السؤال رقم (487) : معنى قوله تعالى [لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون]. 27 / 10 / 1428
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. إخوتي أريد جواب شافي لهذا السؤال ولكم الأجر من الله تعالى ولن ننساكم من الدعاء .. سؤالي هو: [لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً] كيف يكون الاستكبار عن عبادته تعالى؟ وهل له صور وأشكال قد يقع فيه المسلم بجهل منه؟ وكيف يمكن للمسلم أن يجنب نفسه هذا الاستكبار؟ الدعاء مخ العبادة ل له علافة بالاستكبار وأنى ذلك؟ فتح الله علي وعليكم وعلى جميع المسلمين والمسلمات ووفق علماؤنا وبارك الله في علمهم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. دمتم في تقى وطاعة الرحمن. السائل: عبد الله
الرد على الفتوى
الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاعلم أخي الكريم أن الله ذكر هذه الآية وهي قوله تعالى[لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً](النساء)، تابعة لما قبلها عندما خاطب الرب جل وعلا أهل الكتاب بقوله [يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات والأرض وكفى بالله وكيلا](النساء)، ففي هذه الآية وجه الله تعالى أهل الكتاب إلى عدم الغلو في الدين بقولهم أن المسيح ابن الله، فهذا قول عظيم لا يجوز في حقه سبحانه لأن الله لم يتخذ ولداً فيكون عيسى ابن مريم أو غيره من خلقه ولداً فالمسيح رسول من الله أرسله بالحق إليكم، فلا يجوز لكم القول على الله بغير حق في نسبة المسيح إلى الله تعالى بل هو كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه لما أرسل جبريل عليه السلام فنفخ في جيبها، فكان جنيناً بإذن الله تعالى، وعلى ذلك فعليكم الإيمان بالله ورسوله، وأن الله تعالى واحد أحد وأنه لا ولد له،وتوعدهم الله على قولهم هذا بقوله [انتهوا خيرا لكم]، أي عن قولكم أن الله ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فإن الانتهاء عن ذلك خير لكم من قيله لما لكم من العقاب العاجل على هذا القول العظيم إن أقمتم عليه ولم تنيبوا إلى الحق، واعلموا أن عيسى وأمه ومن في السماوات ومن في الأرض عبيده وإماؤه وخلقه، وأنه سبحانه رازقهم وخالقهم، وأنهم جميعاً أهل حاجة وفاقة إليه، ثم قال مخاطباً لهم [لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون] أي أن المسيح عليه السلام الذي تعبدونه من دون الله لن يأنف ولن يستكبر عن عبادة ربه تعالى، والاستكبار عن عبادة الله تعالى معناه عدم الخضوع لأوامره ونواهيه، فهذا هو الاستكبار الذي لا يحبه الله تعالى، كما قال تعالى:[إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين](غافر)، ومن صور الاستكبار عن عبادة الله تعالى أن تجعل لله نداً تدعوه من دونه، أو تسجد له من دونه، أو تطيع من خالف أمره ونهيه، ولذا يجب على المسلم أن يحذر من ذلك أشد الحذر وخاصة عندما يأتيه أمر من أوامر الله تعالى فيتعاظم على ذلك ولا ينفذه، بل ربما رد هذا الأمر وأنكره، كما يقال له صلي كما أمرك الله فيقول أنا لن أصلي فيستكبر، ثم يقول: ليس هناك شيء اسمه صلاة فيرد الحق فيهلك والعياذ بالله، وبعض الناس يأتيه الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فينكره ويرده فيقع في الاستكبار لأنه خالف قول الله تعالى[وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا]، وعلى ذلك فيجب على المسلم الحذر من الوقوع في هذا الذنب العظيم الذي يبغضه الله تعالى وأمر باجتنابه، والدعاء كما هو معلوم يطلق على العبادة كما في قوله:[إن الذين يستكبرون عن عبادتي] كما فسرها أهل العلم،أي عن دعائي، والدعاء كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:(هو العبادة)(رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه الألباني).
ومعنى الاستكبار عن دعاء الله تعالى، أي من يتعاظمون عن إفراد الله تعالى بالعبادة كما ذكر الطبري في تفسيره، والعبادة صورها كثيرة وأعظمها الدعاء لأن الله تعالى يحب من عباده دعاءه واللجوء إليه وسؤاله، وهذا كله وغيره لا يجتمع إلا في الدعاء، فمن ترك الدعاء فقد وقع في الاستكبار عن عبادة ربه. نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.