أحكام العيدين وعشر ذي الحجة

الثلاثاء 14 جمادى الآخرة 1440هـ 19-2-2019م
تأليف:
الدكتور/ عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
الأستاذ المشارك بقسم الفقه
بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً:
قال الله سبحانه وتعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ](سورة آل عمران الآية 102).[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً](سورة النساء الآية1).

[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا](سورة الأحزاب الآيتان 70، 71).

وبعد:
فاستجابة لاقتراح بعض الإخوة ممن اطلعوا على الرسالة الموسومة (كيف يحج المسلم؟) الذين طلبوا مني أن أضع رسالة متممة لها، تشمل أحكام العيدين، مع التركيز على ما يتعلق بالتكبير والأضحية وبعد استشارة لبعض طلاب العلم وجدت التشجيع والتأكيد فعقدت العزم على إتمامها لعل الله أن ينفع بها وما سبقها وأن يحسن النية، ويجعلها ذخراً لي ولوالدي، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وقد حرصت على أن تكون هذه الرسالة سهلة الأسلوب واضحة في مبناها ومعناها موجزة بعيدة عن بسط الخلاف والمناقشات واكتفيت بما ترجح لي من كلام أهل العلم.
وإني آمل من كل مطلع عليها ألا يحرمني دعوة وتوجيه. أما الدعوة فله مثلها ـ إن شاء الله ـ وأما التوجيه فهو حقّي عليه، والمسلم مرآة أخيه.

أسأل الله جل وعلا أن يغفر لي ما كان فيها من خطأ أو تقصير وأن يجزل المثوبة لي ولوالدي ولمشايخي وأن يدخر لنا الأجر وأن ينفع بهذه الرسالة من كتبها أو قرأها أو اطلع عليها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتب
أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
بعد العشاء من يوم السبت 22-3-1413هـ
الزلفي
الفصل الأول
من أحكام العيد
ويشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول:
سبب تسمية العيد.
المبحث الثاني:
الغسل يوم العيد.
المبحث الثالث:
الأكل يوم العيد.
المبحث الرابع:
التجمل في العيد.
المبحث الخامس:
الخروج إلى المصلى والرجوع منه.
المبحث السادس:
اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد

المبحث الأول
سبب تسمية العيد

العيد لغة: لما يعود ويتكرّر مرّة بعد أخرى. ويعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان، من العوْد، وهو الرجوع، والمعاودة، والاعتياد اسم مصدر من عاد يعود، ثم صار علماً على اليوم المخصوص لعوده في السنة مرتين.
والجمع أعياد، ويقال: عيَّد المسلمون، أي شهدوا عيدهم.
وقد سمي العيد بذلك لأن لله _ تعالى _ فيه عوائد الإحسان من الفطر بعد المنع من الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط.
قال السيوطي: (وهي من خصائص هذه الأمة)([1]).
وتشريع العيدين من رحمة الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فعن أنس _رضي الله عنه _ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال: قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بِهما خيراً منهما، يوم النحر ويوم الفطر([2]).

المبحث الثاني
الغسل يوم العيد

يستحب أن يتطهّر بالغسل للعيد، لأنه يوم يجتمع الناس فيه للصلاة؛ فاستحب الغسل فيه كيوم الجمعة، وإن اقتصر على الوضوء أجزأه([3]).
روى نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى([4]).
وقال الإمام سعيد بن المسيب: (سنة الفطر ثلاث المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال)([5]).
وقال ابن القيم: (وكان يغتسل للعيدين صح الحديث فيه. وقد ثبت عن ابن عمر مع شدة إتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه)([6]).

المبحث الثالث
الأكل يوم العيد

السنة أن يأكل في الفطر قبل الصلاة، ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي، لما ثبت عن أنس _ رضي الله عنه _ قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات)([7]).

وعن بريدة _ رضي الله عنه _ قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته)([8]).
وقد ذكر أهل العلم الحكمة من تقديم الأكل يوم الفطر على الصلاة، وتأخيره يوم الأضحى عنها. فقالوا: إن يوم الفطر يوم حُرِّم فيه الصيام عقيب وجوبه. فاستحب تعجيل الفطر لإظهار المبادرة إلى طاعة الله _ تعالى _، وامتثال أمره في الفطر على خلاف العادة. والأضحى بخلافه؛ ولأن في الأضحى شرع الأضحية، والأكل منها. فاستحب أن يكون فطره على شيء منها ([9]).
قال ابن القيم: (وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات. ويأكلهن وتراً. وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته)([10]).

المبحث الرابع
التجمل في العيد

يستحب أن يتنظف ويلبس أحسن ما يجد، ويتطيب ويتسوك.
قال الإمام مالك: (سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد)([11]).
قال ابن القيم: (وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه، وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة، ومرة كان يلبس بردين أخضرين ومرّة برداً أحمر)([12]).

وهذا اليوم يجتمع فيه الناس فينبغي أن يكون المسلم على أكمل هيئة وأتمها إظهاراً لنعمة الله عليه، وشكراً له، لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
وهل هذا خاص بغير المعتكف؟!

