السؤال رقم (3607) : حكم العمل في شركات تصنيع الأغذية المصنعة أو مستحضرات التجميل؟
نص الفتوى: بارك الله لك يا شيخ وزادك الله علماً ونصحاً للمسلمين؛ وأسأل الله أن يبارك في صحتك، عند شرائي شيئاً من السوق علمت أنه مستورد من بلاد الكفر أتجنبه، فبدائل المواد المحلية كثيرة والحمد لله ـ لأني أيضاً قد قرأت ذات مرة علي موقع إلكتروني (التعقيم في مصر ليس جيد مثل الجبن والحليب إلا المنتجات المعروفة)، وهذا ليس شرط يكون في مصر فقط، فمن الممكن يكون في بلدان أخري فالإهمال وارد في كل مكان، والناس في آخر الأمر يرون الشيء في الأسواق جاهز للطعام فيأكلونه، وإذا كانت هناك مضرة فلا أقصد مضرة بمعني مضرة صحية مثل التدخين، إنما قصدي (المواد الحافظة)، فلا أعتقد المضرة التي تسبب المرض وتضر الإنسان لأن إذا جلسنا للمضرة فلن نأكل شيئاً مغلفاً أو معلباً، وكثير من المأكولات هي هكذا، وبهذه الطريقة سوف تغلق معظم المصانع والشركات! فأنا كنت آكل جبن في بلدي مصرـ وما زالت آكل وأشرب الحليب والنسكافية، هذا لدي يومياً وبه حليب،- والحمد لله- علي كل حال لأن عند شراء المنتج فالمكونات التي تكون مكتوبة ليس لنا علم بها فنحن نأكل مباشرة لأن في الأصل إباحة المنتج كما تعلمون، إلا إذا أيقنت أو غلب علي طني أن به مواد نجسة أو مواد سوف فعلاً تسبب أمراض، وأن تقريباً كل أنواع الجبن والحليب وكل أنواع المأكولات التي في (السوبر ماركت أو المحلات) تضاف إليها مواد حافظة مثل (الشوكلاتة، والكيكات، والبسكويتات، واللحوم المجمدة، والعصيرات، والزبادي، بغض النظر عن المشروبات الغازية التي كثر الحديث عنها وغيره من المأكولات التي تملأ الأسواق والتي يقتنيها الإنسان.
فأنا أتناول جبنة (فيتا) إنتاج شركة(بريزيدن) ما كتب عليه (منفحة ميكروبية (إنزيمية) – إي 234، نسبه لا تزيد عن 12,5جزء في المليون)، فليس مكتوب ما هو مصدر الأنفحة لكنني أعيش في – مصر- وليس في أوربا ، وللعلم مكتوب رقم تليفون المستهلك على العلبة فلو اتصلت وسألت عن شيء فربما يتعجب من سؤالي في هذا الأمر القائمين على خدمة رقم المستهلك هذا بالنسبة للطعام. بالنسبة لمستحضرات العناية بالبشرة – إن رأي جمهور العلماء المعاصرين القائل بجواز الاستعمال الخارجي (الظاهري) للأدوية المحتوية على الكحول- مثل دواء ظاهري للصلع مثلاً، وبذلك ما سأورده لاحقاً من كلام هو اعتمادي أن قول الجمهور أيضاً ينطبق على أدوات التجميل، – والله أعلم بذلك – إذن يجوز بيع مواد التجميل ومستحضرات العناية بالبشرة مثل (الشامبوهات, الكريمات, المرطبات, مزيل العرق, مناديل معطرة, معجون أسنان أمواس حلاقة, مستحضرات إزالة الشعر)، الخ.. أقصد مستحضرات العناية بالبشرة والجسم عموماً وكل ما يخصها وأيضاً مستحضرات التجميل مثل: أحمر الشفاه, والمسكرة, وكوحلة العيون، وغيره وأنتم تعرفون ما تحتوي هذه الأشياء ومن المؤكد بها مواد نجسة، فمن الممكن العمل لدى شركة أو مصنع ينتج هذه الأشياء، أو العمل في شركة مواد غذائية، وعلي ذلك: أتمني توضيح الأتي وأعتذر جداً إليكم لأن لا أدري هل ما فيه نتيجة شك؟
1) ما رأيكم في العمل في شركة أو مصنع ينتج أي نوع من الأغذية المصنعة أو العمل في كل ما يخص المستحضرات من بيع أو توزيع أو غيره؟ فربما يجيء أمامي أي عمل في أي شركة من هذه الشركات لأنني أريد عمل يناسب شهادتي نوعاً ما، وإذا عملت وسألت أحد عن هذه الأشياء فربما ينزعج، بل ويلحظوا علي أنني أبحث، فهل ما أفعله هذا تعنت مني لم يأمر به ديننا؟
2) لدي شامبوا shoulders) and (head أستعمله ومكتوب عليه مواد كثيرة من ضمنها (عطر صوديوم بنزووات) ، فهل يجب علي البحث عن هذه المواد المكتوبة على العلبة في الانترنت أو الكتب أو سؤال من سأعمل معه ( سواء في شركة أو مصنع تعمل في هذا المجال) أو سؤال المتخصصين في هذه الأشياء إذا أتيحت لي الفرصة سؤالهم، أم الأصل فيها الحل ولا أسأل سواء المستحضرات أو المأكولات الغذائية، لأن هذه الأعمال هي التي تناسب شهادتي نوعاً ما .
3) تعرفون أن قول جمهور الفقهاء أن الاستحالة تجعل النجس طاهر، أنا لا أعرف إذا كانت المواد النجسة في المستحضرات أو المواد الغذائية قد استحالة أم لا، ولا المادة الكحولية أيضاً، فالذي يأكل مثل الذي يعمل لا فرق بينهم، لأنني عند عملي من الممكن يوجد بعض المستحضرات مستوردة إذا كتب الله لي العمل في هذه الأشياء، حيث أن طبيعة العمل حلال -والحمد لله- وليست حرام، اهتموا بأمري بارك الله فيكم، وأتمنى الإجابة علي كل نقطة بالتدقيق لأن هذه الأمور أيضاً تشغل بال كثير من الناس.
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن ما أحل الله أكثر مما حرم، فكل ما ينتفع به الإنسان مما في الأرض مباح له ما لم يأت دليل على الحظر، وكذلك كل العادات والمعاملات الأصل فيها الحل، وقد امتن الله علينا بذلك فقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا. {البقرة:29}. وقال سبحانه: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ. {الجاثية:13} وقال عز وجل: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}{الأعراف: 32}. ولذلك لا يمكن حصر الحلال وذكر أفراده، بخلاف الحرام فيمكن فيه ذلك، كما قال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}{الأنعام: 145}، وقال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}{الأعراف:33} . وقال: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}{الأنعام:151}. ولذلك قال تبارك وتعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}{الأنعام: 119}.
وبناء على ذلك فلا حرج عليك في خاصة نفسك أن تتثبت وتتأكد من سلامة ونزاهة وطهارة وحل ما تُقدم عليه، سواء كان عملاً، أو طعاماً، أو شراباً، أو لباساً، أو غير ذلك.
وكونك تتحرى في ذلك خير لك في عاجل أمرك وآجله، لأن طيب المطعم من أسباب إجابة الدعوة، ولكن ما لم يظهر لك أو تشك فيه فلا تنقب عن أشياء وهمية، أو مظنونة لأنك إن فعلت ذلك لن يسلم لك شيء أبداً.
ويكفيك أن تبني على الأصل ما دام ظاهر الأمر حلها وطهارتها. وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة، ورزقك من حيث لا تحتسب. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.