السؤال رقم (3861) : مامدى صحة هذه الأقوال…

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.. ماصحة من يقول: أول شيء خلقه الله القلم \”ليرسم به الله السماوات والأرض والشمس.. قتل قابيل أخوه هابيل بفك حمار.. خطيئة سيدنا نوح عليه السلام طوال حياته أنه نظر إلى كلب وقال في داخله ما أقبح هذا الكلب فرد عليه بما معناه \”أخلق أفضل منه إن أستطعت\”؟؟

الرد على الفتوى

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأما القول الأول: فإنه باطلٌ؛ لمخالفته قول النبي _صلى الله عليه وسلم_ في الحديث الذي رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت _رضي الله عنه_ قال: سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: \”إن أول ما خلق الله القلم؛ فقال: اكتب، قال: ربِّ وماذا أكتب؟ فقال: اكتب مقادير كل شيءٍ حتى تقوم الساعة\” يا بني فإني قد سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: \”من مات على غير هذا فليس مني\” [رواه أبو داود في سننه وصححه الألباني في سنن أبي داود 4/225 رقم 4700].
وأما القول الثاني: أن قابيل قتل أخاه هابيل بفك حمار فهذا لم يرد به الدليل، ولكن ورد في كتب التفسير أقوالٌ منها ما ذكره الطبري في تفسيره، قال: \”أنه رفع عليه صخرة فشدخ بها رأسه فمات\” وفي تفسير ابن كثير: \”أنه قتل أخاه بحديدة\” وفي تفسير القرطبي: \”أنه قتله بحجر\” وكل هذه التفاسير اجتهادٌ من أئمة التفسير _رحمهم الله_ وإلا فلم يرد دليلٌ صحيحٌ صريحٌ يبين لنا بما قتل قابيل هابيل.
والأولى للمسلم ألا يسأل عما لا طائل منه؛ لأنه لا يعود عليه بفائدة، وما دام أن الله _تعالى_ لم يذكر ذلك في كتابه، ولم يوضحه رسوله _صلى الله عليه وسلم_ فالأولى عدم التكلف في معرفته.
وأما القول الثالث: عن خطيئة سيدنا نوح _عليه الصلاة والسلام_ فهذا افتراءٌ عليه، ولا يجوز الكذب على رسل الله وأنبيائه؛ لأنهم معصومون، ولا يحل لمسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في أحدٍ من الأنبياء إلا بعلم، ويستند إلى دليلٍ من الكتاب أو صحيح السنة، ونوح _عليه الصلاة والسلام_ كان يدعو قومه طيلة تسعمائة وخمسين عاماً إلى التوحيد وترك الشرك، والتمسك بطاعة الله والبعد عن معصيته، فهل يليق به أن يفعل أو يقول ذلك _سبحانك هذا بهتانٌ عظيم_.
وأوصي إخوتي المسلمين بتحري الحق فيما يقولون ويفعلون، والبعد عن الخرافات والأقاويل الكاذبة التي يروجها المبتدعة من الصوفية وغيرهم، وليحذر كل مسلم من ترويج هذا الكلام؛ لقول الله _تعالى_: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15] وقوله: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 144] وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: \”ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت\” [رواه البخاري ومسلم].
نسأل الله _تعالى_ أن يعصمنا وإياكم من القول عليه بغير علم، وأن يحفظ ألسنتنا من الكذب وقول الزور. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.