السؤال رقم (3585): حلفت كذباً حفظاً لكرامتي، فما رأيك في ذلك ؟

نص الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أنا شابة وكان في الجامعة شاب أعجبتني أخلاقه من بعيد فلم يكن بيننا لا كلام ولا معرفة، في يوم من الأيام لاحظت غيابه فتبين أنه سافر إلى جامعة أخرى فبحثت عن اسمه الكامل وقمت بالبحث عنه في موقع محادثة اجتماعي إلى أن وجدته تعرفنا وتحدثنا لشهور عديدة عبر هذا الموقع للإشارة أني لم أخبره من أكون، لكن في النهاية قررت أن أعلمه بأني أعرفه جيداً.. لم يتقبل هذا فمسحني من قائمة أصدقائه فلم يكن لي سوى أن أنساه بدوري، لكن حدث ما لم يكن بالحسبان عاد الشاب ليدرس في نفس الجامعة، بل ومع مرور الأيام تعرفت عليه، تحادثنا وأصبحت العلاقة وطيدة جداً بيننا في إطار الصداقة، وحدث فجأة أنه أخبرني يوماً بأنه سيسألني سؤلاً وأن أجيبه بنعم أو لا، فأحسست بداخلي أنه سيسألني إذا كنت الفتاة في موقع المحادثة الاجتماعي، لم أستطع أن أجيبه بالصدق فكذبت حفاظاً لكرامتي، بل حلّفني وحلفت أنني لست هي، كذبت فقط حفاظاً لكرامتي وحفاظاً على ماء الوجه، لم أكن أعلم أن المسألة ستصل إلى هذا الحد.. ما رأيك في هذا وبما تنصحني جزاك الله خيرا.

الرد على الفتوى

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأولاً: الاختلاط بين الرجال والنساء فيه ضرر عظيم، وفتنة كبيرة، سواء كان هذا الاختلاط في البيوت، أو في الجامعات، أو في المدارس، أو الدوائر الحكومية، أو غير ذلك، ويترتب عليه مفاسد خطيرة تودي بالمجتمع إلى الهلاك والدمار والعياذ بالله. والناظر إلى المجتمعات التي يكثر فيها الاختلاط يرى كثرة المفاسد التي تترتب عليه. وقد جاء النهي في كثير من الآيات والأحاديث عن هذا الاختلاط إلا لضرورة شرعية ومن ذلك قوله جل وعلا: [وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ](الأحزاب: الآية53).
وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاط بين الرجال والنساء حتى في أحب بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النساء عن الرجال، والمكث بعد السلام للرجل حتى ينصرف النساء، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء، فعن أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُوم)، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ. (رواه البخاري).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ “، قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهِ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ .(رواه أبو داود).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)(رواه مسلم).
وهذا الحديث من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط، وأنه كلما كان الرجال أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكذا المرأة. وإذا كان هذا الأمر بمنع الاختلاط بين الرجال والنساء في بيوت الله تعالى، فما بالك بغيرها من الأماكن.
وثانياً: ما ترتب على هذا الاختلاط من تعلقك وانشغالك به لدرجة الحرص على التواصل معه سواء قبل انتقاله إلى جامعة أخرى أو بعد رجوعه، وهذا يدل على خطورة هذا الاختلاط، ولولا فضل الله عليكِ لترتب على علاقتكما في رسائل التواصل أمور لا تحمد عقباها.
وثالثاً: أنتِ أخطأتِ منذ البداية في انشغالكِ به، وحرصكِ على التواصل معه، ووقوعكِ في ذنبٍ عظيمٍ وهو الحلف كذباً حتى ولو كان من أجل حفظ كرامتك، والحلف بالله كذباً لا يجوز، ويجب في حقك التوبة مع كثرة الاستغفار والعمل الصالح، وليس لهذه اليمين كفارة في أصح قولي العلماء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالله فليصدق)(رواه ابن ماجه).
أسأل الله تعالى لنا ولكم الهداية والتوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.