السؤال رقم (3510) : ما يلزم المسلم حول ما يتعرض له إخوانه من قبل أعدائهم وحكم تصوير هذه الاعتداءات

نص الفتوى : ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ.ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺇﺿﻄﻬﺎﺩ ﻭﺗﻌﺬﻳﺐ ﻭﺇﻋﺘﻘﺎﻝ ﻭﻗﺘﻞ ﻭﻫﻢ ﻻ ﺫﻧﺐ ﻟﻬﻢ !! ﻓﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥﻧﻔﻌﻞ ﻟﻜﻲ ﻧﺴﺎﻋﺪﻫﻢ؟
ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻧﺸﺮ ﺻﻮﺭﺍ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ يعلم ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻬﻢ أم أن ذلك لا يجوز ؟
ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺮﺍﻫﻢ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﺷﺨﺼﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﻭﺟﻪ ﺣﻖ ﻣﺜﻼ ﻭننشر ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﻟﻜﺸﻔﻪ؟ﻣﺎﺫﺍ ﻧﻔﻌﻞ ﻟﺮﺩ ﻇﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺇﻥ ﺗﺄﺫﻳﻨﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ؟
ﻣﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻠﻪ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ؟
ﻛﻴﻒ ﻧﺠﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻲ ﻻ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺨﺎﺫﻟﻴﻦ ﻭﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﻜﺎﺱ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ؟ ﺃﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻓﻀﺢ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ ؟
ﺃﻡ ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺒﺮﻭﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻳﻜﻔﻲ !! ﻭﻛﻴﻒ ﻧﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻭﺣﺪﻧﺎ ؟

الرد على الفتوى

الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأولاً : أشكر لك أخي إحساسك حول ما يحصل للمسلمين من قتل وتشريد على أيدي أعدائهم وهذا الشعور منك في الحقيقة ناتج عن قوة إيمانك قال الله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) وقال في وصفهم : ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ ) رواه الإمام أحمد
ثانياً : لا يشك أحد فيما للإعلام المرئي من أثر بالغ في نفوس من يشاهده ، وقد ظهر عظيم تأثيره في أزمات وأحوال نُقلت للناس بالصوت والصورة ، فساهمت في تغيير مجرى حياة دول وشعوب ومن ذلك.
1. التأثير على الرأي العام للوقوف مع المسلمين المستضعفين ، وإيقاف الحرب أو التعذيب والانتهاكات .
2. تثبيت الجريمة على فاعلها . فاليهود الأخباث الآن ، ومعهم وسائل إعلام غربية عالمية كثيرة تنقل
صور مآسي اليهود للناس عبر وسائل إعلامهم ، فيستعطفونهم ، ويوهمون العالَم أنهم شعب مظلوم مقهور ! ولا يمكن تصحيح هذا الخلل إلا بسلاح الإعلام الذي يبين الحقيقة.
3 – يستفاد منه أيضاً : محاكمة ومعاقبة المتسببين في القتل وغيره إن تيسر ذلك .كما حصل في محاكمة طغاة ” الصرب ” بنشر صور جثث القتلى من المسلمين ، وإيقاف العالَم على الكم الهائل الذي راح ضحية مذابحهم ، وقد كان للصور أبلغ الأثر في تثبيت التهمة على أولئك الطغاة وغيرهم ممن يمكن أن يأتي دورهم .
وعلماؤنا الأجلاء يجوزون نشر صور المتهمين في قضايا سرقة واعتداء ، وما نحن فيه الآن أبلغ بكثير ، حيث يكون أولئك قتلة لألوف المسلمين
4. الرد على إعلام العدو النافي لوقوع ضحايا ، وكشف زيف ادعائه للحرية والإنسانية .
5. جمع الصدقات ، والتبرعات ، وكفالة الأيتام ، ورعاية الأرامل .
فللصورة أبلغ الأثر في حث الناس على إعانة إخوانهم المستضعفين ، فرؤية الأطفال الجوعى ، والذين التصق بطنهم بظهرهم ، يغني عن مئات المحاضرات النظرية في جلب المساعدات والإعانات له ولأهله.
وبناْ عليه فلا حرج في عرض صور ومقاطع الناس المنكوبين والقتلى والجرحى منهم.
غير أنه ومع القول بالجواز فإنه يجب مراعاة الضوابط الشرعية في هذا الباب ، ومنها :
1. عدم نشر صور النساء مطلقاً .
فالمرأة عورة ، ولا حاجة لعَرض صورة امرأة جريحة ، أو قتيلة ، أو جائعة ، وصور الرجال والأطفال تسد مسدَّها .
2. وجوب طمس العورات .
فكثير من الصور لا يراعي ناشروها حكم الله عند تصويرها ، والواجب مراعاة ذلك عند عرضها من قبَل أهل الاستقامة ؛ لأن عورة المسلم واجب عليه سترها ، وحيث كان هو جريحاً ، أو قتيلاً ولا يستطيع ذلك : فهو معذور ، وليس هناك عذر لمن نشر تلك الصورة .
3. عدم نشر الانتهاكات الجنسية والاغتصاب .
سواء للرجال ، أو النساء ؛ فإن هذا من فضح ما يجب ستره. فمثل هذه الأمور لا يجوز مشاهدتها ؛ لعموم قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور/30-31
4. عدم نشر صور الأشلاء ، والرؤوس المقطوعة .
حفاظاً على حرمة المسلم ؛ ولما قد تورثه هذه المشاهد والصور من يأس وقنوط وجزع في نفوس بعض الناس.
5. أن لا يصاحبها شيء من المعازف أو الغناء المحرم .
6. عدم المبالغة في إظهار قوة العدو بحيث يصل إلى بث اليأس في نفوس المسلمين ، وتقرير الضعف فيهم ، وعجزهم عن مواجهة عدوهم .
7. تحري المصداقية في النقل .
فالبعض في سبيل نصرة المستضعفين ينشر صورا مفبركةً ليستدر عطف الناس، وهذا من الكذب والتدليس المحرم .
8. تجنيب المساجد تلك الصور .
وقد أصبحت كثير من المساجد معارض لعرض الصور ، وهذا لا يليق أن يُفعل في بيوت الله تعالى ، ولا مانع من عرضها في أماكن عامة ، أو مؤسسات خيرية، أو جمعيات دعوية .
9. إذا كانت الصورة لمقتول أو من تم التمثيل بجثته فينبغي عدم إظهار وجهه حتى لا يتعرف الناس عليه ، مراعاةً لحرمته .
والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.