السؤال رقم (3600) : هل هذه تعتبر غيبة ونميمة وماذا أفعل مع أمي في هذا الأمر ؟
نص الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..أفيدوني: اليوم سمعت أمي وأختي يتكلموا عن الزواج والخطبة وسمعت أمي تقول لأختي قصة زوجة خالي أنها طُلقت ثاني يوم بالمملكة، وأن أمها ُطلقت وقعدت في البيت، وأن بناتها عرضتهم كلهم على خطابات.. وإلخ .. ذهبت إلى أمي وقلت لها حرام اللي تقولينه نميمة، تقعدين تنقلين أخبار فلانة وفلانة. قالت هي: أنا لم أقصد شيء بس أبي أعلم أختك وأفهمها عن موضوع الخطَّابات وجبنا السيرة ما فيها شيء. فقلت لها حرام عليكم تجيبوا أعراض الناس وتغتابوهم ـ قلت أنها غيبة ونميمة ـ. وعرفت بعدين أن النميمة هي نقل أخبار الناس ـ بغرض الإفساد ـ والغيبة: هي قولك في أخيك ما يكره. طيب سؤالي: هل ما قالته أمي غيبة ولا نميمة ولا شي عادي؟ أنا مع سرعة الكلام قلت في المرة الأولى حرام هذه نميمة، وفي المرة الثانية قلت: حرام هي غيبة. فهل أعتبر مذنبة؟ مع العلم أني ما قصدت إلا النصيحة، وما أكنت أعرفه من قبل أن النميمة نقل أخبار الناس سواء للإفساد أو للكلام العادي؟ وإذا كنت مذنبة ما هي الكفارة؟ وأيضاً ما الحكم إذا جبنا طاري وحده بالاسم إنها تزوجت أو تطلقت أو جبنا سالفة تخصها والناس تعرف ها الشيء؟ وما حكم إذا جبنا سالفة واحدة وقلنا ( فلانة الله يستر عليها) تزوجت وتطلقت أو زوجها كان مو صاحي أو هي فعلت بدون ذكر اسمها أو توضيح من هي؟ وما الحكم إذا واحدة قالت لي سالفتها أن أختها ما تحب زوجها أو أن أختها سوت لها كذا وكذا، أو هي قالت لي سالفة عن مشاكل بيتها ومشاكلها والخ.. فرحت أنا من باب السوالف قلت لأمي أن صديقتي عايشة أختها كذا، وان هي تزوجت فلان وأن أمها تزوجت وتطلقت وأنا لم أقصد شيء غير السوالف فهل أعتبر مذنبه؟ تكفون جاوبوا على كل الأسئلة مهم جدا.
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاعلمي أختي الكريمة أن الغيبة والنميمة من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى [وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً] (الحجرات:12)، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ) قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)(رواه مسلم). وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(رأيت يوم أسري بي رجالاً لهم أظفار من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم)(رواه الإمام أحمد، وأبو داود).
والغيبة هي ذكر الإنسان عيوب ومساوئ أخيه المسلم في غيبته بما يكره. وقد أجمع أهل العلم على تحريمها وعدُّوها من كبائر الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: (إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب)( رواه البخاري ومسلم).
وأما النميمة فهي أيضاً من كبائر الذنوب، قال جل وعلا [وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ](القلم الآيات10، 11)، وقال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة نمام)(متفق عليه). وماورد (أنه صلى الله عليه وسلم رأى شخصين يعذبان في قبورهما، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)(متفق عليه)
فيجب عليكِ أختي السائلة أن تحفظي لسانك عن الخوض في أعراض الناس والتحدث عنهم بما يكرهون، فكما تكرهين أنتِ أن يذكرك أحدِ بسوء، أو يتكلم عن أمرٍ في حياتكِ الخاصة فكذلك الناس، ويجب عليكِ مناصحة والدتكِ بأدبٍ وحكمةٍ ورفقٍ، وإخبارها بخطورة هذا الأمر وأنه يترتب عليه مفاسد كثيرة في الدنيا والآخرة.
وإطلاق كلمة سوالف على الحوارات التي تدور بين الناس ليس فيها حرج، ولكن إذا تعدت إلى الولوج في أعراض الناس والإساءة إليهم وذكرهم بما يكرهون فهذا هو العمل المحرم الذي يجب تركه.
والأولى أن تكون مجالسنا عامرة بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والاستغفار، وقراءة الحديث النبوي، والسيرة النبوية، والقصص التي يستفيد منه المسلم في حياته وبعد مماته.
ومن حفظ لسانه عن الباطل، حفظ الله قلبه يوم مماته، وحفظ عليه حسناته من أن تذهب عنه يوم العرض عليه، يوم يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)(رواه البخاري)، ويقول أيضاً:(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)(رواه البخاري ومسلم). أسأل الله جل وعلا أن يحفظ علينا ألسنتنا من الخوض فيما لا يرضيه، وأن يستعملها فيما يرضيه. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.