الصحيح أنه عام يشمل المعتكف وغيره. فينبغي للمعتكف أن يخرج إلى الصلاة متنظفاً متطيباً لابساً أحسن ثيابه. وهل خروجه من معتكفه لصلاة العيد أم يخرج بغروب الشمس ليلة العيد؟ قولان لأهل العلم.

ولا بأس بحضور النساء مصلى العيد، لكن لا يلبسن الثياب الفاخرة، ولا يتطيبن، ويعتزلن الرجال، فلا يختلطن بهم، ويعتزل الحُيّض المصلى، ومن شاهد واقع النساء اليوم رأى ما آل إليه حالهن من مخالفة للسنة، وتعمّد للوقوع في المحظور!! ذلك أنهن يلبس أجمل الثياب، ويتطيّبن بأحسن الأطياب، ومنهن من لا يبالين بالتبرج والسفور، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

المبحث الخامس
الخروج إلى المصلى والرجوع منه

يستحب التبكير إلى العيد بعد صلاة الصبح، والدّنو من الإمام ليحصل له أجر التبكير، وانتظار الصلاة، والدنو من الإمام من غير تخطي رقاب الناس، ولا أذى لأحد. ويستحب أن يخرج ماشياً، وعليه السكينة، والوقار، وأن يخالف الطريق، فيذهب من طريق ويرجع من طريق.

قال ابن القيم في سياق هديه صلى الله عليه وسلم صلاة العيد والخروج إليها: (وكان صلى الله عليه وسلم يخرج ماشياً. وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد فيذهب من طريق ويرجع من آخر. فقيل ليسلم على أهل الطريقين. وقيل لينال بركته الفريقان، وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق. وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره. وقيل:لتكثر شهادة البقاع فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة، حتى يرجع إلى منزله. وقيل: وهو الأصح إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله منها([13]). وقال: (وكان ابن عمر مع شدة إتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس، ويكبرّ من بيته إلى المصلى)([14]).

المبحث السادس
اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد

إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد سقطت الجمعة، عمن صلى العيد. لكن ينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد.
وتجب على الصحيح صلاة الظهر على من تخلّف عن الجمعة لحضوره العيد، والأولى بكل حال أن يصلي العيد والجمعة طلباً للفضيلة، وتحصيلاً لأجريهما. والله أعلم.
قال ابن القيم: (ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة)([15]).

الفصل الثاني
التكبير في العيدين وعشر ذي الحجة
ويشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول:
دليل التكبير.
المبحث الثاني:
أنواع التكبير
المبحث الثالث:
وقت التكبير.
المبحث الرابع:
صفة التكبير.
المبحث الخامس:
مكان التكبير.
المبحث السادس:
مالا ينبغي في التكبير.

المبحث الأول:
التكبير في العيدين وعشر ذي الحجة

التكبير مشروع في ليلتي العيدين، وفي عشر ذي الحجة على الصفة المشروعة.
دليل التكبير:
1) قال الله – تعالى – : [وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ](الحج: 28).
2) وقال _ تعالى _ : [وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ] ( البقرة: 185)
3) ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم(كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير)([16]).
4) ما ثبت عن ابن عمر _ رضي الله عنهما _ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)([17]).
5) ما ثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما_كان يكبر في قبته بمنى يسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً([18]).
6) ما ثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما_كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير، حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ([19]).

المبحث الثاني
أنواع التكبير

التكبير على نوعين: مطلق، ومقيد. فالمطلق يشرع في ليلتي العيدين إلى فراغ الخطبة على الصحيح.
كما يشرع في عشر ذي الحجة.
والمقيد:يشرع أدبار الصلوات، من فجر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.كما سيأتي مفصلاً في الفقرة التالية.
قال في المغني: (قال القاضي: التكبير في الأضحى مطلق ومقيد. فالمقيد عقيب الصلوات، والمطلق في كل حال في الأسواق وفي كل زمان.وأما الفطر فمسنونه مطلق غير مقيد)
([20]).

المبحث الثالث
وقت التكبير

التكبير كما مرّ سابقاً مُطلق ومُقيد.ولكلٍّ وقت خاصّ به.
التكبير في ليلتي العيدين:
التكبير في ليلتي العيدين يبدأ من رؤية هلال شوال _ إن تيسر ذلك _ وإلا فمن بلوغه خبر العيد بأي طريق صحيح، أو بغروب شمس الثلاثين من رمضان.
وفي ليلة عيد النحر من غروب يوم شمس اليوم التاسع من ذي الحجة.
ويستمر حتى فراغ الإمام من الخطبة على الصحيح من كلام أهل العلم. لكنه لا يُكّبر أثناء الخطبة إلا تبعاً للإمام ويتأكد التكبير عند الخروج إلى المصلى، وانتظار الصلاة.
التكبير في عشر ذي الحجة:
التكبير في عشر ذي الحجة: مطلق، ومقيد.
فالمطلق: يبدأ من أول العشر إلى فراغ الإمام من الخطبة على الصحيح من كلام أهل العلم.
والمقيد: يبدأ من فجر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، هذا بالنسبة لغير الحاج.
أما الحاج فيبدأ من صلاة الظهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق، لأن الحجاج مشغولون قبل ذلك بالتلبية.
والمطلق: يشرع في كل وقت من ليل أو نهار.
والمقيد: خاص بأدبار الصلوات المفروضة.
وهل يشترط له الصلاة في جماعة؟ وهل يقضي إذا نسيه؟ كل ذلك محل خلاف بين أهل العلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف، والفقهاء من الصحابة والأئمة، أن يكبّر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة.
والتكبير فيه _ عيد الفطر _ أوله رؤية الهلال.وآخره انقضاء العيد.وهو فراغ الإمام من الخطبة على الصحيح)([21])
وقال ابن حجر: (وفيه اختلاف بين العلماء في مواضع، فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات، ومنهم من خصّ ذلك بالمكتوبات، دون النوافل. ومنهم من خصّه بالرّجال دون النساء، وبالجماعة دون المنفرد، وبالمؤداة دون المقضيّة، وبالمقيم دون المسافر، وبساكن المصر دون القرية، وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع)([22]).

