السؤال رقم (2915) : هل يجوز أن أستحضر أكثر من نية لحصول أكثر من أجر فى أعمالي ؟ بتاريخ : 25 / 4 / 1438هـ
السؤال رقم (2916) : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، حياكم الله سماحة المعالي ، أحسن الله إليكم هل يجب أن أستحضر نية الأجر لأحصل عليه؟ فمثلاً ذهبت لأشتري كتب علمية فهل يجب علي أن أستحضر نية شراء الكتب لطلب العلم ونية مثلاً شراءها لأتعلم وأرضي والدي وهكذا؟ لأنه في بعض الأعمال تكون النيات كثيرة فهل أستحضرها كلها حتى أنال أجورها كلها وجزاكم الله خيراً ونفع بكم الاسلام والمسلمين.
الرد على الفتوى
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . أما بعد:
فإن العمل الصالح له مبدأ يحمل عليه, وله غاية مقصودة منه, كما قال ابن القيم – رحمه الله -: ” فإن كل عمل لا بد له من مبدأ وغاية, فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الايمان, فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض … وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته, وهو الاحتساب”. اهــ
فتبين بهذا أن هناك فرقًا بين الباعث على العمل وبين الغاية, فالأول: الإيمان, والثاني: الاحتساب, ومعناه: احتساب الثواب- أي عدُّ الثواب مدخرًا عند الله-. وأكمل الأحوال أن يجمع المؤمن في عمله بين الباعث والغاية فيعمل العمل طاعة لله, ويطلب ادخار الثواب عنده تعالى؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: فلتصبر ولتحتسب.
ولكن قد يعمل المسلم عملًا يبعثه عليه إيمانه بالله تعالى, وإرادة طاعته, ولكنه لا يستحضر احتساب الثواب, فيؤجر على عمله, ولكنه يفوته ثواب الاحتساب.
والأعمال الصالحة قسمان:
النوع الأول: أعمال لازمة لا يتعدى نفعها للغير، فهذه إن عملها الإنسان بنية أثيب ولو بنية القيام بالواجب؛ يعني: ولو لم ينو الاحتساب لكنه نوى القيام بالواجب فإنه يثاب.
والنوع الثاني: عبادات متعدية ينتفع بها الغير، فهذه يؤجر على انتفاع الغير بها، وإن لم يكن له نية عند فعلها؛ ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من زرع زرعًا أو غرس شجرة فأصاب منها حيوان أو سرق منها؛ فإن له بذلك أجرًا، مع أنه ربما يغرس ولا ينوي هذه النية، ولكن ما دام فيه انتفاع للناس فله أجر به، ويدل على هذا قوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وهذا إذا فعله الإنسان – ولو لمجرد الإصلاح – بدون قصد الثواب ففيه خير، ثم قال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:114] وهذا أمر زائد على الخير الذي ذكره الله في أول الآية, فإماطة الأذى عن الطريق نفعها متعدٍ؛ فيثاب الإنسان عليه، وإن لم يكن له نية على هذه الإماطة.
وبهذا تعلم أنك إذا اشتريت كتباً علمية مثلاً ولم تستحضر النية عند شراءها : فإنك تؤجر أما استحضار نية الاحتساب فلا يحصل به الثواب.
والله أعلم : وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.