السؤال رقم (3631) : هل ما ذكر في شرح هذا الحديث صحيحاً؟
نص الفتوى: بسم الله الرحمن الرحيم .. فضيلة الشيخ أ.د. عبدالله الطيار أدام الله وتوفيقه.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… أفيد فضيلتكم بأن إحدى دعاة الصم نشر محاضرة تحتوي على حديث وهو (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتبت واحدة)، فهل هذا الحديث صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً أو موضوعاً؟ كما ذكر أثناء شرحه لهذا الحديث أن هذا يعم الصغائر والكبائر من الذنوب. فهل ما ذكره في شرحه صحيح؟ وأيضاً في أثناء شرحه قال إن الإنسان لو زنا بـ 4 نساء في وقت واحد فإنه لا تكتب عليه سوى كبيرة واحدة وليس أربع كبائر بتعدد النساء التي زنا بهن إذا لم يتب خلال تلك الست ساعات فهل هذا صح؟ وكيف نصدق ما يقول هذا الداعية بينما في الحديث أن شارب الخمر لا تقبل له صلاة40 يوماً. فهل إذا تاب هذا الشارب قبل مضى 6 ساعات لا تكتب عليه خطيئة وتقبل صلاته فوراً؟ ومن المعلوم أن وقت قبول التوبة كما ذكره في الحديث هو قبل طلوع الشمس من مغربها وقبل وصول الروح للحلقوم. وإذا كانت التوبة قبل مضى 6 ساعات صحيحة لماذا لم تذكر مع هذان الوقتان؟ وجزاكم الله خيراً على تنوير عقول الصم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأولاً: حديث (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة)(رواه الطبراني في الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني في الصحيحة)(3/210).
وثانياً: جميع الذنوب التي يقع فيها العبد سواء كانت كبائر أو صغائر فإن الله تعالى يغفرها إذا تاب منها توبة صادقة، والدليل على ذلك قول الله تعالى [إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] (النساء: الآية48).
وقوله تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ](الزمر: الآية53).
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن رب العزة تبارك وتعالى أنه قال: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)(رواه الترمذي، وصححه الألباني في سنن الترمذي)، فلله الحمد والمنة على ذلك.
ولكن هناك ذنوب تتعلق بحقوق الآدميين كالسرقة والظلم بشتى صوره، والزنا، والغيبة، وغير ذلك. فلا بد ممن وقع فيها أن يتحلل منها قبل وفاته، فيطلب من صاحبها المسامحة، أو يرد ما أخذ، أو غير ذلك من الحقوق قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، أو قبل طلوع الشمس من مغربها.
وملك الشمال موكل بكتابة جميع ما وقع العبد فيه من المعاصي والذنوب سواء كانت واحدة أو أكثر، فإن تاب تاب الله عليه مهما بلغت ذنوبه، وإن مات قبل أن يتوب فهو تحت المشيئة إن شاء غفر الله له وإن شاء عذبه.
ووقت التوبة في الحديث المذكور يختلف عن التوبة قبل بلوغ الروح الحلقوم أو طلوع الشمس من مغربها، فالتوبة في الحديث تعتبر زمن الإمهال حتى لو مرت الساعات المحددة لأن الإنسان ما زال حيًّا وفيه الروح، أما التوبة عند بلوغ الروح الحلقوم أو طلوع الشمس من مغربها فليس بعدها رجعة أو إمهال.
وهذا فيه دلالة على أن الإنسان لا بد أن يبادر إلى التوبة قبل هذين الوقتين،وأن التوبة واجبة على كل مسلم لقول الله تعالى: [وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ](النور الآية31).
أسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالتوبة النصوح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.