المبحث الرابع
صفة التكبير

التكبير المشروع أن يقول: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله . الله أكبر، ولله الحمد). وإن جعل التكبير ثلاثاً فلا بأس. وإن زاد: (الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً) فلا حرج.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وصفة التكبير المنقول عند أكثر الصحابة قد روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر، الله أكبر، لاإله إلا الله. الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد). وإن قال: (الله أكبر) ثلاثاً جاز. ومن الفقهاء من يكبر ثلاثاً فقط، ومنهم من يكبر ثلاثاً. ويقول لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)([23]).

وقال ابن القيم: (وروي عنه أنه كان يُكبّر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، الله أكبر، الله أكبر، لاإله إلا الله. الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)([24]).
وقال العلامة الصنعاني: (وفي الشرح صفات كثيرة، واستحسانات عن عدة من الأئمة وهو يدل على
التوسعة في الأمر، وإطلاق الآية يقتضي ذلك)([25]).

المبحث الخامس
مكان التكبير

يستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق، والدور، والطرق، والمساجد، وأماكن تجمّع الناس إظهاراً لهذه الشعيرة، وإحياء لها، واقتداء بسلف هذه الأمة.
قال ابن قدامة: (يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيدين في مساجدهم ومنازلهم، وطرقهم، مسافرين كانوا أو مقيمين، لظاهر الآية المذكورة:[ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ](البقرة: 185).

قال بعض أهل العلم في تفسيرها: لتكمّلوا عدة رمضان، ولتكبّروا الله عند إكماله على ما هداكم. ومعنى إظهار التكبير، رفع الصوت به واستحب ذلك لما فيه من إظهار شعائر الإسلام، وتذكير الغير)([26]).

المبحث السادس
ما لا ينبغي في التكبير

لا ينبغي التكبير الجماعي، وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد، أو يكبر شخص ثم تردد المجموعة خلفه، لأن ذلك لم ينقل عن سلف هذه الأمة، والخير كل الخير في إتباعهم، ومبنى العبادات على الإتباع لا الابتداع.
والسنة الثابتة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في جميع الأذكار والأدعية المشروعة، في سائر الأوقات.

قال العلامة الألباني: (ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد، كما يفعله البعض. وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع، فلا يُشرع فيه الاجتماع المذكور، فلنكن على حذر من ذلك)([27]).

الفصل الثالث
صلاة العيدينويشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول:
الأصل في مشروعية صلاة العيد.
المبحث الثاني:
حكم صلاة العيد.
المبحث الثالث:
وقت صلاة العيد.
المبحث الرابع:
مكان أداء صلاة العيد.
المبحث الخامس:
صفة صلاة العيد.
المبحث السادس:
لا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين.
المبحث السابع:
هل يصلي قبل صلاة العيد أو بعدها؟
المبحث الثامن:
هل تقضى صلاة العيد؟
المبحث التاسع:
خطبة صلاة العيد.

المبحث الأول
صلاة العيدين

تُشرع صلاة العيدين في المصلّى، وتختلف في بعض أحكامها عن الصلاة المفروضة، وهذا ما سنبينه فيما يأتي:
الأصل في مشروعية صلاة العيد:
الأصل في مشروعيتها الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب فقول الله_تعالى_:[ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ](الكوثر:2).
وقد ذكر عامة المفسرين أن المراد بها صلاة العيد.
وأما السنة فقد ثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلي صلاة العيدين.
قال ابن عباس: (شهدت صلاة العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، فكلهم يُصليها قبل الخطبة)([28])
وأما الإجماع فقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على مشروعيتها.
يقول ابن قدامة: (وأجمع المسلمون على صلاة العيدين)([29]).

المبحث الثاني
حكم صلاة العيد

اختلف أهل العلم في حكم صلاة العيد بعد اتفاقهم على مشروعيتها.
فذهب بعضهم إلى أنها فرض عين.وذهب آخرون إلى أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين.وذهب آخرون إلى أنها سنة مؤكدة.وأدلة كل فريق مبسوطة في كتب الفقه المطولة([30]).

