السؤال رقم (3813) : هذه مجموعة أسئلة أبعثها لفضيلتكم….؟
نص الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. فضيلة الشيخ حفظه الله هذه مجموعة أسئلة أبعثها لفضيلتكم بأمل الإجابة عليها سددكم الله وكتب لكم الأجر.
1_ ما ضابط الرشوة المحرمة؟ وهل دفع بعضا من مالي لدفع ظلم عني أو جلب حق لي يعتبر من الرشوة؟
2_ ضابط الاستهزاء بالدين ؟ وما هو الاستهزاء المعتبر من نواقض الإسلام؟ وما حكم مجالسة المسئهزيء بالدين مع الإنكار عليه أو عدم الإنكار عليه؟ وهل تمثيل أهل الخير وتقليد حركاتهم من الاستهزاء.
3_ ما حكم إعطاء العمال نقود لإيصال المشتريات للسيارة سواء بعلم أو بدون علم كفيلهم مع العلم أني لا أدري عن رضاه من عدمه.
4_ ما حكم الاستغفار بنية طلب حاجة دينية أو دنيوية مع النية الأولى وهي طلب المغفرة من الله؟ وهل هذا من الشرك في شيء؟
5_ ما حكم اقتباس واستخدام آيات من القران في حوارات المنتديات وربما في غير مستدلها؟
6_ بحكم أنك أحد كبار طلاب العلامة بن عثيمين فقد نجد للشيخ رحمه الله رأيين في بعض المسائل فكيف نعرف الرأي الأخير؟ وهل هو الراجح لدى الشيخ رحمه الله؟
7_ هل يلزمني صلاة التراويح مع الإمام لكي أكون ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا؟
وحينما لا أصلي مع الإمام وأصلي في البيت آخر الليل وأصلي أحد عشر ركعة أكون ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا؟
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإليك أجوبة الأسئلة حسب ما يظهر لي:
1) الرشوة المحرمة هي التي يتوصل بها الإنسان إلى باطل كأن يرشي المسؤول ليعطيه شيئاً لا يستحقه أو يتنازل عن شيء من الواجبات الوظيفية عليه التي لا يسمح بها النظام وقليل الرشوة وكثيرها حرام ويشمله الوعيد من رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم: (الراشي والمرتشي ) رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأما دفع الشخص شيئاً للوصول إلى حقه أو رفع الظلم عنه فهذه محل خلاف بين أهل العلم وهي بكل حال حرام على الآخذ وأما المعطي فأمره أخف لكن السلامة لا يعد لها شيء فإن تمكنت من الوصول إلى حقك دون دفع شيء فأحرص على ذلك وإن كان ترك حقك لا يضرك فاتركه ولا تدفع شيئاً وإن كان الأمر ضرورة فالضرورات لها أحكامها وأنت أعلم بحالك.
2) أجمع أهل العلم على أن الاستهزاء بالله أو رسوله أو كتابه أو دينه كفر فإذا أتى الشخص بقول أو فعل صريح في الاستهزاء وعقد على ذلك قلبه فقد وقع في ذنب عظيم وجرم خطير ودليل ذلك قول الله تعالى: [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ].
وقد نهى الله جل وعلا عن مجالسة المستهزئ قال تعالى: [وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً].
ولا ينبغي تقليد أهل الخير وتمثيل حركاتهم ولكن هذا الفعل يختلف حسب مقصد الفاعل وهناك فرق كبير بين الاستهزاء بالدين أو القرآن أو الرسول وبين الاستهزاء بالأشخاص الآخرين وتقليد حركاتهم فهذا لا يصل إلى الكفر لكنه مذموم بكل حال والمسلم ينشغل بما ينفعه ويبتعد عما يضره ولا يجلس في مجالس الاستهزاء لئلا يقع في الأمر المحرم والإنكار على هؤلاء واجب بكل حال حسب الاستطاعة.
3) لا يحق لك أن تعطي العامل نقوداً إلا إذا رضي كفيله لأن هذه الخدمة تقدمها المحلات التجارية وهناك فرق بين أن تعطيه بنية الصدقة سواء أوصل لك أغراضك إلى السيارة أم لا وبين أن تعطيه لخدمته لك، فالثاني ممنوع إلا بإذن كفيله وليس للعمال أن يخصوا أحداً بمزيد خدمة بل الواجب أن يقوموا بما أوكل إليهم لجميع المتعاملين مع المحل ولو فتح باب إعطاء العامل دون علم كفيله لخدم العمال من يعطيهم دون غيره وبهذا يتضح أن ما يعطاه العامل قد يدخل في الرشوة المحرمة.
4) لا بأس أن ينوي المسلم ذلك فيجوز أن يكون العمل الصالح بنية التقرب إلى الله ويكون معها نية أخرى بتحقيق طلب ديني أو دنيوي ما دام طلب ذلك من الله وحده وقد ذكر الله جل وعلا عن نوح أنه قال لقومه يرغبهم في الاستغفار: [فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً].
وأخبر الله جل وعلا عن هود أنه قال لقومه: [وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ].
وقد شكا رجل إلى الحسن البصري الفقر فأوصاه بالاستغفار وشكا إليه أخر عدم الولد فأوصاه بالاستغفار وشكا إليه أخر جفاف بستانه فأوصاه بالاستغفار.
5) يجوز الاقتباس من القرآن وتضمينه الكلام تحسيناً له بشرط أن يكون ذلك لمقاصد سليمة أما الكلام المحرم والمكروه فلا ينبغي الاقتباس فيه من القرآن وهكذا إذا كان في غير محله أو كان من باب الهزل والعبث فهذا كله ممنوع ومنه ما يحدث في حوارات المنتديات إذا كان من باب الهزل والاستهزاء وتنزيل الآيات في غير ما دلت عليه ولكم في سعة في أساليب العربية ومدلولات الكلام بعيداً عن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
6) المسائل التي لشيخنا رأيان فيها قليلة وبعضها يصرح رحمه الله في بيان الرأي الأخير منها وبعضها لا يجزم فيه الشيخ بترجيح فيسوق رأيين في المسألة ويطلق ذلك وقد اطلعت على من جمع ترجيحات الشيخ رحمه الله كما سجلت رسائل علمية في فقه الشيخ وذكروا رأيه في معظم المسائل بل اطلعت على بحث جمع فيه أحد طلاب العلم المسائل التي توقف فيها الشيخ والمسائل التي للشيخ فيها رأيان والمسائل التي صرح فيها الشيخ برجوعه عن رأيه السابق وكل ذلك موجود متداول.
7) أرجوا أن يشملك ذلك لكن لا تدرك أجر من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر قيام ليله ووصيتي لك إن لم تكن تصلي بأهل بيتك أن تصلي مع الناس في المسجد صلاة التراويح فهذا أفضل وأعون لك على الطاعة.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد أخر من رياء أو سمعة أو محبة مدح الناس أو غير ذلك وقد نقل عن الإمام أحمد قوله: (يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواه ابن حبان، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وكان الإمام أحمد رحمه الله يقوم مع الناس ويوتر معهم وهذا أفضل من أن يصلي المسلم وحده في بيته. وفقك الله لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.