السؤال رقم (641) : ماذا أفعل لكي أكفر عن ذلك الذنب؟
السؤال: أنا شاب أعمل محاسباً لدى شركة مصرية مساهمة (يوجد به حوالي 5 أو 6 شركاء منهم شركتان أحدهما في مصر والآخرى في بلد عربي).
وفي نهاية السنة المالية وأثناء مراجعة الحسابات وإعداد الميزانية والمصادقات مع الموردين والعملاء كان يوجد اختلاف في الحسابات بيننا وبين مورد فكان رصيد الحساب لدينا أقل من الرصيد الذي لديه بمعنى أنه يطلبنا بمبلغ أكبر من المسجل لدينا فقمت بمراجعة الحساب بعدما أرسلوا إلينا بياناً بالفواتير المرسلة والشيكات المستلمة منا (بيان مكتوب بخط اليد وغير منظم).
مع العلم بأن بعض الفواتير التي كانت ترسل إلى الحسابات يتم التعديل عليها بخصم بعض الكميات منها من قبل مهندسي الموقع عند استلام البضاعة نتيجة أنها أحياناً تكون بها بعض الهدر أو غير جيدة (البضاعة عبارة عن بلاط يستخدم في رصف الشوارع بالمدن الجديدة وحجر) ويتم اعتماد الخصم من قبل مدير المشروع.
وهذا الخصم في بعض الأحيان لا تعلم به الشركة الموردة نتيجة عدم المراجعة وأيضاً إن الشركة الموردة كانت تأخذ دفعات من تحت الحساب أي لا يتم سداد فاتورة فاتورة….
فاكتشفت أنه توجد فاتورة غير مسجلة في حساب المورد ولكنه قد تم دفع جزء من هذه الفاتورة وهذا الدفع لم يكن مسجلاً في حساب المورد وإنما في حساب آخر اسمه أوراق الدفع وبعد عملية مراجعة غير دقيقة جداً ونظراً لضغط العمل تمت الموافقة على سداد باقي هذه الفاتورة حيث أنها كانت تمثل مبلغ الفرق في الحساب بيننا وبين المورد (ملاحظة الحسابات عندنا في الشركة كان بها بعض الأخطاء) ولكنني بعد فترة اكتشفت أن الجزء الذي كان غير مدفوع من هذه الفاتورة كان مسدداً ومسجلاً في حساب أخر اسمه أوراق دفع وذلك بعد الموافقة على سداد باقي قيمة الفاتورة للمورد وأخذ مصادقة على الحساب بعد إضافة هذا الفرق كل ذلك بسبب عدم دقة الحسابات وعدم مراجعة الحساب بيننا وبين المورد لمدة أكثر من3 سنوات (لم أكن موجوداً بالشركة في كل تلك المدة، حيث إنني استلمت العمل منذ 5 شهور أي في شهر 6/2004 وتاريخ ترك العمل شهر 8/2005) وكانت عملية الشراء والسداد كثيرة وبعض الفواتير لم تكن مسجلة على حساب المورد وإنما يتم تحميلها على حساب التكلفة مباشرة (تكلفة المشروع) ومنذ ذلك الحين شعرت بالصدمة إذ كيف أخبر رئيسي ومديري بذلك؟
وخفت أن أخبر أحداً بذلك الأمر وبعد ذلك بفترة تركت العمل وانتقلت إلى عمل آخر وكلما أتذكر ذلك أشعر بالذنب والمعصية والندم أرجو منكم أن تقولوا لي ماذا أفعل لكي أكفر عن ذلك الذنب مع العلم بأن المبلغ كان كبيراً حوالي ثلاثون ألف جنيه مصري وهل توجد أدعية للتكفير عن ذلك الذنب؟
ولقد علمت إن الله يغفر جميع الذنوب مع التوبة الصادقة الندم وعدم العودة إلى المعصية إلا الذنوب التي يترتب عليها حق الآدمي ماذا أفعل؟؟ وأذكرك بالحديث الأتي وهو عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي) صححه الألباني في صحيح الترمذي وأيضاً بالدعاء الآتي.
