السؤال رقم (1796) : حكم الإيجار المنتهي بالتمليك ـ حكم ما يسمى بالتسويق الهرمي .
السؤال الأول: السلام عليكم شيخنا أسأل الله أن تكون بخير وعافية ما حكم بيع الشقق او السيارات عن طريق البنوك التقليدية وبالأخص عن طريق الإيجار المنتهي بالتمليك في بلد لا توجد بنوك إسلامية الذي يشكل علي تردد الفتاوى بهذا الخصوص إلى اتجاهين:
1 – عدم الجواز : لما فيه من تعاون مع البنوك الربوية واتاحة الفرصة لها.
2 – الجواز : لكون الاثم على المشتري وليس على البائع وإنما البنك هنا وسيلة لتحصيل مبلغ المبيعات فهذا التعامل مع البنك والاتفاقيات التي تجرى معها للقيام بهذه العملية أعني الإيجار المنتهي بالتمليك, لأنه كما لا يخفى عليكم الاتفاقية تكون من ثلاثة أطراف : البائع والمشتري والبنك فتوقيع البائع مثل هذه الاتفاقية هل يدخل في باب التعاون على الاثم أم لا ، أم مع ذلك تجوز في حالة أوضاعنا؟ أفيدونا مشكورين! وجزاكم الله خيرا
السؤال الثاني: فضيلة الشيخ حفظك الله, عندنا شركة تبيع منتجات غذائية بغرض التخفيف من الوزن, والشركة هذه ليس لها محلات تجارية حيث تبيع منتجاتها فيها, وإنما يتم البيع عن طريق الزبائن المتميزين, وطرق بالبيع بالتفصيل هو التالي:
أولا: لكي يستطيع الزبون أن يقوم ببيع منتجات هذه الشركة, الشركة تشترط عليه الاشتراك وهي عبارة عن شراء رخصة البيع من قبل العميل بمقابل مالي, وتعطي الشركة لهذا العميل بعد هذا الاشتراك مجموعة من المنتجات الغذائية مجانا وقيمتها في الحقيقة تساوي المبلغ الذي دفع هذا العميل مقابل اشتراكه في الشركة.
ثانيا: الشركة تشترط على هذا العميل تناول هذه المنتجات, لكي يكون العميل قد جربها ولاحظ نتائج المنتجات وأثناء ترويج وبيع هذه المنتجات يبين للمشترين انه قد جرب المنتجات وهي تخدم الغرض الذي من أجله تشترى (وهو التخفيف من الوزن).
ثالثا, بعد كل هذا تقوم الشركة بتزويد منتجاتها هذا العميل المتميز الذي اشترى الرخصة من الشركة وقام بتناول منتجاتها, وتسمح له بالربح 15% في كل منتج يبيعه.
سؤالي فضيلة الشيخ: ما العلاقة بين الزبون المتميز والشركة؟
وما العلاقة بينه وبين الزبائن العاديين؟
وفي الأخير هل هذا العقد جائز شرعا؟ أفيدونا وجزاك الله خيرا
السائل : راسم (أبو معاذ الكوسوفي)
الرد على الفتوى
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولاً : أما عن سؤالك الأول فإنه قد صدرت الفتاوى من الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية بحرمة الإيجار المنتهي بالتمليك لأنه يجمع بين الإجارة والبيع بعقد واحد، ولأن فيه غرراً وجهالة، وأما الوعد بالبيع ويكون في عقد مستقل لا علاقة له بعقد الإجارة ولا يكون فيه تحايل وكان وعداً غير ملزم بعيداً عن التحايل بحيث لو تراجع عن الوعد لم يترتب عليه آثار فقد أجازة جمع من العلماء المعاصرين إذا كان التأمين فيه تعاونياً وليس تجارياً.
أما عن السؤال الثاني :
فهذا النوع من المعاملات هو ما يسمى بالتسويق الهرمي وهو أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ، وهكذا . وهذا النوع من المعاملات محرمة وذلك لما يأتي:
أولاً : أنها تضمنت الربا بنوعيه ، ربا الفضل وربا النسيئة ، فالمشترك يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه ، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير ، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع ، والمنتج الذي تبيعه الشركة على العميل ما هو إلا ستار للمبادلة ، فهو غير مقصود للمشترك ، فلا تأثير له في الحكم .
ثانياً : أنها من الغرر المحرم شرعاً ، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا ؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لا بد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها ، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحاً ، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسراً ؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه ، فالغالب إذن هو الخسارة ، وهذه هي حقيقة الغرر ، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما ، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغرر ، كما رواه مسلم في صحيحه .
ثالثاً : ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل ، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خداع الآخرين ، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) النساء/29
رابعاً : ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس ، من جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك ، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالباً ، وهذا من الغش المحرم شرعاً ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( من غش فليس مني ) رواه مسلم في صحيحه وقال أيضاً : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ) متفق عليه .
وأما القول بأن هذا التعامل من السمسرة ، فهذا غير صحيح ، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة ، أما التسويق بهذه الطريق المذكورة فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج ، كما أن السمسرة مقصودها تسويق السلعة حقيقة ، بخلاف التسويق الهرمي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العمولات وليس المنتج ، ولهذا فإن المشترك يسوِّق لمن يُسوِّق لمن يُسوِّق ، هكذا بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة ، فالفرق بين الأمرين ظاهر .
وأما القول بأن العمولات من باب الهبة فليس بصحيح ، ولو سُلِّمَ فليس كل هبة جائزة شرعاً ، فالهبة على القرض ربا ، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بردة رضي الله عنهما : ( إنك في أرض ، الربا فيها فاش ، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قَتٍّ فإنه ربا ) رواه البخاري في الصحيح .
والهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت لأجله ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام – في العامل الذي جاء يقول : هذا لكم وهذا أهدي إلي : (أفلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا ؟) متفق عليه .
وهذه العمولات إنما وجدت لأجل الاشتراك في التسويق الهرمي ، فمهما أعطيت من الأسماء ، سواء هدية أو هبة أو غير ذلك ، فلا يغير ذلك من حقيقتها وحكمها شيئاً .
والله أعلم . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .