السؤال رقم (3854) : انتشرت فتوى في بلدنا أفتاها لهم رجل مفكر …أرجو الرد المفصل.

السؤال:
فقد انتشرت فتوى في بلدنا أفتاها لهم رجل مفكر وقد أحدثت ضجة وبلبلة بين الناس فأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا الحق والصواب وجزاكم الله خيراً يقول المدعي: أنه يجوز للصائم أن يدخن في نهار رمضان وأن التدخين ليس من مفطرات الصيام. 1 _ لأنه لا يوجد نص صحيح صريح في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يدل على أن التدخين من المفطرات ومن قال بهذا مطالب بالدليل. 2 _ من يقول أن للدخان جرم فينبني على قوله أن من شم عوادم السيارات و أبخرة المطاعم و عوادم المصانع أن صيامه قد بطل. 3 _ وإن قلنا أن له جرم فأن هذا الجرم لا يصل إلى الجوف وإنما يصل إلى الرئتين كما يقول بهذا الأطباء. 4 _ أن الدخان ليس من جنس المغذيات. 5 _ أن هذا القول فيه تيسير للأمة لأن من الناس من يترك الصيام من أجل التدخين، فنحن نقول له صم ودخن وهذا من باب ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، وكذلك من الناس من لا يستطيع أداء عمله على الوجه المطلوب لأنه معتاد على السجائر فيكون هذا القول معينا له على العمل بالإضافة إلى أنه لا يبطل صيامه. فأرجو الرد المفصل على هذه الشبهة وبان عورها لنشر هذا الرد بين الناس وفقكم الله لما يحب ويرضى.

الرد على الفتوى

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلم أخي الكريم أن من قال بغير علمٍ _ فقد باء بسخط الله وأليم عقابه، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 33] وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 144] وقال تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) [النحل: 116] وغير ذلك من الآيات الدالة على تحريم القول على الله بغير علم.
ولقد جاءت الشريعة الإسلامية آمرة بحفظ الضرورات الخمس، وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ولذا فقد حرم الشارع الحكيم كل ما يضر الإنسان به نفسه أو غيره؛ لقوله تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: 157] ومعلوم أن الدخان من الخبائث؛ حيث ثبت طبياً ضرره الكبير على حياة الإنسان، والله _جل وعلا_ نهى عن قتل النفس والإضرار بها؛ لقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء: 29] ووجه النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى ذلك بقوله: \”لا ضرر ولا ضرار\” [رواه مالك في الموطأ والحاكم والبيهقي والدار قطني وابن ماجه] وغير ذلك من النصوص التي تشير إلى حفظ النفس وعدم إهلاكها، ومن هذا الباب جاء تحريم الدخان تحريماً مطلقاً، وقد أجمع الفقهاء على أن الدخان بجميع أنواعه مفطر للصائم إذا تعاطاه؛ حيث أثبتوا أن له جرماً يصل إلى جوف شاربه، والذين يتحايلون على النصوص من أجل تحليله للناس إنما غلبهم الهوى والشيطان وسول لهم أن يقولوا أنه غير مفطر، وقد ذكر النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن سيكون في آخر الزمان قوم يفتون الناس بغير علم فيضلون ويضلون، وقد قال الله _تعالى_ في ذلك: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) [الأنعام: 116] وكل ما ذكرته في سؤالك إنما هو من باب التحايل على الشرع وإضلال الناس، ولا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر وبين يديه كتاب ربه وسنة نبيه _صلى الله عليه وسلم_ أن يتبع قول هؤلاء المبطلين الذين يدعون إلى الفساد والإفساد.
وأوصيك أخي الكريم وغيرك من المسلمين بالتمسك بكتاب الله _تعالى_ وسنة نبيه _صلى الله عليه وسلم_ والبعد عمن يأخذون بأيدي الناس إلى النار والعياذ بالله. وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.