السؤال رقم (3863)) : هل يجوز أكل طعام اليهود والنصارى هذا الزمان أو التزوج منهم ؟؟
السؤال:
هل يجوز أكل طعام اليهود والنصارى هذا الزمان أو التزوج منهم وحيث أنهم في هذا الزمان لا نستطيع أن نطلق عليهم أهل الكتاب لأنهم ازدادو في تحريف الكتاب ولكن يطلق عليهم كفار فهل يجوز التزوج منهم في هذا الزمان أو الأكل من أكلهم أو الشراب من شرابهم وماذا عن الذبائح التي يذبحونها؟
الرد على الفتوى
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمعلومٌ أن طعام أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى _ حكمه الحل والإباحة بالإجماع ما لم يعلم أنها ذُبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق ونحوه؛ لقول الله _سبحانه_: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) [المائدة: 5] وقال الحافظ ابن كثير _رحمه الله_ في تفسير هذه الآية ما نصه: \”لما ذكر الله _تعالى_ ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث وما أحله لهم من الطيبات قال بعده: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ) ثم ذكر ذبائح أهل الكتابين من اليهود والنصارى فقال: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) قال ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول وإبراهيم النخعي والسدي ومقاتل بن حيان: يعني ذبائحهم.
وهذا أمرٌ مجمعٌ عليه بين العلماء أن ذبائحهم حل للمسلمين؛ لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله وإن اعتقدوا فيه _تعالى_ ما هو منزَّهٌ عنه، وقد ثبت في الصحيح أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ شاة مصلية وقد سموا ذراعها، وكان يعجبه الذراع فتناوله فنهش منه نهشة، فأخبره الذراع أنه مسموم فلفظه، وأثر ذلك في ثنايا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وفي أبهره، وأكل معه بشر بن البراء بن معرور فمات، فقتل اليهودية التي سمتها، وكان اسمها زينب فقتلت ببشر بن البراء، ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه عزم على أكلها ومن معه، ولم يسألهم هل نزعوا ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا، وفي الحديث الآخر أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة يعني: ودكاً زنخاً، وهذا يدل على أن ذبائح أهل الكتاب حلالٌ للمسلمين، وهكذا شحم ذبائحهم.
وعلى ذلك فيجوز في حق المسلم أن يأكل من طعامهم إلا ما علم في أنه ذبح بالخنق وغيره _كما ذكرنا آنفاً_ وأيضاً لا يأكل لحم الخنزير؛ لما ورد في تحريمه، وعلى المسلم أن يتقي الله بقدر استطاعته، وأن يتحرى طعامه وشرابه حتى لا يقع فيما حرم الله.
وأما الزواج منهم فالأصل في الجواز إذا توفرت الضوابط الشرعية المطلوبة، قال تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) [المائدة: 5] أما إذا اختلت الضوابط الشرعية فلا يجوز الزواج منهم، ومن ذلك أن يكون في نظام البلد الذي يتزوج منه المسلم أن الأولاد يتبعون أمهم أو لا يخرجون من بلدهم، أو الإقرار والموافقة على أنظمة تخالف الشرع المطهر، هذا كله مما يمنع الزواج من هؤلاء، ثم إن ما يترتب على هذا الزواج من تخلّق الأولاد بأخلاق أمهم، وبعدهم عن أبيهم يجعل هذا الزواج في الغالب لا يحقق أهدافه الشرعية، ولعل في النساء المسلمات كفاية عن هذه الكتابيات التي يجلب الزواج منهن الشر والعار، ولا يطمئن المسلم لطهارتها، ووفائها، ومحافظتها على عرضها.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.