السؤال رقم (243) : توضيح حكم القيام والتقبيل للقادم. 7 / 2 / 1430

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين وبه نستعين..شيخي ربي يحفظك ويرعاك و يرزقك الجنان ومجاورة الرحمن… أُنكر على إحدى الأخوات من قِبل إحداهن ما قامت به؛ حيث غابت زميلة لها إثر عملية جراحية تغيبت مدة ثلاث أسابيع وحين حضرت قامت الأخت بالترحيب وأخذتها بالاحتضان أمام الحاضرات وشكرت الله أن ردها سالمة معافاة؛ فأُنكر عليها وبغلظة وشدة فعلها هذا ووبخت وعُنفت وقيل لها للأسف أنك ابنة .. لما؟ لأني لم أتصور أن تقومي بهذا الفعل! وهو احتضان زميلتك وبجرأة أمام الجميع. فردت: ولكن لم أفعل خطأ حتى ترفعي صوتك وتخاطبينني هكذا أمام الجميع وبصوتِ مرتفع. وأيضاً هذا فعل السلف، قالت أتحفينا ما درينا أنه في دليل على هذا بعد.. قالت: بل يوجد دليل يبين مشروعية فعلى. ثانياً: أنكرتِ دون علمك عن زميلتي شيء وأنا لست مطالبة بالإيضاح ولن أوضح… لكن سبحان الله: إذا أردت أن تنصح فانصح سراً وإن أردت أن تفضح فافضح جهراً. شيخي الكريم وفقك الله وسدد قولك وعملك للحق وأعانك عليه ما رأي الشرع في ذلك؟ أرجو توضيح المسألة زادك الله العليم الحكيم الكريم الخبير علماً ونوراً وقبولاً وإلهاماً ورفعةً وعِزة وعلوً وذِكراً حسنا دنيا وأخرى وجمعك مع أحبابك محمد وصحبه ومجاورة ربك في الفردوس الأعلى ومن أحببتهم وأحبوك.. اللهم.. آمين.. آمين.. آمين.

الرد على الفتوى

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالقيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قام لعكرمة (رواه مالك)، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ رضي الله عنه (قوموا إلى سيدكم)(متفق عليه)، وما ثبت في الصحيحين (أن كعباً لما دخل المسجد قام إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم)(رواه البخاري ومسلم).
وأما التقبيل فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على مشروعيته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرياناً يجر ثوبه، والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله)(رواه الترمذي)، وروى الطبراني بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه قال (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا). وعلى ذلك فيشرع في حق المسلم أن يقوم لأخيه القادم من سفر أو كان غائباً عنه لمرض ونحوه، وإذا قبَّله فلا حرج في ذلك كما ذكرنا.
ووصيتي لمن أراد أن ينصح أحداً ألا ينصحه على الملأ لئلا تحصل مفسدة من ذلك، وحتى لو كانت هناك مخالفة شرعية فينبغي لمن أراد النصح أن يتحرى الوقت المناسب لتوجيه من وقع في الخطأ بما جاء في الشرع.
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول على المنبر عندما يجتمع بالصحابة في المسجد (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)(رواه أبو داود، وصححه الألباني في سنن أبي داود 4/250) دون أن يسبب الحرج لأحد منهم. فعلى المسلم التمسك بهديه والنظر في المصلحة والمفسدة عند النصح والتوجيه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.