السؤال رقم (1858) : حكم ميراث الوالد لأبنائه بعد وفاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.. توفي الأب تاركاً سبعة من الأبناء (خمسة ذكور وبنتان)، وبحكم عمله حيث كان يعمل مقاولاً بماله الخاص يبني العمارة ثم يؤجرها بالكامل تابع القانون القديم، ثم يبيعها، وهكذا قام في حياته بتزويج جميع الأبناء في شقق مؤجرة تابع القانون القديم في عماراته باماكن مختلفة، كل حسب وقت زواجه، وكل العمارات قام ببيعها ما عدا العمارة الأخيرة (محل الخلاف) ويقيم بها ثلاثة من الأبناء، تساوى الأبناء في أخذ شقق قانون قديم، ولكن هناك اختلافات كبيرة في قيمة كل شقة عن الأخرى حسب الموقع والمساحة والمستوى الاجتماعي والبيئي، ومنها ما وقع في ميراث الأبناء، ومنها ما وقع في ملك الغير من الناس:

السؤال الأول: هل يعتبر ما أخذه هؤلاء الأبناء جميعاً من الأب ميراثاً أم هبة، أم مساعدة فقط؟ واتفق الأبناء على أن الأبناء التي وقعت شققهم في الميراث يعتبروا كمستأجرين قانون قديم كباقي المستأجرين، وأن يقوموا بدفع إجارهم والتزاماتهم ثم يوزع إيراد العمارة كل حسب نصيبه الشرعي، وأن تعامل باقي الشقق التي يقوم إخلائها بإيجارها حسب القانون الجديد، والآن تم إخلاء إحدى الشقق بالعمارة وأراد أحد الإخوة الكن بها (خاصة وأنه اضطر لترك شقته المؤجرة له للمالك بسبب عدم ملائمتها للمعيشة)، فاتفق جميع الإخوة على أن تؤجر له تابع القانون الجديد من حيث السعر وتحديد المدة،وذلك علماً بوجود مخزن بنفس العمارة مؤجر تابع القانون الجديد، ومساحته حوالي شقة ونصف.

السؤال الثاني: هل هذا الاتفاق لتقسيم العمارة الميراث بين الأبناء جميعاً، هي التقسيمة الحلال شرعاً ـ أن البعض منهم مستأجرين تابع القانون القديم، والبعض الآخر ليس له نصيب بها، ولا يوزع بالعدل بين الأبناء جميعاً في العمارة سوى الإيراد فقط؟

ملحوظة: يوجد استحالة لبيع هذه العمارة لأنها مؤجرة تابع القانون القديم، ذلك القانون الذي يعطي الحق للمستأجر وورثته الحق في العين المؤجرة مدى الحياة وبنفس القيمة الإيجارية الثابتة منذ وقت كتابة عقد الإيجار، لقد تم الاتفاق بين الأبناء جميعاً بناء على ـ أنهم اعتقدوا تساوا جميعاً لأخذهم شقق إيجار قديم من الأب دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، وكأن هذه الشقق هي الميراث الفعلي.

الإخوة خارج العمارة لم يعرفوا أن من حقهم نصيب خاص لكل منهم (شقة) مثل باقي أخوتهم وهم بذلك الاتفاق قد تنازلوا عنه وهم محتاجين إليه، وأصبح الجميع شركاء في كل مكان يخلو بالعمارة، كما حال دون ذلك الحق أيضاً وجود القانون القديم للإيجار.

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما دام الإخوة والأخوات اتفقوا وتنازلوا عن بعض حقوقهم فاتفاقهم جائز، ولهم أن يقتسموا حسبما يريدون، لأن من حق الشخص أن يتنازل عن حقه لمن يشاء، ومادام هذا التنازل فيه مصلحة وليس فيه مضرة على أحد فهم على خير، وهذا من التعاون على البر والتقوى، والله جل وعلا يقول:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة:2). ولا ينبغي لهم أن يتعرضوا لما أجراه أبوهم ما داموا مقتنعين به حال حياته ولاسيما أنه أعطاهم جميعاً حسب حاجتهم، وليس لذلك علاقة بالميراث بل هو مساعدة حسب الحاجة. وفقكم الله لكل خير، وأعانكم على بر والدكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.