قال في المغني: (وصلاة العيد فرض على الكفاية في ظاهر المذهب، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين. وإن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام. وبه قال بعض أصحاب الشافعي. وقال أبو حنيفة:هي واجبة على الأعيان، وليست فرضاً، لأنها صلاة شرعت لها الخطبة، فكانت واجبة على الأعيان، وليست فرضاً، لأنها صلاة شرعت لها الخطبة، فكانت واجبة على الأعيان، وليست فرضا، كالجمعة.وقال بن أبي موسى: قيل:إنها سنة مؤكدة، غير واجبة.وبه قال مالك وأكثر أصحاب الشافعي )([31]).
وقد رجح شيخ الإسلام وغيره من المحققين أنها فرض عين على كل مسلم.حيث قال: (ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، وقول من قال لا تجب في غاية البعد، فإنها من أعظم شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير.وقول من قال:هي فرض على الكفاية لا ينضبط)([32]).

المبحث الثالث
وقت صلاة العيد

ذهب عامة أهل العلم إلى أن وقت صلاة العيد هو ما بعد طلوع الشمس قدر رمح إلى زوال الشمس.وهو وقت صلاة الضحى، للنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، حيث تحرم الصلاة وقت الشروق، وتكره بعده، إلى أن ترتفع قدر رمح.
ويسن تعجيل صلاة الأضحى في أول وقتها، بحيث يوافق الحجاج بمنى في ذبحهم، وليتمكن الناس من ذبح أضاحيهم.

كما يُسن تأخير صلاة الفطر، ليتمكن الناس من إخراج صدقاتهم.
قال ابن القيم: (وكان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر، ويعجل الأضحى. وكان ابن عمر مع شدة إتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس)([33]).
وقال صديق حسن خان: (وقتهما بعد ارتفاع الشمس، قيد رمح، إلى الزوال.وقد وقع الإجماع على ما أفادته الأحاديث_وإن كانت لا تقوم بمثلها الحجة _ وأما آخر وقتهما فزوال الشمس)([34])

المبحث الرابع
مكان أداء صلاة العيد

من السنة صلاة العيد في المصلى خارج البلد، لفعله صلى الله عليه وسلم وهذا إذا لم يكن هناك عذر يمنع من صلاتها في المصلى.فإن كان هناك عذر من مطر، أو ريح، أو غير ذلك فلا بأس بصلاتها في المسجد.وإن كان في البلد ضعفاء وعجزة استخلف الإمام في مسجد البلد من يصلي بهم لفعل علي_رضي الله عنه_.

قال ابن قدامة: (السنة أن يصلي العيد في المصلى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده. وكذلك الخلفاء من بعده. ولأن هذا إجماع المسلمين فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى فيصلون العيد)([35]).
وقال ابن القيم: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى، وهديه كان فعلهما في المصلى دائماً)([36]).

المبحث الخامس
صفة صلاة العيد

صلاة العيد ركعتان، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، تبدأ الركعة الأولى بتكبيرة الإحرام_كسائر الصلوات _ثم يُكبر بعدها ست تكبيرات.وقيل سبع.
وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال.

ويُشرع رفع اليدين مع التكبير لصلاة العيد.وقال بعض أهل العلم:لا يشرع ذلك.
ويُشرع أن يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين التكبيرات.
فيقول: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على آله وصحبه وسلم،تسليماً كثيراً).

وقال بعض أهل العلم: لا يشرع الذكر بين التكبيرات، ثم بعد أن يتم التكبير يأخذ في القراءة بفاتحة الكتاب. ثم يقرأ بعدها في الأولى: [سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى](الأعلى:1). وفي الثانية: [هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ](الغاشية:1). أو يقرأ في الأولى:[ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ](ق:1) وفي الثانية:[ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ](القمر:1).
ثم يكمل الركعتين كغيرها من الصلوات المعتادة، لا تختلف عنها شيئاً.
قال ابن قدامة: ( لا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان )([37]).
وقال ابن القيم في معرض سياقه لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد وكيفيتها:

(وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، فيصلي ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح، يسكت بين كل تكبيرتين، سكتة يسيرة، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات. ولكن ذكر عن ابن مسعود أنه قال: يحمد الله. ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الخلاّل. وكان ابن عمر مع تحريه للإتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتم التكبير أخذ في القراءة، فقرأ فاتحة الكتاب، ثم قرأ بعدها: [ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ](ق:1). في إحدى الركعتين، وفي الأخرى: [اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ]
(القمر:1) وربما قرأ فيهما: [سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى](الأعلى:1)و[هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ](الغاشية:1)
صح عنه هذا وهذا، ولم يصح عنه غير ذلك. فإذا فرغ من القراءة كبر وركع، ثم إذا أكمل الركعة وقام من السجود كبّر خمساً متوالية.فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة فيكون التكبير أول ما بدأ في الركعتين، والقراءة يليها الركوع([38]).

