السؤال رقم (3348) : ما حكم الزواج بنية الطلاق ؟.
نص الفتوى: السلام عليكم .. سؤالي هو: ما حكم الزواج بنية الطلاق؟
(سيتم تدوين الإجابة في رسالة جامعية) .. شكراً.
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالزواج بنية الطلاق زواج توفرت فيه أركان النكاح وشروطه، ولكن أضّمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة، أو مدة مجهولة، كإتمام دراسته، أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله، أو نحو ذلك مع عدم علم الزوجة.
وقد اختلف الفقهاء في حكم هذا النوع من الأنكحة، فذهب أكثرهم إلى صحته.
وقالوا: إذا نكح المرأة نكاحًا صحيحًا، ولكنه نوى في حين عقده عليها ألا يمكث معها إلا شهرًا أو مدة معلومة فإنه لا بأس به، ولا تضره في ذلك نيته إذا لم يكن شرط ذلك في نكاحه.
قال مالك: (وليس على الرجل إذا نكح أن ينوي حبس امرأته إن وافقته وإلا يطلقها)(الاستذكار 5/507)، ومن أشهر من قال بصحة وجواز هذا النكاح سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز. حيث قال رحمه الله: (أما الزواج بنية الطلاق ففيه خلاف بين العلماء، منهم من كره ذلك كالأوزاعي، وجماعة، وقالوا إنه يشبه المتعة، فليس له أن يتزوج بنية الطلاق عندهم، وذهب الأكثرون من أهل العلم كما قال الموفق ابن قدامة في المغني إلى جواز ذلك إذا كانت النية بينه وبين ربه فقط وليس بشرط، كأن يسافر للدراسة أو أعمال أخرى وخاف على نفسه فله أن يتزوج ولو نوى طلاقها إذا انتهت مهمته، وهذا هو الأرجح إذا كان ذلك بينه وبين ربه فقط من دون مشارطة ولا إعلام للزوجة ولا وليها بل بينه وبين الله، فجمهور أهل العلم يقولون: لا بأس بذلك كما تقدم وليس من المتعة في شيء؛ لأنه بينه وبين الله، ليس في ذلك مشارطة)(مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (4/30).
القول الثاني: أنه نكاح غير صحيح، وهذا القول هو الذي ذهب إليه الإمام الأوزاعي (المغني لابن قدامة (7/179)، وبعض أصحاب الإمام أحمد ابن حنبل (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (8/163)، وابن حزم الظاهري (المحلى بالآثار (9/433).
وممن ذهب إلى هذا القول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية حيث قالت: (الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت،والزواج المؤقت زواج باطل؛لأنه متعة والمتعة محرمة بالإجماع، والزواج الصحيح:أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها، قال تعالى:[فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ])(فتاوى اللجنة الدائمة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (18/448).
وممن ذهب إليه أيضاً الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله حيث قال:(هذا النكاح بنية الطلاق لا يخلو من حالين: إما أن يشترط في العقد بأنه يتزوجها لمدة شهر أو سنة أو حتى تنتهي دراسته؛ فهذا نكاح متعة وهو حرام. وإما أن ينوي ذلك بدون أن يشترطه، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه حرام، وأن العقد فاسد؛ لأنهم يقولون: إن المنوي كالمشروط لقول النبي: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)، ولأن الرجل لو تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثًا من أجل أن يحلها ثم يطلقها، فإن النكاح فاسد، وإن كان ذلك بغير شرط؛ لأن المنوي كالمشروط، فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد هذا هو قول الحنابلة. والقول الثاني لأهل العلم في هذه المسألة أنه يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلد كهؤلاء الغرباء الذين يذهبون إلى الدراسة ونحو ذلك، قالوا: لأن هذا لم يشترط، والفرق بينه وبين المتعة، أن المتعة إذا تم الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى بخلاف هذا فإنه يمكن أن يرغب في الزوجة وتبقى عنده وهذا أحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وعندي أن هذا صحيح ليس بمتعة لأنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة لكنه محرم من جهة أنه غش للزوجة وأهلها، وقد حرم النبي الغش والخداع، فإن الزوجة لو علمت بأن هذا الرجل لا يريد أن يتزوجها إلا لهذه المدة ما تزوجته، وكذلك أهلها)( مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ع 3).
وهذا الزواج يختلف عن زواج المتعة؛ حيث أن نكاح المتعة ثبت تحريمه بنصوص السنة، وبإجماع أهل العلم على تحريمه، أما الزواج بنية الطلاق فلا دليل على حرمته أصلاً، ولا ذكر له على التخصيص في نصوص الشريعة أساساً لكن تنطبق عليه نصوص الغش والخداع والتغرير.
والذي أراه أن العقد صحيح لاكتماله لشروطه وأركانه، ولكن الزواج محرم ويأثم الزوج للغش والتغرير بالمرأة وولي أمرها، وقد رأينا آثار هذا النوع من الزواج وكيف شوّه هؤلاء صورة الزواج الحقيقي، وقد تضررت نساء كثيرات من هذا، بل أن بعضهم لما حملت المرأة بذل كل وسيلة لإسقاط الحمل، فكيف يكون الزواج شرعياً مع أن الحكم الشرعية للزواج لا تنطبق عليه.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.