإذا تمعن حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك.
ثالثاً: ألا يكون الجرم متعلقاً بحق آدمي؛ فإذا تعلق بحق آدمي فإنه لا يملك أحد الصفح أو العفو عنه سوى صاحب الحق.
رابعاً: ألا يكون معتاداً للإجرام مشهوراً به، فإنه لا ينبغي الستر عليه ولا العفو عنه، وذلك لما فيه من تحقيق معنى الردع العام وعدم الاستهانة بتلك الجرائم.
وعلى ما ذكرنا فلا فرق بين السَّتر في المركز أو الميدان إلا بحسب المنكر وصاحبه، وبحسب ما يراه المسؤول عن ذلك من المصلحة الراجحة.