\”اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوا عنا\” فهل يعفو الله عني ويسامحني ؟؟؟؟؟؟
وأنا لا أريد أن أفضح نفسي… هل هذا المبلغ أصبح دينا ملزماً بسداده علماً بأن هذا الخطأ الذي ترتب عليه سداد شركتي لهذا المبلغ للمورد كان نتيجة عدم الخبرة الجيدة وضغط العمل ولا أريد بذلك بأن أعلق الخطأ على الظروف فالخطأ خطأي وإذا كان كذلك وأن لا أستطيع أن أدفعه الآن فهل يقبل مني الله الصلاة والصوم وقيام الليل في رمضان والصدقات والزكاة باقي الأعمال الصالحة؟؟؟؟
مع العلم أيضاً بأنني نادم أشد الندم ولا أستطيع أن أخبر أي شخص بذلك وأنني قد عاهدت الله بأنني إذا استطعت أن أسدده سوف أفعل إذا أكرمني بالسفر للخارج أو العمل بوظيفة بمرتب كبير؟؟؟ وأدعوا الله بأن يرزقني رزقاً حلالاً طيباً حتى أستطيع أن أسدد به هذا المبلغ وأبرأ ذمتي منه أمام الله وأرجو أن ألقي ربي وقد غفر لي هذا الذنب،،، (كيف أقوم بسداد هذا المبلغ إن شاء الله إذا أكرمني ومنَّ عليَّ بالرزق بدون أن أفضح نفسي أو أدخل في أي مشاكل مع أصحاب الشركة مع العلم بأن بعض الشركاء قد باعوا حصصهم (الأسهم التي يمتلكوها في الشركة إلى مساهمين /شركاء جدد).
والله على ما أقول شهيد ويعلم ما بنيتي..
(وأريد أن أخبرك بأن هذا الخطأ جعلني أدقق جيداً في عملي وأُراجع أي حساب مطلوب مني مرة واثنين ولا أتسرع في عملية المراجعة وإعداد أي حساب وجعلني أيضاً أواظب على الصلاة في أوقاتها قدر المستطاع ولا أترك أي صلاة من الصلوات الخمسة المكتوبة وجعلني ألزم الاستغفار والدعاء دائماً لعل الله يكرمني ويساعدني في سداد هذا الدين الناتج عن خطأي).
الرد على الفتوى
الجواب:
فأوصيك أخي الكريم أن تخبر إدارة الشركة التي كنت تعمل فيها بهذا الخطأ وتشير عليهم بسحب المبلغ الذي تم دفعه للمورد عن طريق الخطأ، وما دامت المعاملات جارية بين الشركة والمورد فيمكن لأصحاب الشركة إشعار المورد بهذا المبلغ ليتم خصمه من مال المورد حتى تبرأ ذمتك أمام الله تعالى، لقول الله تعالى:[إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا](النساء:58)، وقوله:(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(المؤمنون:8).
وأما خوفك من الافتضاح فهذا أمره سهل حينما تعلم أنه إذا لم تؤدى الحقوق إلى أهلها في الدنيا اقتص الله لكل ذي حق حقه، فمن ظلم أحداً أو اعتدى عليه أو أكل ماله أخذ من حسناته بقدر مظلمته مع ما يكون من الفضيحة على رؤوس الأشهاد بهذا الظلم الذي وقع فيه العبد، واستمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(رحم الله عبدا كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فجاءه فاستحله قبل أن يؤخذ وليس ثم دينار ولا درهم فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته وإن لم تكن له حسنات حملوا عليه من سيئاتهم)(صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ج7 رقم3265).
فإذا حصلوا هذا المبلغ من المورد فقد برئت ذمتك لأنك كنت سبباً في إرجاعه إليهم، وأما إذا لم يوافق المورد على إرجاعه وعلم أنه حق لهم فهو في ذمته، وأما إذا أنكر أخذه فهو راجع إليهم إما أن يسامحوك عن هذا المبلغ وإما ألا يسامحوك، فإذا لم يسامحوك فهو في ذمتك تقضيه لهم بحسب ظروفك واتفاقك معهم على رده على فترات معينة، وأما الشركاء الآخرون الذين تركوا الشركة فلهم الحق في هذا المبلغ بقدر نصيب كل واحد منهم في راس مال الشركة.
أعانك الله على كل خير، ويسر لك أمرك، وفرج همك وأذهب غمك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.