السؤال رقم (1502) : مواضع تكبيرات الانتقال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ عبدالله بارك الله فيك كيف نوفق بين الحديث الأول والحديث الثاني من حيث الوقت اللي يكبر فيه المصلي حيث في الحديث الأول يكون التكبير ثم يسجد ويكبر ثم يقوم وهذا الذي يقول به الشيخ الألباني رحمه الله وفي الحديث الثاني يكون التكبير بين الركنين وبه يأخذ الشيخ العثيمين كما في شرح الممتع وغيره رحمه الله.
الحديث الأول : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد وإذا قام من القعدة كبر ثم قام . أخرجه أبو يعلى في مسنده. قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة : والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض .
الحديث الثاني : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ، ثم يكبر حين يركع ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ، ثم يقول وهو قائم ربنا لك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس) رواه البخاري ومسلم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
السائل : ابراهيم

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأقول للأخ السائل لا تعارض بين الحديثين كما يُتوهم عند البعض فقول الشيخ الألباني- رحمه الله – في السلسة الصحيحة في ثنايا تعليقه على حديث أبي هريرة بلفظ : ” كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام” – قال رحمه الله : “والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود، وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض . ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد التكبير من القعود إلى القيام”.
فقد توهم عند البعض أن مقصد الشيخ الألباني ، أنَّ السنة في تكبيرات الانتقال ، أنْ يكبر الإمام، وبعد أن يفرغ من التكبير، ينتقل إلى الركن الثاني. 
وهذا فهم خاطئ ، وإنما أراد الشيخ الألباني أن يبتدئ الإمام بالتكبير- وهو في الركن الأول- وليس أن يفرغ من التكبير كما فهم البعض ، ويدل على ذلك ، ما أخرجه البخاري , وأحمد , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ….. وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ) . فقوله : (وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ) , أي : عند ابتداء القيام , وبه فسره الحافظ في الفتح . قال الحافظ في “الفتح”:
قوله: “ثم يُكبّر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين” فيه أنه يَشرعُ في التكبير من حينِ ابتداءِ القيامِ إلى الثالثة بعد التشهد الأول، خلافا لمن قال إنه لا يكبّر حتى يستوي قائما.
وقال ابن حزم رحمه الله : “ونستحب لكل مصل أن يكون أخذه في التكبير مع ابتدائه للانحدار للركوع ومع ابتدائه للانحدار للسجود ، ومع ابتدائه للرفع من السجود ، ومع ابتدائه للقيام من الركعتين ، ويكون ابتداؤه لقول “سمع الله لمن حمده” مع ابتدائه في الرفع من الركوع ، ولا يحل للإمام البتة أن يطيل التكبير ، بل يسرع فيه ، فلا يركع ولا يسجد ولا يقوم إلا وقد أتم التكبير .. “
قال شيخنا ابن عثيمين – رحمه الله – في الشرح الممتع: “قوله (مكبراً) حال من فاعل (يركع) حال مقارنة، يعني في حال هويه إلى الركوع يكبر فلا يبدأ قبل، ولا يؤخر حتى يصل إلى الركوع، أي يجب أن يكون التكبير فيما بين الانتقال والانتهاء، حتى قال الفقهاء رحمهم الله: لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع فإنه لا يجزئه ؛ لأنهم يقولون: إن هذا تكبير في الانتقال فمحله ما بين الركنين، فإن أدخله في الركن الأول لم يصح، وإن أدخله في الركن الثاني لم يصح، لأنه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر، فالقيام لا يشرع فيه التكبير، والركوع لا يشرع فيه التكبير، إنما التكبير بين القيام وبين الركوع، ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر، لأن التكبير علامة على الانتقال، فينبغي أن يكون في حال الانتقال، ولكن القول بأنه إن أكمله بعد وصول الركوع أو بدأ قبل الإنحناء يبطل الصلاة ، فيه مشقة على الناس ؛ لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم لوجدت كثيراً من الناس لا يعلمون بهذا ، منهم من يكبر قبل أن يتحرك بالهوي ، ومنهم من يصل إلى الركوع قبل أن يكمل ، والغريب أن بعض الجهال اجتهد اجتهاداً خاطئاً ، وقال : لا أكبر حتى أصل إلى الركوع ، قال لأنني لو كبرت قبل أن أصل إلى الركوع ؛ لسابقني المأمومون ، فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع ، وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل إليه ، وهذا من غرائب الاجتهاد أن تفسد عبادتك على قول بعض العلماء ؛ لتصحيح عبادة غيرك الذي ليس مأموراً بأن يسابقك ، بل أمر بمتابعتك .
ولهذا نقول هذا اجتهاد في غير محله ، ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد “جاهلاً جهلاً مركباً” ؛ لأنه جهل ، وجهل أنه جاهل .
إذاً نقول كبر من حين أن تهوي ، واحرص على أن تنتهي قبل أن تصل إلى الركوع ، ولكن لو وصلتَ إلى الركوع قبل أن تنتهي ، فلا حرج عليك ، والقول بأن الصلاة تفسد في ذلك حرج ، ولا يمكن أن يعمل به إلا بمشقة” . اهـ
فالحاصل أن محل التكبير في الصلاة هو من بداية الانتقال إلى نهايته، فإذا هوى إلى الركوع يكبر في أثناء هويه، وإذا هوى إلى السجود يكبر في أثناء هويه ، وإذا رفع يكبر في أثناء رفعه ، ولا يكبر قبل الانتقال، ولا يكبر بعد تمام الانتقال، وإنما هذا في أثناء الانتقال، لكن لو نسي أو كان جاهلاً ولم يكبر إلا بعد أن انتقل، فإنه يعذر بذلك، ولكن مع التعمد فإن بعض العلماء يرى أنه لا يجزئ؛ لأنه فات محله. 
والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.