السؤال رقم (2027): هل هناك حديث صحيح يحث على الإسراع بدفن الميت. 18 /11 / 1438هـ
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ عبد الله بارك الله فيك ذكر أبو داود في سننه باب التعجيل بالجنازة وكراهية حبسها وذكر حديث لا ينبغي لجيفة مسلمٍ أن تحبس بين ظهراني أهله وضعفه أهل الحديث وقال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه للحديث لكن كونه يسرع بالجنازة ويبادر بها جاء في ذلك أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعضها فيه الإسراع بها عند حملها، وبعضها يدل على ما دل عليه هذا الحديث من أنه يبادر بها ولا تحبس. انتهى كلامه
وذكر أبو داود كذلك حديث أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها … وقال الشيخ عبد المحسن كذلك والمقصود من ذلك الإسراع بها عند حملها، وقد مر بنا باب في المبادرة بتجهيزها، وأما هذا فيتعلق بالإسراع بها في حال حملها إلى المقبرة بعد الصلاة عليها. انتهى كلامه
فسؤالي يا شيخ عبد الله بارك الله فيك هل هناك حديث صحيح يحث على الإسراع بدفن الميت أو هو كلام لأهل العلم فقط.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فأولاً: المشروع في حق الميت هو الإسراع بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه، وألا يؤخر تأخيرا كثيرا؛ لما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ).
وروى مسلم عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ : يَا كُرَيْبُ ، انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ النَّاسِ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدْ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : تَقُولُ : هُمْ أَرْبَعُونَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَخْرِجُوهُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ) .
قال عليش المالكي: ” قال العلماء رضي الله تعالى عنهم: والمراد بالإسراع بالجنازة ما يعم غسلها , وتكفينها , وحملها , والمشي معها مشيا دون الخبب ، فإنه يكره الإسراع الذي يشق على ضعفة من يتبعها ” انتهى من “فتاوى عليش” (1/155)
ثانياً: أما سؤالك هل هناك حديث صحيح يحث على الإسراع بدفن الميت أو هو كلام لأهل العلم فقط. فنعم هذا الحديث المتقدم وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ) فالإسراع يتناول كل ما يكون به الإسراع في الدفن كما ذكر عليش المالكي وهناك مقولة شائعة وهي (إكرام الميت دفنه) وقد ورد هذا النص في كتاب كشف الخفاء ومزيل الالباس: قال في المقاصد الحسنة: لم أقف عليه مرفوعاً، وإنما أخرجه ابن أبي الدنيا. وقد ورد كذلك في شرح مختصر خليل المالكي للخرشي قال: قال بعض علمائنا: إن إكرام الميت دفنه، وقد وردت السنة بذلك.
وخلاصة القول عن هذه العبارة (إكرام الميت دفنه) أنها ليست نصاً لحديث شريف ولا لقاعدة فقهية وإنما هو قول من أقوال الفقهاء الذي أجمعوا على أن المراد الإسراع بتجهيز الجنازة إذا ظهرت علامات الموت الظاهرة على المتوفى كتصلب الأطراف وبرودة الموت وانتفاخ البطن.
والله أعلم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمَّدٍ وعلى آله وصحبه.