المبحث السادس
لاأذان ولا إقامة للعيدين

ليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها من غير أذان ولا إقامة.
عن ابن عباس وجابر_رضي الله عنهما_قالا: (لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى)([39]).
وعن جابر بن سمرة_رضي الله عنه_قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة)([40])
قال ابن القيم: (وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة، ولا قول الصلاة جامعة. والسنة أنه لا يُفعل شيء من ذلك)([41]).
وقال ابن حزم: (ويأتي الإمام فيتقدم بلا أذان ولا إقامة فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة)([42]).

المبحث السابع
هل يصلي قبل صلاة العيد أو بعدها؟

لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبل صلاة العيد، ولا بعدها.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفطر ركعتين لم يصل قبلهما، ولا بعدهما)([43]).
قال ابن القيم: (ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها)([44]).
وقال ابن حجر: (والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها، خلافاً لمن قاسها على الجمعة.
وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع، بدليل خاص إلا أن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام)([45]).
وهذا إذا صلاها المسلم في المصلى، أما إن صليت بالمسجد لعذر من الأعذار كالمطر والريح وغير ذلك فالصحيح من كلام أهل العلم أن المسلم يصلي ركعتين تحية المسجد، لأن حكمه حكم من دخل المسجد لغير صلاة العيد. والله أعلم.

المبحث الثامن
هل تقضى صلاة العيد؟

ذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد إذا فاتت لا تقضى لفوات وقتها؛ ولأن النوافل لا تقضى، ولأنها تصلى جماعة.
وقال البعض الآخر من فاتته صلاة العيد سُنَّ له قضاؤها على صفتها، لفعل أنس ولأنه قضاء صلاة، فكان على صفتها كسائر الصلوات.
وهؤلاء قالوا: إن أدرك الإمام قبل السلام قضاها على صفتها، وإن أدرك الخطبة فقط وجاء بعد سلام الإمام من الصلاة قضاها ركعتين على صفتها، ومنهم من قال: يقضيها أربعاً. والله أعلم.
قال في المغني: (من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه، لأنها فرض كفاية، وقد قام بها من حصلت الكفاية به، فإن أحب قضاءها فهو مخير، إن شاء صلاها أربعاً، إما بسلام واحد وإما بسلامين).
وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع. وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير. وهو مخير إن شاء صلاها وحده، وإن شاء في جماعة)([46]).
وقال ابن حجر معلقاً على تبويب البخاري: (باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين). في هذه الترجمات حكمان: مشروعية استدراك صلاة العيد، إذا فاتت مع الجماعة، سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضى ركعتين كأصلها)([47]).

المبحث التاسع
خطبة صلاة العيد

بعد أن يسلم الإمام من الصلاة يخطب في الحاضرين خطبتين، يستقبلهم بوجهه، وهم جلوس في أماكنهم، يستفتح الخطبتين بالحمد لله، وإن افتتحهما بالتكبير فلا حرج، ويخطب وهو قائم، ويجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة. فإن كان في الفطر أمرهم بصدقة الفطر، وبين لهم وجوبها وثوابها. وقدر المخرج وجنسه، وعلى من تجب، والوقت الذي يخرج فيه. وفي الأضحى يذكر الأضحية، وفضلها، وما يجزيء فيها، ووقت ذبحها، والعيوب التي تمنع منها، وكيفية تفرقتها. وما يقوله عند ذبحها. ولا يلزم حضور الخطبتين، بل من شاء من الحاضرين حضرها-وهو أفضل-ومن شاء انصرف، ويستحب للإمام وعظ النساء، وتذكيرهن بما يجب عليهن اقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم(كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف يقوم مقابل الناسوالناس جلوس على صفوفهم-فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم)([48]).
قال ابن القيم: (وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف، فقام مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم، ويأمرهم وينهاهم. وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير.
ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة، وأن يذهب)([49]).
وقال ابن قدامة: (وجملته أن خطبتي العيدين بعد الصلاة لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين, إلا عن بني أمية. والخطبتان سنة؛ لا يجب حضورهما، ولا استماعهما، ويستحب أن يخطب قائماً)([50]).

الفصل الرابع
صدقة الفطر
ويشتمل على:
1- تعريفها.
2- سبب تسميتها بذلك.
3- على من تجب؟
4- دليل وجوبها.
5- فضلها.
6- حكمة مشروعيتها.
7- جنس المخرج.
8- إخراج القيمة أوغيرها.
9- مقدارها.
10- وقت وجوبها.
11- وقت إخراجها.
12- مصرف صدقة الفطر.
13- مكان دفع صدقة الفطر

صدقة الفطر
1_تعريفها:

