السؤال رقم (1968) : هل مس الذكر ينقض الوضوء؟ بتاريخ : 8 / 6 / 1438هـ
السؤال رقم ( 1968) : إذا اختلف العلماء فى مسألة بناء على صحة الحديث أو ضعفه فأنا أقلد حكم الإمام أحمد على هذا الحديث ففى مسألة مس الذكر وجدت أن الإمام أحمد صحح حديث بسرة فى كتاب مسائل أبى داود السجستانى وضعف حديث طلق فى كتاب كشاف القناع فأنا الان أدين الله أن مس الذكر ينقض الوضوء لكن هل ينقض الوضوء إذا مسه الرجل من غير عمد فقد قرأت أن النسيان فى الشروط والأركان يسقطان الإثم لا الحكم وقرأت بأن المس من غير عمد لا ينقض فأيهما أرجح مع الأدلة وهل يجب على فى كل مسألة أن أبحث على حكم الإمام أحمد على الحديث إذا كان فيه اختلاف وجزاكم الله خير.
السائل / عمرو
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله، وعلي آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأولاً: من كان متأهلا للاجتهاد والنظر في الأدلة ففرضه أن يجتهد حسب استطاعته ويعمل بما أداه إليه اجتهاده، ومن كان عاميا غير قادر على الاجتهاد فاختلف العلماء في الواجب عليه، والراجح أنه يقلد أوثق الناس في نفسه، فإذا تكافأت الأدلة لدى المجتهد أو استوى العلماء عند العامي فقد اختلف العلماء في الواجب عليه حينئذ، فقيل يتبع الأشد لكونه أحوط ولحصول براءة الذمة به بيقين، وقيل يأخذ بأي الأقوال شاء ما لم يقصد تتبع الرخص، وقيل يأخذ بالأيسر لكون الشريعة مبنية على التخفيف.
وحكى العلامة ابن عثيمين هذه الأقوال ورجح أنه يأخذ بالأيسر في هذه الحال.
وإذا اتبع الإنسان هذا القول وهو اتباع الأيسر عند عدم وضوح الأدلة وتكافئها أو اختلاف المفتين الثقات عليه فإنه لا حرج عليه في ذلك ولا يكون مؤاخذا يوم القيامة وذلك لأنه فعل ما يقدر عليه واتقى الله ما استطاع.
ولو فرض أن القول الذي اتبعه كان خطأ في نفس الأمر فإن المخطئ معذور غير مؤاخذ، قال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. قال الله في جوابها: قد فعلت. رواه مسلم. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر.
فمن اتبع ما أداه إليه اجتهاده إن كان من أهل الاجتهاد أو قلد العلماء الثقات إن كان عاميا فقد برئت ذمته وفعل ما يلزمه شرعا فلا تبعة عليه يوم القيامة.
ثانياً: أما عن سؤالك إذا كنت أنت تدين إلى الله بنقض الوضوء من مس الذكر مطلقاً فهل إذا مسسته بغير عمد هل ينتقض وضوؤك؟
فأقول لك لقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة قال ابن قدامة – رحمه الله – (
فصل: فعلى رواية النقض لا فرق بين العامد وغيره وبه قال الأوزاعي والشافعي وإسحاق، وأبو أيوب وأبو خيثمة لعموم الخبر، وعن أحمد: لا ينتقض الوضوء إلا بمسه قاصدا مسه. قال أحمد بن الحسين: قيل لأحمد الوضوء من مس الذكر: فقال: هكذا -وقبض على يده -يعني إذا قبض عليه، وهذا قول مكحول وطاوس وسعيد بن جبير، وحميد الطويل قالوا: إن مسه يريد وضوءا وإلا فلا شيء عليه ; لأنه لمس، فلا ينقض الوضوء من غير قصد كلمس النساء.) انتهى.
فالحاصل أنه قد ذهب بعض الفقهاء أن شرط مس الذكر الذي ينقض به الوضوء هو أن يمسه بقصد وإرادة، لأن العرب لا تسمي الفاعل فاعلاً إلا بقصد منه إلى العمل، ولأن الوضوء المجمع عليه لا ينتقض إلا بإجماع أو سنة صحيحة ثابتة غير محتملة للتأويل، وعليه فلا يجب الوضوء إلا على من مس ذكره قاصداً مفضياً وهذا ما ذهب إليه ابن عبد البر، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، وقال (إذا لم يتعمد ذلك لم ينتقض وضوؤه).
وذهب آخرون إلى وجوب الوضوء من مس الذكر، لضعف حديث طلق بن علي عندهم، وصحة الأحاديث الواردة في وجوب الوضوء من مس الذكر، فإذا كان مس الذكر مفسداً للطهارة استوى فيه العمد والخطأ كباقي الأحداث.
والذي أرجحه في هذه – والله أعلم – هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول. وإن توضأ فهو أولى وأحوط وأبرأ.