السؤال رقم (3407) : هل أواصل كذبي وأستر على نفسي، أم أعترف لزوجتي وأقول لها الحق؟ بتاريخ 2/3/ 1436هـ
نص الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله , أنا شاب عمري 34 سنة، متزوج. ابتليت عافاكم الله بمصيبة العادة السرية،ورغم محاولاتي قبل وبعد الزواج للإقلاع لم أستطع التخلي عنها لضعف إيماني وتقصيري وقلة صدقي. وفي السنوات الأخيرة زاد مرض قلبي فأصبحت مدمنا على ممارسة الجنس عبر الشات والمواقع الإباحية وهو والله من أقبح أنواع الزنى حيث يفسد القلب أي مفسدة و يجعل منه فريسة سهلة لمصائد الشيطان ونزوات النفس. أسأل الله أن يعافي كل مؤمن من شر هذا البلاء الذي ورطت فيه نفسي. زوجتي لا تعلم شيئا عن هذه المصيبة، وهي مقتنعة أنني من الملتزمين الحافظين لفروجهم والغاضين لأبصارهم. وهذا جرم كبير ارتكبه في حق الله حيث يسترني ويمهلني ولكني لا أشكره وأتجرأ ثم أعاود السقوط في المعصية رغم علمي بأنها من الكبائر. ما زلت في صراع مع نفسي، أقلع، ثم أعود، ثم أحاول التوبة، ثم أسقط من جديد، فأفرط حتى أمل، فأعود من جديد لله، و هكذا. ورغم عجزي إلا أني عزمت أن يكون هدفي أن لا أيأس أبدا من التوبة ولو ضعف إيماني و قلّ، و أنا أنتظر بفارغ الصبر أن يتوب الله علي توبة نصوحا لأن كل توباتي الآن “فاشلة”، حتما لأني لم أطرق باب الله بالحرص والإلحاح والصدق الذي يرضيه. في الفترة الأخيرة، أصبحت أعمل خارج البلد وزادت فتنتي. أمضي قرابة الشهر بعيدا عن زوجتي، أرتكب فيها من المعاصي من استمناء وجنس على الانترنت ما يتفطّر له القلب (و رغم ذلك لم يستفق قلبي الغافل الميت حتى كرهت نفسي). سؤالي هو التالي: سألتني زوجتي ولأول مرة كيف أصنع خلال سفري الطويل إذا جاءتني شهوة؟ لو قلت لها الحقيقة لكشف أمري ولحق بيتي الخراب. فلم أعرف الرد. وقلت لها أني لا أفعل شيئا. أرادت أن تعرف إن كنت أستمني، فكذبت وقلت لا أفعل شيئا مخافة أن يحصل ما لا يمكن إصلاحه، وأن تكرهني (ولا ألومها على ذلك إن فعلت، فأنا استحق كل الكره) فتمضي باقي عمرها مكسورة القلب لأنها تحبني كثيرا (وهذه لا أطيقها لأنها لا تستحق ذلك وهي الطيبة الطاهرة) أنا في حيرة، لا أعرف في أي الحالات إثمي أكبر: إن كذبت وسترت، أم إن قلت الحقيقة وجهرت وكشفت ستر الله علي؟ فهل أواصل على كذبي وأستر على نفسي حتى يفتح الله علي وأتوب توبة نصوحا؟ أم أعترف وأقول لها الحق ولي جزاء ما كسبت على نفسي من نفور وكره وربما فضيحة؟ أفيدوني أجلكم الله. ربما اشمأززتم مني وهذا من حقكم، ولتعلموا مدى صبر الله على عباده العصاة، ولكن أرجوكم أعينوني بنصحكم فأنا في ورطة وبالكاد أجد للعيش مذاقا..أسأل الله أن يعافي كل شاب مسلم من مثل هذا البلاء. إخوتي في الله، احذروا، احذروا، من فخ الإنترنت واتقوا الله وفروا إليه وانجوا قبل فوات الأوان، فإن القلب إذا فسد لا يصلح، ولا يصلح حامله، إلا أن يأذن بذلك خالقه. سبحانه العزيز الجبار المتكبر. السائل : باحث عن الطريق
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولاً: أسأل الله جل وعلا أن يعافيك مما ابتليت به، وأن يعينك على تركه طاعة لله واستجابة لأمره، وخوفاً من عذابه، ورجاءً فيما عنده.
وثانياً: أنت ألجأت نفسك إلى الكذب على أهلك بسبب ما وقعت فيه من هذا الذنب، وبدلاً من أن تجاهد نفسك، وتصلح ما أفسدت تماديت ورتبت خطأ على خطأ.
وثالثاً: من خلال ما ذكرت يظهر أن عندك خيراً كثيراً، وفيك أيمان بالله كبير وإلا فالعاصي المُصرُّ في غالب الأحيان لا يستطيع الرجوع عما وقع فيه بسبب ضعف خوفه من الله، وعدم اكتراثه بما يترتب عليه الوقوع في الذنب.
وأوصيك أخي الكريم بمراقبة الله في حال خلوتك، وأن تعظمه وهو المطلع على أحوالك والناظر إليك، فلا تجعله أهون الناظرين إليك، وتذكر هذا الحديث العظيم عسى أن يردعك عما تقع فيه، فقد روى ابن ماجة عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً، قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم؟ قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها). وقوله صلى الله عليه وسلم(إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)، يدل على وقوعهم بكثرة في الذنوب الخفية ـ نعوذ بالله من ذلك ـ.
وعليك أن تتذكر نعم الله عليك من زوجة وأولاد وعافية، ومال، وغير ذلك، فلا تضيعها بسبب ذنوبك، وتذكر أن الموت قريب ولا يمنعك منه أحدٌ أبداً، وربما يأتيك وأنت على هذه الحال فما تقول لربك حين تقف بين يديه جل وعلا يوم العرض عليه، فعليك بالتوبة الصادقة النصوح، واندم على ما وقع منك، ولا ترجع مرة أخرى إليه، فإذا صدقت مع الله، وأصلحت حالك وجاهدت نفسك أعانك جل وعلا وصرف عنك هذا البلاء العظيم. وعليك أن تشغل نفسك بما ينفعك لأن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.
وألح على الله تعالى في الدعاء بأن يصلح قلبك، لأنه إذا صلح قلبك صلحت جوارحك، وإذا صلحت جوارحك صلحت أعمالك. أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يعيذك من شر نفسك، ومن شر الشيطان وشركه، وأن يصرف عنك هذه الفتنة، وأن يحصن فرجك، وأن يقوي إيمانك وخوفك منه جل وعلا.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.