صدقة الفطر هي: الصدقة الواجبة على أعيان المسلمين، بحلول عيد الفطر المبارك.شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بعد أن فُرض عليها الصيام.
2_ سبب تسميتها بذلك:
سميت بذلك، لأنها تجب بالفطر أي يوم العيد، وقيل: لأنها صدقة للخلقة. أي الفطرة تطهيراً للصائم، وجبراً لصيامه.
3_ على من تجب؟
صدقة الفطر صدقة بدن، متعلقة بكل بدن من أبدان المسلمين، صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، أحراراً وعبيداً، وهي واجبة على كل مسلم.
4_ دليل وجوبها:
ما رواه ابن عمر*_رضي الله عنهما_قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحرّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين)([51]).
5_ فضلها:
لهذه الصدقة فضل عظيم، حيث أناط الله بها وبصلاة العيد بعدها فلاح المؤمن، وفوزه بسعادة الدارين.فقال_
تعالى-:[قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى](الأعلى الآيتان:14،15 ).ووصفها نبي الرحمة بأنها طُهرة للصائم من اللغو والرفث. وهذا مبني على أن فلاح العبد متوقف على زكاة نفسه وطهارتها بما شرع الله من صالح الأقوال والأعمال، وزكاة الفطر من بينها. فهي مما يؤهل المسلم لأن ينال فلاح الآخرة وفوزها، وكفى بهذا شرفاً وفضلاً.
6_ حكمة مشروعيتها:
لعل من أبرز معالمها التشريعية، وأسرارها الظاهرة، أنها تزكي نفس المؤمن، وتطهرها مما قد يعلق بها من آثار اللغو والرفث، أثناء صيام رمضان.وأنها تصون كرامة المؤمن، وتحفظ له عزته.فالمؤمن الجائع قد يضطره جوعه إلى أن يسأل الناس يوم العيد. وفي ذلك من الذلة والانكسار ما يتنافى مع عزة المؤمن؛ وبهجة العيد، وسروره. وهي تحافظ على بناء المجتمع المسلم متعاوناً، متكافلاً، مترابطاً يشعر بعضه بشعور البعض، يحس الغني بآلام الفقير، فيحنو عليه، ويعطف عليه، ويواسيه من فضل ماله، فتصفو النفوس، وتتآلف، ويبتعد شبح التفرق والحسد، والبغضاء والضغينة.
7_ جنس المخرج:
يخرج المسلم صدقة الفطر من غالب طعام أهل بلده، من تمر أو أرز أو بر أو زبيب أو أقط، أو غير ذلك.المهم أن يكون طعاماً للآدميين.
8_ إخراج القيمة أو غيرها:
لا يجوز إخراج صدقة الفطر من غير الطعام، فلا يخرجها من الثياب والفرش والأواني وسائر الأمتعة.
كما لا يجزيء إخراج القيمة على الصحيح من كلام أهل العلم.لأن ذلك خلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولأنه لا يسوغ لنا أن نغير وقتها، فكذا لا نغير جنسها.ولأن إخراجها نقوداً يبعدها عن كونها شعيرة ظاهرة،
يحسن بالمسلم أن يكيلها أمام أهل بيته ليروها، ويسرّوا بإخراجها.
9_ مقدارها:
قدرها كيلوان وربع 2.25 كيلو من البر الجيد، أو ما يعادله، لأن زنة الصاع بعد التتبع كيلوان وربع الكيلو.
وهناك من أهل العلم من أوصلها إلى ثلاث كيلوات.ومنهم من جعلها كيلوين وأربعين جراماً، والاحتياط مطلوب.
10_ وقت وجوبها:
وقت وجوب صدقة الفطر غروب الشمس من ليلة العيد.فمن كان من أهل الوجوب حينذاك وجبت عليه، وإلا فلا.فمن مات قبل الغروب ولو بدقائق لم تجب فطرته، ومن مات بعد الغروب بدقائق وجبت.
11_ وقت إخراجها:
وقت إخرج صدقة الفطر يوم العيد، قبل الصلاة، وهذا أفضل أوقاتها، وللمسلم أن يخرجها قبل العيد بيوم أو يومين، إذا كان إخراجها يوم العيد يشق عليه.
12_ مصرف صدقة الفطر:
مصرفها مصرف الزكاة، فلا يسوغ للمسلم أن يصرفها في غير مصرفها الشرعي، ونحن نلاحظ تساهل كثير من الناس في توزيع صدقة الفطر.فهذا يعطي جيرانه، وآخر يعطي أقاربه، وثالث يعطي أصدقاءه، ولو كانوا أغنياء؛ وهذا من التساهل فيما أوجب الله عليه.
13_ مكان دفع صدقة الفطر:
تدفع صدقة الفطر إلى فقراء المكان الذي هو فيه، وقت الإخراج، سواء كان محل إقامته أو غيره من بلاد المسلمين، لاسيما إن كان مكاناً فاضلاً كمكة والمدينة، أو كان فقراءه أشد حاجة، فإن كان في بلد ليس فيه من يدفعها إليه، أو كان لا يعرف المستحقين في البلد فله أن يوكل من يدفعها عنه في بلده أو غيره.
وهنا مسألة كثيرة الوقوع، وهي أن يقيم المسلم في بلده أكثر رمضان، ثم يسافر إلى مكة_مثلاً_ آخر رمضان فالأفضل في حقه أن يدفع صدقته لفقراء الحرم، وإن دفعها لفقراء بلده الذي أقام فيه غالب رمضان فلا حرج _ إن شاء الله_([52]).

