السؤال رقم (3428) : هل كل الأعمال التي عملتها بنية الفوز بالجنة تكون سبباً في تكفير ذنوبي ؟بتاريخ 15 / 7 /1436هـ

نص الفتوى: أنا بنت عمري 17 سنة.. حقيقةً أنني لم أكن أعرف الكثير عن أمور ديني، وما هو الحلال من الحرام إلا القليل! وقد غلبتني شهوتي ومتعتي حيث تعرفت على شاب من إحدى موقع التواصل الاجتماعي، في البداية كنت مترددة ولكن استمريت معه وتطورت علاقتنا وأحببنا بعضنا جداً، لم أكن أعرف أنه لا يوجد شيء في الشرع اسمه صداقة بين شاب وبنت وإلا كان الشيطان ثالثهما، فكيف بعلاقة! وتطورت هذه العلاقة وأستغفر الله عملنا فواحش، وكل ما يعمله الزوج بزوجته (زنا) وذلك أنه أرسل لي صوراً من جسمه وفيديوهات وهو شالح وأنا اتبعت شهوتي وضعفي وكان همي إرضائه، فأرسلت له بالمثل صوراً ومقطعاً لجسمي بدون ظهور وجهي وصوتي (كلمته صوت مرتين) وكنت سعيدة أنني أرضيته ولم أكن أفكر في ربي ولا ديني ولا أهلي، وفى يوم من الأيام شعرت بندم في داخلي، كل مرة نفسي تؤنبني وتردعني وأحس أنني أعمل كبيرة وشيء خطير، وضميري يعذبني، لم أكن أعرف سبب تعذيب ضميري في البداية، لكنني كنت أتعذب من نفسي اللئيمة! قررت أن أترك هذا الشاب فهو لم يرغب بالزواج مني وإلا كان دق أبواب بيتي ليخطبني ولكنني كنت غافلة، “فالحب أعمى”، “أعماني تماماً فقد خطبت له أمه فتاة أخرى غيري وهو قد رضي بها غصباً عنه، وعرفت أن الفراق بيني وبينه صار واجب ـ وتركته وصبَّرت حالي ـ ومرت شهور وأنا أدعو الله أن يسعده وبكل شيء حلو يعطيه إياه لأنه أسعدني جداً صراحة بغض النظر عما فعله.
المشكلة: بدأت أستغفر الله وأتقرب إليه وأصلي السنن وأقوم الليل من أيام والحمد لله وزادت رغبتي بالتقرب إلى الله وقراءة القرآن والحمد لله وأقوم بإسعاد من حولي طمعاً في أن يسعدني ربي مثل ما أسعدتهم، ولكن كان هذا كله بنية الفوز بالجنة ورضا الله، ونسيت الزنا الذي عملته، لم أستغفر ربي بنية أن يغفر لي!! كنت أعتبر هذه الشغلة انتهت وأنه لا كفارة لها ولم أعرف أنها زنا حتى…. هل الأعمال الصالحة التي عملتها من صلاة وقيام ليل وغيرها تكفر ذنبي من (الزنا) وأنا لم أنوى لها؟ وهل كل أعمالي التي عملتها بنية الفوز بالجنة تكفر ذنبي فقط؟ أقصد الأعمال التي عملتها بنية دخول الجنة تكفر ذنبي فقط ! أرجو أن تشرحوا لي فأنا لا أفهم كثيراً في الدين. السائلة : لمسة

الرد على الفتوى

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلمي ابنتي الغالية ـ حفظك الله من كل سوء ومكروه ـ أن الله جل وعلا خلق ابن آدم ضعيفاً، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ..}(الروم: الآية54)، وقال تعالى:{ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}(النساء: الآية 28)، فهو يعتريه الخطأ والنسيان والزلل لضعف نفسه التي بين جنبيه، وكذا جهله بدينه وعظمة ربه جل وعلا.
وما دمتِ أنكِ استدركتِ أمركِ، ورجعتِ إلى رشدكِ، واستيقظتِ من غفلتكِ، واستغفرتِ ربكِ، وقطعتِ علاقتكِ بهذا الشاب، وأقبلتِ على الطاعة ولزمت ذكر الله والاستغفار فأبشري بالخير، ولا تدعي تلك الوساوس والخطرات التي يلقيها الشيطان في روعكِ سبيلاً إلى اليأس من رحمة الله، وأحسني الظن بالله تعالى فهو أرحم بك من نفسك التي بين جنبيك، وهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده مهما بلغت ذنوبهم، وتذكري قوله تعالى:{ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(الزمر: الآية 53)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة تبارك وتعالى أنه قال:( يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة) (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
ووصيتي الأخيرة لكِ أن تبتعدي عن كل الأسباب التي توصلكِ إلى معصيةِ الله وغضبه، وأن تقطعي علاقتكِ بكل من كان سبباً في بعدكِ عن الله، واحرصي على برِّ والديكِ، وصلة الأرحام، والمحافظة على الصلوات في وقتها، والإكثار من النوافل، وألحي على الله بطلب الهداية والزيادة من الإيمان والاستقامة على دينه فبذلك تنالين الخير في الدنيا والآخرة.
أسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.