السؤال رقم (3930) : ما رأي فضيلتكم في تقنين الشريعة

السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. فضيلة الشيخ. ما رأي فضيلتكم في تقنين الشريعة أو ما يسمى بقانون أحكام الأسرة أو قانون الأحوال الشخصية ؟ و جزاكم الله خيرا

الرد على الفتوى

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن كان المقصود بالتقنين تيسير الفقه، وتبسيطه، وإيضاحه بعباراتٍ موجزةٍ واضحةٍ لا غموض فيها فهذا لا بأس به، وهناك جهود كثيرة في هذا الميدان، وإن كان المراد به حصر الناس في مواد محددة، وإلزام القضاة وغيرهم بها، ومنع الاجتهاد في النوازل، والقضايا المستجدة فهذا لا يجوز، بل ولا يمكن؛ لأن الناس يختلفون في أفهامهم، واجتهاداتهم، وإذا كان الصحابة _رضي الله عنهم_ اختلفوا في بعض المسائل وهم الذين سمعوا الأمر من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ مباشرةً فكيف بغيرهم ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: \”لا يصلين أحدٌ منكم العصر إلا في بني قريظة\” وفي الطريق اختلف الصحابة، فمنهم من صلى في الطريق، وقالوا إن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أراد أن نستعجل في خروجنا ولا يجوز أن نؤخر الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال، وهؤلاء أخذوا بمفهوم الأمر، وبعض الصحابة قالوا: لا نصلي حتى نصل إلى بني قريظة، وهؤلاء أخذوا بظاهر الأمر، وأقر الرسول _صلى الله عليه وسلم_ هؤلاء وهؤلاء وهذا دليلٌ صريحٌ على أن الإلزام بمواد معينة، والحجر على اجتهاد العالم في هذا الباب لا يجوز، وبهذا يتبين الفرق بين تيسير الفقه، وجعله في متناول عامة الناس، وبين الإلزام بمواد معينة، والحجر على المجتهدين ألا يتجاوزها، فإن كان من الأول فلا بأس به، وإن كان من الثاني فهو ممنوع.
وفقنا الله لتحكيم شرعه، والعمل بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.