السؤال رقم (2035): حكم العمل في البنوك الربوية. 23/12 / 1438هـ
حكايتي. ارجوا ان تقرأها كامله من البداية.
نخرجت من كلية تجارة انجليزي – تقدمت للعمل في احدى البنوك الحكومية، ولقد تم قبولي للعمل تزوجت بعدها وانجبت طفلة وها انا الان اعمل منذ اربعة سنوات
سألت عن حكم العمل في البنوك فاحترت كثيرا وكونى على دراية شيئا ما بأمور ديني فأنى لا اثير على أي فتوة الا اذا كنت مقتنعا
– قرات فتاوى تبيح العمل في البنوك
– وفتاوى تبيح العمل إذا كنت مضطرا
– وهناك من يحرم
– وهناك من يحلل بشرط عدم التعامل مع الربا مباشرة والا تكون كاتبه او اكله او موكله او شاهديه
– ومنهم من يحرم التعامل مع البنك او العمل به ولو عامل نظافة لأنه يدخل في باب الإعانة على الاثم
– ومنهم من يحلل بشرط ان يأكل بقدر الذي يجعله يبقي على قيد الحياة أي لا يدخر منه ولا يفعل أي شيء فيه رفاهيه .. حيث تقدر الضرورة بقدرها
فقلت في نفسي ..اذا وضعت كل شيء في حياتي تحت كلمة مضطر فسأفعل كل المنكرات تحت باب مضطرا وساجد مبررا والشيطان سوف يساعدني ان لم اكن يقظا
اولا كي اوضح طبيعة عملي بالبنك وكيف هو الحال في البنك من واقع أربع سنوات
انى أتقاضى مرتبا يحلم بيه الكثيرون وكل من في البنك كذلك
ولكن مع الاسف فان هذا المرتب لا يمكن ان افعل شيء منه سوى ان أنفقه على أسرتي حيث الزيادة السريعة في الأسعار وانا لا املك بيتا انما اسكن في شقه بالإيجار … خلاصة مرتبي لا يمكن ان يجعلني اشترى بيتا ولو بعد عشرة سنوات لذا ماذا فعل بقيه الموظفين كي يمتلكوا بيتا او شقه؟
بحث في كل موظف لم أجد موظفا واحدا لم يأخذ قرضا من البنك والقرض من البنك حتى للموظفين فائدته عالية جدا فهي تقل اثنان بالمائة عن العملاء
طبيعة عملي . أنا الان اعمل في قسم الخزينة – صارف. اقوم بعمليات السحب والابداع وصرف الشيكات والحوالات وصرف القروض حيث أنني لا اختار المعاملة فكل عميل يتقدم الى شباك الخدمة اقوم انا بخدمته مهما طلب.
موعد عملي يبدا من الساعة الثامنة ينتهي كل يوم على الاقل في الساعة الخامسة او السادسة بين هذا الوقت انا جالس على كرسي لأخدم العملاء ولم اتوقف وأحيانا لم اتحرك من مكاني طوال فترة العمل ليس انا فقط بل كل الزملاء.
العمل في البنك لا يسمح لي ان أصلي — هم لم يمنعوني ولكن بطبيعة العمل لا أستطيع ترك العهدة التي بيدي واذهب لأصلي ولو حتى ذهبت فسوف أصليها بمفردي وعلى عجلة وحتى لا يعلم أحد. حتى الطعام لا اتمكن من تناوله وان حدث فهو على عجلة ايضا. حينما اعود من العمل اكون منهك جدا لدرجة انى لا أستطيع حتى أصلي واصبحت الصلاة كجبل بالنسبة لي. فأحيانا أصليها مرة واحده كل الاوقات
وأحيانا كثيرا اتركها بحجة التعب.
حياتي الاجتماعية قاصرة على زوجتي وطفلتي وزملائي في العمل الذين حياتهم كحياتي ولو ادعوا انهم على تقوى فكل شيء واضح. كيف اكون مضطرا لكي لا اصلي في جماعه. كيف اكون مضطرا كي لا أصلي اصلا. كيف اكون مضطرا كي لا اكل
كيف لكون مضطرا ان اعود الى بيتي ليلا واذهب إلى عملي صباحا
إذا ما البديل الذي يخلصني من كل هذا
اولاً: الحل في السفر الى دولة الكويت ولكن يتطلب مبلغ 120 ألف جنيها وانا لا املكها ولكن املك جزءا كبيرا منها من خلال ذهب زوجتي وسوف اقترض جزءا من إخوتي وسوف اسددها لهم كما هي بعد ذهابي. سوف اترك زوجتي في مصر واسافر الى الخارج. سوف اقترض من إخوتي. سوف اترك عملا يحلم به كل المصريين الامن رحم ربي
هل هذا أفضل ام الاستمرار فيما ذكرته اعلاه
– ولأنني فكرت في هذا الامر (أي السفر للخارج). فقلت لنفسي كي تزيد فرصتي لا بد من زيادة مؤهلاتي فقدمت طلب الدراسة في الماجستير المهني وهو عامان ومنها ادخر مبلغا كي اقلل المبلغ الذي سوف اقترضه
هذا كل ما يدور في عقلي …
والان هل ما أفكر به وهو اكمال الدراسة بالماجستير ومن ثم السفر للخارج وترك العمل في البنك. ام الاستمرار في هذا العمل وهو البنك وتحمل كل ما ذكرته اعلاه تحت باب الاضطرار ؟؟؟؟
مع العلم ان فرصتي ان شاء الله في الخارج أفضل فسوف أجد فرصة عمل حلال ان شاء الله وربما براتب أكبر أستطيع منه ان أبني بيت لأسرتي وان اعيش عيشا أفضل ان شاء الله. برجاء إجابتي ورسم طريق لي حتى اجد راحتي واعيش سعيدا وارضي ربي ..