الفصل الخامس
الأضحية
ويشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول: تعريفها وسبب تسميتها.
المبحث الثاني: الأصل في مشروعيتها.
المبحث الثالث: حكمة مشروعيتها.
المبحث الرابع: حكم الأضحية.
المبحث الخامس: وقت الذبح.
المبحث السادس: من تجزيء عنه الأضحية؟
المبحث السابع: من تشرع في حقه الأضحية؟
المبحث الثامن: الاشتراك في الأضحية.
المبحث التاسع: التصدق بثمنها.
المبحث العاشر: شروطها.
المبحث الحادي عشر: الأفضل من الأضاحي والمكروه منها.
المبحث الثاني عشر: ما يُؤكل من الأضحية، ويُهدى، ويُتصدّق به.
المبحث الثالث عشر: ما يطلب من المضحي.
المبحث الرابع عشر: الحكمة في المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة.
المبحث الخامس عشر: أمور يحسن التنبيه عليها.

الأضحية

تشرع الأضحية يوم عيد الأضحى، وفي أيام التشريق، وهي عبادة عظيمة، تتجلّى فيها العبودية الخالصة لله، إذ يتقرّب المسلم إليه بسفك دم بهيمة الأنعام على الوجه المشروع.

المبحث الأول
تعريفها لغة واصطلاحاً

الأضحية في اللغة:
بضم الهمزة وكسرها، وبتخفيف الياء وتشديدها، وجمعها أضاحي، وأضاحيَّ. ويقال ضحية بفتح الضاد وكسرها، وجمعها ضحايا وأضحاة بفتح الهمزة وكسرها، وجمعها أضحىً منونة ومثله أرطى جمع أرطاة([53]).
وفي الاصطلاح:
ما يذبح من النّعم تقرباً إلى الله _ تعالى _ من يوم عيد النحر إلى آخر أيام التشريق.
سبب تسميتها بذلك:
قيل مأخوذة من الضّحوة، سميت بأول أزمنة فعلها، وهو الضّحى، وبها سمي يوم الأضحى([54]).

المبحث الثاني
الأصل في مشروعية الأضحية

الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله – تعالى -: [فصلّ لربك وانحر ] ( الكوثر، 2 ). قال ابن كثير وغيره: (الصحيح أن المراد بالنحر ذبح المناسك، وهو نحر البدن ونحوها)([55]).
ومن السنة: ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين، وكان يسمي ويكبر)([56]).
وما ثبت عن البراء بن عازب، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم النحر، فقال: ( لا يضحين أحد حتى يُصلي، فقال رجل: عندي عناق لبن هي خير من شاتي لحم، قال: فضح بها ولا تجزيء جذعة عن أحد بعدك)([57])
ومن الإجماع: ما ثبت من إجماع المسلمين من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أيامنا هذه على مشروعية الأضحية، ولم ينقل عن أحد خلاف ذلك، ومستند الإجماع الكتاب والسنة.
قال ابن قدامة في المغني: ( أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية )([58]). وقال ابن حجر: (ولا خلاف في كونها من شرائع الدين )([59]).

المبحث الثالث
حكمة مشروعية الأضحية

شرع الله الأضحية لتحقيق الحكم التالية:
1- إقتداء بأبينا إبراهيم، عليه السلام، الذي أمر بذبح فلذة كبده، فصدَّق الرؤيا، ولبّى، وتله للجبين، فناداه الله، وفداه بذبح عظيم.
وصدق الله العظيم. إذ يقول: [ فلما بلغ معه السعي قال يا بنيّ إنيّ أرى في المنام أنيّ أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه أن ياإبرهيم قد صدّقت الرّؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم ].(الصافات، الآيتان 102-107) ففي ذبح الأضاحي إحياء لهذه السنة، وتضحية بشيء مما أفاء الله على الإنسان، شكراً لصاحب النعمة ومُسديها، وغاية الشكر محض الطاعة، بامتثال الأمر.
2- توسعة على الناس يوم العيد، فحين يذبح المسلم أضحيته يُوسّع على نفسه وأهل بيته، وحين يُهدي منها إلى أصدقائه وجيرانه وأقاربه، فإنه يوسّع عليهم، وحين يتصدّق منها على الفقراء والمحتاجين، فإنه يغنيهم عن السؤال في هذا اليوم الذي هو يوم فرح وسرور.

المبحث الرابع
حكم الأضحية

اختلف أهل العلم في حكمها على أقوال أشهرها قولان، هما:
القول الأول: الأضحية سنة مؤكدة، يُثاب فاعلها، ولا يأثم تاركها. وإلى هذا القول ذهب جماهير أهل العلم من السلف ومن بعدهم.
القول الثاني: الأضحية واجبة شرعاً على المسلم الموسر المقيم، ويأثم إن لم يضح. وذهب إلى هذا الإمام أبو حنيفة، وغيره من أهل العلم.
وقد استدل كل فريق بأدلة مبسوطة في كتب المذاهب. والذي تطمئن إليه النفس وتُعضّده الأدلة في نظري أن الأضحية سنة مؤكدة، وليست واجبة.
قال ابن حزم: (الأضحية سُنة حسنة، وليست فرضاً، ومن تركها غير راغب عنها فلا حرج عليه في ذلك)([60]).
وقال النووي: (واختلف العلماء في وجوب الأضحية على الموسر، فقال جمهورهم: هي سنة في حقه إن تركها بلا عذر لم يأثم، ولم يلزمه القضاء. وقيل هي واجبة على الموسر)([61]).

