السؤال رقم (4193) : أكل طعام أهل الكتاب.
نص السؤال: السلام عليكم .. أريد توضيح أكثر عن قوانين الحمية في الإسلام، يواجه الذين يعيشون في البلاد الغربية تحديات يومية ليجدوا الطعام الحلال الملائم، ولكن بحسب الفتوى التي كتبت في هذا الموضوع فإنه من الجائز أن يشتري الفرد لحماً من المتجر المحلي، بما أنه من الواضح أن المجتمع الغربي نصاري وهو يدخلون تحت مسمى (أهل الكتاب) فهل يجوز أكل الطعام من أي مطعم أو سلسلة محلات الأكلات السريعة الجاهزة مثل ماكدونالدز أو أن يشتري من البقالات المحلية؟ بما أنه من الصعب حقاً أن تعرف شيئاً عن المجزرة مثلاً التي تحصل منها محلات ماكدونالدز على لحومها، هل هناك بأس من اعتبار أن هذا هو طعام أهل الكتاب؟ هذا التحدي يواجه الملايين من المسلمين في الغرب كل يوم، فهل يمكن أن تكون الفتوى أكثر وضوحاً لما يمكن اعتباره وما لا يمكن اعتباره من طعام أهل الكتاب؟ فهل كوننا في كندا أو الولايات المتحدة نعتبر كضيوف في بلاد أهل الكتاب؟ أخيراً إذا كان أهل الكتاب مثل النصارى لا يذكرون أي اسم قبل ذبح الحيوان فهل يمكن اعتبارهم من أهل الكتاب؟
الرد على الفتوى
الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فمعلوم أن طعام أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى حكمه الحل والإباحة بالإجماع ما لم يعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق ونحوه، لقول الله سبحانه (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)(المائدة:5)، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه: {لما ذكر تعالى ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث وما أحله لهم من الطيبات قال بعده:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ)، ثم ذكر حكم ذبائح أهل الكتابين من اليهود والنصارى فقال: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)، قال ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول وإبراهيم النخعي والسدي ومقاتل بن حيان: يعني ذبائحهم.
وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن ذبائحهم حل للمسلمين، لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عنه، وقد ثبت في الصحيح أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية وقد سموا ذراعها، وكان يعجبه الذراع فتناوله فنهش منه نهشة، فأخبره الذراع أنه مسموم فلفظه، وأثر ذلك في ثنايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبهره، وأكل معه بشر بن البراء بن معرور فمات، فقتل اليهودية التي سمتها، وكان اسمها زينب فقتلت ببشر بن البراء، ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه عزم على أكلها ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا، وفي الحديث الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة يعني ودكا زنخا. وهذا يدل على أن ذبائح أهل الكتاب حلال للمسلمين، وهكذا شحم ذبائحهم، وعلى ذلك فيجوز في حق المسلم أن يأكل من طعامهم إلا ما علم فيه أنه ذبح بالخنق وغيره كما ذكرنا آنفاً، وأيضاً لا يأكل لحم الخنزير لما ورد في تحريمه، وعلى المسلم أن يتقي الله بقدر استطاعته، وأن يتحرى طعامه وشرابه حتى لا يقع فيما حرم الله. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.