السؤال رقم (3019): مواضع رفع اليدين في الصلاة : 3/3/1439 هــ

مواضع رفع اليدين في الصلاة : 3/3/1439 هــ
س : عزيزي سماحة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يمكنك أن تخبرني، أصالة الحديث، أبو داود 748، الترمذي 257، سنن ألنسائي 1058؟ هذا فيما يتعلق رفع الأيدي فقط في بداية الصلاة. جزاكم الله خيرا. مع أطيب التحيات، رومان وحيد، دكا، بنغلاديش

الرد على الفتوى

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فأولاً: هذا الحديث الذي أشار إليه السائل أي حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: ” أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَصَلَّى فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً “، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَلَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ. وهذا ضعفه أئمة الحديث وحفاظه. فقد ضعفه عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل والبخاري والبيهقي والدارقطني وغيرهم.
ومثله ما رواه أبو داود عَنْ الْبَرَاءِ بن عازب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ) .
فقد ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والحميدي شيخ البخاري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين والدارمي والبخاري وغيرهم. وكذلك الآثار التي رووها عن بعض الصحابة في ترك الرفع كلها ضعيفة.
ثانياً: في مقابل ذلك جاءت نصوص أخرى صحيحة تثبت رفع اليدين في مواضع أخرى في الصلاة ومن ذلك: ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً عن النبي صلى الله علية وسلم (إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ). رواه البخاري وأبو داود.
ومعنى قوله {إذا قام من الركعتين رفع يديه}: أي إذا قام من التشهد الأول.
وقد عمل جمهور العلماء بهذين الحديثين، فقالوا باستحباب رفع المصلي يديه في هذه المواضع المذكورة في الحديثين. وقد صنف الإمام البخاري رحمه الله كتابا مفردا في هذه المسألة سماه (جزء في رفع اليدين) أثبت فيه الرفع في غير تكبيرة الإحرام، وأنكر إنكارا شديدا على من خالف ذلك.
ثالثاً: أما أحاديث رفع اليدين فلا ندري هل بلغت أبا حنيفة رحمه الله أو لم تبلغه، إلا أنها بلغت أتباعه، ولكنهم لم يعملوا بها، لأنها عارضت عندهم حديث البراء بن عازب وعبد الله بن مسعود المتقدمين وآثاراً أخرى رويت في ترك رفع اليدين فيما سوى تكبيرة الإحرام وكلها ضعيفة كما سبق.
رابعاً: إذا ثبت ضعف هذه الأحاديث والآثار في ترك الرفع ، فتبقى الأحاديث المثبتة للرفع لا معارض لها ، ولذلك ينبغي للمؤمن أن لا يترك رفع اليدين في المواضع الواردة في السنة ، وليحرص على أن تكون صلاته كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم القائل : (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري. ولذلك قال علي بن المديني – شيخ البخاري -: حق على المسلمين أن يرفعوا أيديهم عند الركوع وعند الرفع منه.
والله أعلم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمَّدٍ وعلى آله وصحبه.