السؤال رقم (1405) : موضوع الفتوى: أسرفت كثيرا على نفسي بالغفلة فماذا أفعل كي أعيش حياة طيبة سعيدة ؟

نص الفتوى: بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أنا أختكم المقعدة أسرفت كثيرا على نفسي بالغفلة عن الله جل وعلا وبالمعاصي وقبل 3 ثلاث سنوات تقريبا أشغلت نفسي بمشاهدة الدراما الكورية التي فتنت كثيراً من الشباب و”الفتيات خصوصا” ومنهم أنا، أستمتع بمشاهدتها وتمضية وقتي عليها، قبل شهر ونصف أصابني شيء أعتقد أنه مس لا أدري بالضبط .. بت أقرأ على نفسي وأرقيها، لكن قلت أن هذا عقوبة من الله وتنبيه منه جل وعلا ثم بعد ذلك قررت التوبة بفضل الله والعودة إلى الله تعالى، ولي حول هذا عدة أسئلة:
1- لدي خوف من الجن منذ كنت في الثانية عشرة من عمري لأن أهلي ذهبوا بي للقراءة علي من أجل الإعاقة وسمعت الجن وهم يتحدثون ومنذ ذلك الوقت لدي ذلك الخوف فهل هو شرك بالله ؟ لأني أعلم جيداً أن النافع والضار هو الله تعالى لكن لا أدري إذا كان هذا الخوف شرك؟.
2- هناك خاطر دائما يقول لي أن هذه التوبة وابتعادي عن معاصي الله بعد ذلك هو بسبب خوفي من إيذاء المس الذي أشعر به وليس من أجل الله تعالى ؟ فماذا أفعل ؟
3- كيف أتخلص من الوسوسة وأنا أريد إصلاح نفسي وزيادة إيماني ؟
4- كيف أحقق العبودية لله وحده حباً ورجاء وخوفاً ؟
5- لا أشعر بالبغض لتلك الدرامات والممثلين والممثلات إلا شيئاً يسيراً ؟ فكيف أكون صادقة في توبتي ؟
6- هناك مدونات متعددة لفتيات يقمن بترجمة الدراما كنت أقوم بالتحميل منها ماذا أفعل حيال الفتيات هناك ؟
7- كيف أطهر قلبي من أمراضه ؟
8- دائما أتذكر أولئك الممثلين والممثلات والقصص والأحداث وربما أشعر بشهوة أو رغبة بالعودة إليها فماذا أفعل ؟
9- ماذا أفعل فحقاً لا أدري بالضبط ماذا علي أن أفعل لأحيا حياة جديدة وطيبة مع الله وأرتاح؟
جزاكم الله خيرا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ” هل بإمكانكم الرد على بريدي “.

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولاً: أسأل الله جل وعلا أن يكشف الضر عنك، وأن يجعل ما أصابك في موازين حسناتك، ورفعة في درجاتك.
وثانياً: ما يصيبك من الخوف من الجن إنما هو خوف جبلي فطري، فكل إنسان من الخلق يعتريه الخوف سواء من الشيء الحاضر أو الغائب، وهذا لا يؤثر في إيمان العبد المسلم، ودليل ذلك قول الله جل وعلا عن موسى عليه الصلاة والسلام{ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (الشعراء:12)، أما إذا كان الخوف مبنياً على أن هناك أحداً من الخلق يستطيع أن ينفعك أو يضرك من دون الله فهذا خوف شركي لأن الله جل وعلا هو النافع والضار، ولا يكون في هذا الكون شيء إلا بأمره، قال تعالى { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(الأنعام:17)، فلا تلتفتي لما تجدينه من هذا الخوف، ولكن عليك بالاستعاذة بالله تعالى فهو الحفيظ عليك وعلى عباده المؤمنين.
أما التوبة فتجب في حقك من جميع الذنوب والمعاصي التي بينك وبين الله جل وعلا، وإذا كانت هناك حقوق للخلق لزمك التحلل منها لتصدق توبتك وتقبل منك، ولا تلتفتي لتلك الوساوس والخطرات فإنما هي نزغ من الشيطان، قال تعالى { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(فصلت: 36).
أما كيفية إصلاح نفسك وازدياد إيمانك فالأمر يسير على من يسره الله عليه، ولكن يحتاج الأمر إلى صبر ومثابرة ومجاهدة للنفس الأمارة بالسوء، وإخلاص العبادة لله، والصدق معه، والاستعانة به، والتمسك بالصحبة الصالحة التي تعين على الخير، والاستفادة من الوقت فيما ينفع، وتحصيل العلم النافع، والإكثار من العمل الصالح، والبعد عن مواطن الفتن والشبهات، فإذا صدقت وثابرت واجتهدت وبذلت الأسباب، وعلم الله صدقك فسوف يملأ قلبك إيماناً ويقينا، وسوف يثبتك ويوفقك للخير وأهله.
والمؤمن لابد له من بغض الباطل وأهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)(رواه أبو داود، وصححه الألباني)، ولا ينبغي أن يكون في قلبك حب لهذه المنكرات، بل لابد من بغضها والبعد عنها ليسلم إيمانك.
وعليك بالابتعاد عن الصحبة السيئة التي كانت سبباً في إعانتك على الباطل، وقطع الصلة بهم لأنهم من أقوى الأسباب في تعلق قلبك بمثل هذه الدراما وغيرها من الأعمال الفنية الأخرى التي تغضب الله جل وعلا.
وتطهير القلب من أمراضه يكون بتقديم محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم على سائر المحبوبات الأخرى، وأن يمتلأ قلبك خوفاً وخشية منه، وأن تبتعدي عن الغل والحسد والبغض وغيرها من أمراض القلوب، وأن تحرصي على الأعمال الصالحة التي تكون سبباً بعد الله في تقوية إيمانك وزيادة حسناتك.
واعلمي أن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، فيجب عليك قطع الصلة بمن يذكرك بالماضي السيئ ، وأن تبحثي عن الصحبة الطيبة التي تعينك على الخير وتذكرك به.
وفي الختام أذكرك بقول الله جل وعلا { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل:97)، فأكثري من العمل الصالح من صلاة وصيام نفل، وقراءة للقرآن، وبر للوالدين، وصلة الأرحام، والصلاة بالليل، والإكثار من الصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة فسوف يزيد إيمانك وينشرح صدرك، ويمتلأ قلبك محبة لربك ولدينك ولنبيك صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.