الرد على الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فأولاً: أسأل الله لك التوفيق لما يحب ويرضى وأن يعينك على الالتزام بشرع الله تعالى وتحري الحلال في مطعمك ومسكنك.
ثانياً: اعلم أيها الأخ السائل أن الله جل وعلا أحل لعباده ما فيه نجاتهم وقضاء حاجاتهم، وحرم عليهم ما يضرهم؛ فليس العبد مضطراً إلى ما حرم الله عليه، بل عليه أن يسعى جهده في طلب الرزق الحلال.
والتوظف في البنوك لا يجوز؛ لأنه إعانة لهم على الإثم والعدوان -سواء كان محاسباً أو كاتباً أو غير ذلك -فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن البنوك؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سورة المائدة، الآية 2].
وما قبضته قبل ذلك – أي قبل العلم – فلك ما سلف، وما كان بعد العلم فليس لك؛ لقول الله جل وعلا: {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[سورة البقرة، الآية 275]، فما قبضته سابقاً قبل أن تعلم فهو لك، وأما بعد أن علمت، فعليك أن تترك هذا العمل، وأن تتوب إلى الله سبحانه مما سلف، وتبذل ما قبضته من طريق الربا وأنت عالم به في جهة البر والخير؛ كالصدقة على الفقراء والمساكين، إلى غير ذلك، حتى تتخلص من هذا المال الذي جاءك بغير وجه شرعي.
وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أنه لعن آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: (هم سواء) [رواه مسلم].
فالواجب على المؤمن أن يحذر من ذلك: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [سورة الطلاق، الآية 2.]، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [سورة الطلاق، الآية 4]. فأنت إذا اتقيت الله يسر الله أمرك، ورزقك من حيث لا تحتسب، فالتمس أعمال أخرى ولو بأجر قليل؛ إذا كنت تأخذ من البنك خمسة آلاف أو ستة آلاف، أو عشرة آلاف شهرياً، فسوف تجد -إن شاء الله -من الأعمال المباحة بمعاش يكفيك، ويبارك الله لك فيه، ولو ألفين أو ثلاثة أو أربعة، ولو أقل من ذلك بكثير.
أنت عليك أن تترك هذا العمل الحرام وتطلب الحلال، والله يعوضك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، لما سئل: أي الكسب أطيب؟ قال: (عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور) [رواه الإمام أحمد]، وقال أيضاً: (ما أكل أحد طعاماً أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)[ رواه البخاري].
ثالثاً: قولك بأنك تجمع الصلوات كلها وتصليها مرة واحده كل الاوقات
وأحيانا تترك الصلاة بحجة التعب فهذا من الخطأ الواضح ويخشى على صاحبه نعوذ بالله من ذلك. فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بسبب العمل، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ال نور37 /-38. فيجب عليك إن رزقت بعمل حلال تنظيم وقت العمل بما لا يتعارض مع أداء الصلاة في وقتها، والاتفاق مع الإدارة على ذلك وإيجاد الحلول المناسبة، ولو كان فيها بعض المشقة عليك، كزيادة ساعات العمل مثلاً.
واعلم أن ما يحصل في قلبك من زيادة الإيمان بسبب أداء الصلاة في أوقاتها والمحافظة عليها سيعوضك عما تجده من مشقة في سبيل ذلك، بل ستنقلب تلك المشقة لذة ـ إن شاء الله ـ لأنك تحملتها في سبيل الله وابتغاء رضوانه.
رابعاً: قولك بأنك قررت السفر من أجل تحسين معيشتك ولكي تترك العمل في البنك هو رأي صواب إن شاء الله فالسفر من جملة الأسباب التي يطلب بها الرزق قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} {الملك:15} وقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من المسلمين يسافرون للعمل والتجارة والكسب. وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا). وصححه الألباني في الصحيحة. ورواه البيهقي عن ابن عباس مرفوعا، بلفظ: سافروا تصحوا وتغنموا. ثم قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإنما هذا دلالة لا حتما، أن يسافر لطلب صحة ورزق. اهـ.
والله أعلم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمَّدٍ وعلى آله وصحبه.