السؤال رقم (485) : هل يقبل الله تعالى التوبة من العبد إذا تكررت منه الذنوب. 17 / 10 / 1428

هل يقبل الله توبة العبد إذا ارتكب معصية ثم تاب ثم ارتكب مرة أخري ثم تاب ثم ارتكب معصية ثم تاب لوجه الله توبة نصوحة ثم هناك أيضا قلق وخوف من الله من المعاصي التي ارتكبت. السائل: مريم

الرد على الفتوى

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلمي أختي الكريمة أن الله تعالى هو أرحم الراحمين، وهو أكرم الأكرمين، وهو الذي حث عباده على التوبة ووعدهم بقبولها إذا صدقوا فيها، قال تعالى:[وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات](الشورى)، وقال تعالى:[إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم](النساء)، وقال تعالى في حديثه القدسي:(يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً)(رواه الترمذي).
فما أروع هذه الكلمات التي هي فضل وكرم من رب البريات،واعلمي بارك الله فيكِ أنه مهما تعاظمت الذنوب من العبد وأقبل على ربه وصدق في توبته قبله الله منه ولو عاد مئات المرات ما دام أنه علم أن له رباً يغفر الذنب ويقبل التوب. وتأملي هذا الحديث العظيم، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلَاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ)(متفق عليه).
فما أعظم هذا الحديث في بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده، وأنه سبحانه يعمل ضعفهم وحاجتهم إلى فضله ففتح لهم باب الرجاء والتوبة، وهذا هو ما يريده منا سبحانه أننا إذا وقعنا في ذنب عن ضعف منا وجب في حقنا المبادرة إلى التوبة منه. فاحرصي أختي الكريمة على لزوم التوبة في كل وقت، واعلمي أن الله مطلع عليكِ وقريب منكِ يعلم سركِ وجهركِ ويعلم ما يجول في خاطركِ، فالزمي أوامره، واجتنبي نواهيه تفوزي برضاه وجنته.
وفقكِ الله لكل خير، وأعانك على مجاهدة نفسك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.