السؤال رقم (1483) : حكم الاستماع لقراءة القرآن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إني أحبكم في الله وسؤالي هو…عندي إشكال في حكم الإنصات لتلاوة القرآن الكريم فقد ذهب الجمهور إلى عدم الوجوب واستدلوا بأن قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا نزلت في شأن الصلاة … وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الاستماع مستدلا بهذه الآية ، وأن هذه الآية إن كانت نزلت في الصلاة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقول أبو حنيفة أراه صوابا قياسا على شأن آيات الظهار فقد نزلت في شأن خولة بنت ثعلبة إلا أن الحكم أصبح عاما وكذلك غيرها من الوقائع ولكن الذى لفت نظري إلى هذا الموضوع أكثر أنني وجدت العلامة العثيمين يفتى بعدم الوجوب فأرجوا تبريرا موسعا لرد الجمهور وابن عثيمين حتى أكون على بينة من الأمر لقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وجزاكم الله خيرا
السائل : عمرو حامد
الرد على الفتوى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد اختلف العلماء في حكم الاستماع والإنصات لقراءة القرآن على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه مستحب وهو مذهب الجمهور وحكاه ابن المنذر إجماعاً.
القول الثاني:- وهو المعتمد لدى الحنفية أنه فرض كفاية.
القول الثالث: ما ذهب إليه بعض الحنفية- وهو أنه فرض عين
واستدل الحنفية بقوله تعالى: وَإِذَا قرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204].
وأجاب الجمهور بأنها في الصلاة كما ورد ذلك عن أبي هريرة ومعاوية بن قرة ومجاهد والحسن والنخعي والضحاك، روى ذلك عنهم عبد الرزاق في مصنفه 2/ 363.
والأظهر والله أعلم عدَم وجوب الاستماع والأمر في قوله الله تعالى: (وإذا قُرِئَ القُرآنُ فاستَمِعُوا له وأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) للندب ليس للوجوب .فقد حَكَى ابن المنذر الإجماع على أن استماع القرآن والإنصات إليه واجب في الصلاة وخطبة الجمعة، وليس واجبًا في غير هاتين الحالتين، بل هو سنة، وذلك لأن وجوب الاستماع فيه حرج كبير على القائمين بأعمال ضرورية تحتاج إلى يقظة وعدم انشغال ، وبخاصة أن القرآن يُتلَى ويُذاعُ من جهات متعددة، إن لم يكن من البيت أو محل العمل فمن البيوت أو المحالِّ الأخرى. أما في حال الصَّلاة فيجب ، وهو قول جماهير أهل العلم.
قال العلامة بن عاشور – رحمه الله – في :التحرير والتنوير عند تفسيره لهذه الآية (وقد اتفق علماء الأمة على أن ظاهر الآية بمجرده في صور كثيرة مؤول، فلا يقول أحد منهم بأنه يجب على كل مسلم إذا سمع أحدا يقرأ القرآن أن يشتغل بالاستماع وينصت، إذ قد يكون القارئ يقرأ بمحضر صانع في صنعته فلو وجب عليه الاستماع لأمر بترك عمله، ولكنهم اختلفوا في محمل تأويلها:
فمنهم من خصها بسبب رأوا أنه سبب نزولها، فرووا عن أبي هريرة أنها نزلت في قراءة الإمام في الجهر، … إلى أن قال . : ومنهم من أبقى أمر الاستماع على إطلاقه القريب من العموم، ولكنهم تأولوه على أمر الندب، وهذا الذي يؤخذ من كلام فقهاء المالكية، ولو قالوا المراد من قوله قرئ قراءة خاصة، وهي أن يقرأه الرسول عليه الصلاة والسلام على الناس لعلم ما فيه والعمل به للكافر والمسلم، لكان أحسن تأويلا ).
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. وعلى آله وصحبه اجمعين.