السؤال رقم (3524) : حكم الصناديق التعاونية.

نص الفتوى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , يا شيخ عبدالله بارك الله فيك في مدينتنا كل حي من أحياء المدينة عاملين صندوق وهو كل عائلة في الحي يموت لها أحد يجمعوا مبلغ 5 دينار من كل بيت ثم يدفع لأهل الميت علما بأنه ربما تكون هذه العائلة التي يعطى لها المال غنية أو فقيرة فما حكم هذا المال الذي يعطى . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السائل : ابراهيم سليمان

الرد على الفتوى

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته : أما بعد.
فاعلم أيها الأخ السائل أن ديننا الإسلامي يدعو إلى الروابط التي تجمع أفراد القبيلة أو الأسرة إذا خلا من المحاذير الشرعية ، ومن المحاذير التي يمكن أن يقع فيها أهل تلك الروابط ما يكون بينهم من العصبية الجاهلية لنسبهم أو لغتهم ، وما يكون في اجتماعاتهم من محرمات كشرب الدخان وسماع الغناء – مثلاً – وما يكون من إعانة صاحب المعصية على معصيته ، أو الوقوف بجانب الظالم لمجرد أنه منتسب إليهم ، وكذا ما يكون من استثمار للأموال المجموعة في مشاريع محرمة أو في بنوك ربوية .
وأما الوقوف بجانب المظلوم أو صاحب الحاجة أو المتضرر من حادث أو مرض أو المساهمة في دفع دية الخطأ أو شبه العمد أو إعانة العزاب على الزواج وأمثال ذلك من أعمال البر والطاعة فهو أمر يشكرون عليه ويستحقون الدعم والمؤازرة . قال عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على ” الأشعريين ” – وهم قوم من اليمن – كانوا إذا قلَّ طعامهم سفراً أو حضراً اجتمعوا فجاء كل واحدٍ منهم بما يملك ثم تقاسموا ما يجمعونه بينهم . فقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم ).
والصناديق التعاونية التي تقيمها العوائل والقبائل والأسر ويتم جمع اشتراكات من أفرادها ، ثم صرفها على المحتاجين حسب الشروط التي يحددونها أمر مشروع وهو يشبه فعل الأشعريين ، لكنه استباق لأمر المصيبة قبل وقوعها ؛ ليتم التعاون على حلها ، فيخف مصاب صاحبها .
ويجب على المشتركين فيها أن يكون قصدهم التعاون فيما بينهم لا الاستفادة والربح ، فإذا كان مقصود المشترك التعاون دون التعويض والاستفادة من الصندوق فلا بأس , لأنها بنية التعاون فتكون من باب الإحسان , أما إن كانت بنية التعويض والاستفادة من هذه الجمعيات فلا يجوز لأنها من الميسر المحرم.
فالحاصل أنه لا بأس بهذا العمل إذا كان القصد مساعدة أهل المتوفى ، ولا بأس إن كانوا فقراء أو أغنياء لأن هذه الصناديق لم تخرج من باب الصدقات ولا التبرعات بل هي صناديق تعاونية بين الأفراد المشتركين فيها. والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.