السؤال رقم (1951) : حكم طاعة الأبوين في اختيار الزوجة بتاريخ : 8 / 5 / 1438هـ
السؤال رقم ( 1951): شاب له والد يؤذيه إيذاء شديدا بلسانه إضافة إلى أفعاله هذا الولد ظلم ابنه هذا وقت زواجه لأنه كان يريد أن يزوجه امرأة معينه وهذا الشاب لم يكن له فيها رغبة فتزوج غيرها وظلم ابنه في تعليمه حيث لم يساعده بالنفقة الواجبة عليه مما أدى به إلى عدم إكمال تعليمه وغير ذلك من الإيذاء وهذا الشاب الله جل وعلا وسع عليه بالمال ولكنه من بره بوالده لم يكافئ هذا الظلم بالظلم بل أكرم أباه واشترى له سيارة ويعطيه المال ليخرج إلى الحج والعمرة مرارا وتكرارا ويتكفل له بالطعام والشراب ويساعد إخوته في زواجهم وقضاء حوائجهم والأن هذا الوالد يعيش في نعيم بسبب هذا الشاب إلا أن والده لا زال يعامله بظلم لا يكاد يطيقه ويريد أن يتحكم في ماله ويريد أن يعطيه مالا كما يشاء فوق الطعام والشراب ويأخذ مالا بالألاف المؤلفة من هذا الشاب وتحدث خلافات كثيرة بسبب والده بسبب هذا المال فمثلا قطعة أرض ملك لهذا الشاب يريد أن يبيعها وأبوه لا يريد بيعها مع أنها ملك لهذا الشاب ويظل يدعوا عليه ويشكوه إلى الناس مع انه يريد أن يبيعها ليقضى حاجته ويخاصمه أبوه ويقول له أنت لست ابني ولا أعرفك ولا تدخل على بيتي فهذا الشاب نزل على رغبة والده واشتراها منه أبوه بسعر أقل من الثمن الذى باعها به من قبل مع أن هذا الشاب عرض على والده أن يشتريها منه ورفض وقال له لن أشتريها ولا تبيعها وغير ذلك من المشاكل الكثيرة لكنه من المؤسف أن هذا الشاب كلما ينزل على رغبة والده والده لا يهدأ بل يخترع له شيئا جديدا واخرها هذا الشاب عنده مصنع من خالص ماله يريد منه والده أن يقسم المصنع عليه وعلى إخوته وعلى نفسه ويقول له أنا غير راض عنك ولن يرضى عنه والده ويأذن له بالدخول عليه إلا إذا قسم المصنع فهذا الشاب يسأل هل يجوز له أن يقاطع والده لأنه تأذى منه كثيرا مع العلم أنه سيرسل إليه النفقة لأنه لا يعمل وإن كان لا يجوز أن يقاطعه فكيف يتعامل معه فهذا الشاب إن ذهب إليه يطرده من البيت أرجوا سرعة الرد بارك الله فيكم وأعتذر على الإطالة
السائل : عمرو
الرد على الفتوى
الجواب :الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . أما بعد:
فأولاً : للأب أن يأخذ من مال ولده ، ما احتاج إليه ، إذا كان لا يضر بالابن .
لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) . رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولادَكم هبةُ اللهِ لكم ، يهَبُ لمن يشاءُ إناثًا ويهَبُ لمن يشاءُ الذكورَ ، وأولادُكم وأموالُهم لكم إذا احتَجتم إليها . رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني في ” السلسلة الصحيحة .
وهذا الأخذ مشروط بشروط بينها الفقهاء ، قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين :
أحدهما : أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر . نص عليه أحمد ، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه ، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى . وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف , فأخذها , وأنفقها في سبيل الله , وقال للزوج : جهز امرأتك .
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه ” انتهى.
فإذا احتاج الأب للمال فله أن يأخذ من مال ولده ، فينفق على نفسه وعلى من يعول ، بشرط ألا يضر بالابن وألا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته ، كسيارته التي يركبها ونحو ذلك
ثانياً : مع قسوة الأب ، وغلظته ، بل ولو كان معهما كفر بالله تعالى : فإن الله تعالى قد أمر ببرِّه ، والتلطف في معاملته ، ولا يستثنى من ذلك إلا الطاعة في المعصية ؛ فإنها تحرم على الأولاد أن يفعلوها .
ثالثاً:
إن لوالدك عليك حقّاً عظيماً في البر والمصاحبة بالمعروف، وإن أساء إليك، فعليك أن تبقى على حسن التعامل معه ،ويجب عليك أن تداوم على برِّك وإحسانك له ولاخوانك ، ولو أساؤوا إليك وآذوك. قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/ 23 . وقال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 .
والذي ننصحك به:
1. الصبر والاحتساب على ما أصابك من والدك، قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة/45.
2. الإحسان إليه ، وعدم رد الإساءة بمثلها .
3. الابتعاد بالكلية عن كل ما يغضبه ، ويسبب له الاحتقان ، من أفعال ، وأقوال منكم .
4. الحرص على هدايته ، وتعليمه ، ووعظه ، ونصحه ، بالطرق المناسبة له ، كإسماعه شريطاً ، أو إهدائه كتاباً ، أو التنسيق مع دعاة لزيارتكم ، والتعرف عليه ، أو غير ذلك مما يناسب حاله ، وبيئتكم .
4. الدعاء له بالهداية ، والتوفيق .
والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.