المبحث الخامس
وقت الذبح

وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد يوم النحر، إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده. فمن ذبح أضحيته قبل فراغ صلاة العيد أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح. وقيل: إن وقت الذبح يومان بعد العيد فقط. وعند هؤلاء أيام الذبح ثلاثة فقط. ولكن الرّاجح القول الأول.
ويجوز الذبح ليلاً ونهاراً، ولكن الذبح في النهار أفضل. وكل يوم من أيام الذبح أفضل مما يليه، لأن في تقديم الذبح مبادرة إلى فعل الطاعة.
قال النووي: (وأما وقت الأضحية فينبغي أن يذبحها بعد صلاته مع الإمام، وحينئذ تجزيه بالإجماع. قال ابن المنذر وأجمعوا أنها لا تجوز قبل طلوع الفجر يوم النحر. واختلفوا فيما بعد ذلك)([62]).
وقال ابن حجر: (واتفقوا على أنها تُشرع ليلاً، كما تُشرع نهاراً، إلا رواية عن مالك وعن أحمد_ أيضاً_)([63]).

المبحث السادس
من تجزيء عنه الأضحية

تجزيء الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته، ومن شاء من المسلمين، من حي أو ميّت. وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما ذبح أضحيته، قال: ( اللهم تقبّل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد). ويجزيء سُبْعُ البعير أو البقرة، عما تُجزيء عنه الواحدة من الغنم. فلو ضحّى المسلم في سُبْع ِبعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك. ولو اشترك سبعة أشخاص يُضحون أو يهدون في بعير أو بقرة أجزأهم ذلك.

المبحث السابع
من تشرع في حقه الأضحية

الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ضحّى عن نفسه وأهل بيته.
وأما ما يفعله بعض الناس من تقديم الأموات على أنفسهم وأهليهم تبرعاً منهم، فلا أصل له فيما نعلم.
لكن لو ضحى عن نفسه وأهل بيته، وأشرك الأموات معهم، أو ضحى للأموات استقلالاً تبرعاً منه فلا بأس بذلك. وهو مأجور _ إن شاء الله _.
أما ضحايا الأموات التي هي وصايا عنده، فهذه يجب تنفيذها، ولو لم يضح عن نفسه، لأنه مأمور بتنفيذ الوصية.

المبحث الثامن
الاشتراك في الأضحية

لا تُجزيء الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر، يشتريانها فيضحيان بها، لعدم ورود ذلك في الكتاب والسنة.
كما لا يجزيء أن يشترك أكثر من سبعة في بعير أو بقرة لأن العبادات توقيفية. والثابت الاشتراك بين سبعة فأقل. وهذا في غير الثواب، إذ لا حصر للاشتراك فيه لأن فضل الله واسع.
وهنا يجب التنبيه على خطأ يتساهل فيه بعض الناس ممن يتولون تنفيذ الوصايا، حيث يجمع وصايا أكثر من قريب له في أضحية مشتركة، وهذا لا يسوغ.
لكن لو كان الموصي واحداً بحيث أوصى بعدة ضحايا فجمعت له في أضحية واحدة فلا بأس _ إن شاء الله_.

المبحث التاسع
الصدقة بثمنها

ذبح الأضحية شعيرة ظاهرة من شعائر دين الإسلام، ولذا فالذّبح أفضل من الصدقة بالثمن، لما يأتي:
1- أن الذبح عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم، من سلف الأمة.
2- أن الذبح من شعائر الله، فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة بالثمن لتعطلت شعيرة ذبح الأضحية!!
3- ذبح الأضحية عبادة ظاهرة والصدقة بالثمن ألصق بالعبادة السرّية.
4- لو كانت الصدقة بالثمن مساوية لذبح الأضحية أو أفضل منها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله أو فعله، لأنه لم يترك خيراً إلا ودلّنا عليه، ولا شراً إلا وحذّرنا منه.
5- من المعلوم أن الصدقة بثمن الأضحية أيسر وأسهل من ذبحها، لما يصاحب الذبح ويسبقه في كثير من الأحيان من المشقة التي يعرفها الناس. ولو كان التصدق بالثمن أفضل أو مساوياً لما ترك الرسول صلى الله عليه وسلم بيانه، وهو الرحيم بأمته المشفق عليهم الذي يختار لهم دائماً الأيسر، والأخف، فعلم بهذا أن الذبح أفضل قطعاً. والله أعلم.
قال ابن تيمية: (والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك، فإذا كان معه مال يريد التقرب به إلى الله كان له أن يضحي به، والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة، والهدي بمكة أفضل من الصدقة بها)([64]).
وقال ابن القيم: ( الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه. قال: ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه. وكذلك الأضحية)([65]).

المبحث العاشر
شروطها

يشترط للأضحية شروط، لا تجزىء إلا بتوافرها، وهي:
1- أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، ضأنها ومعزها.
2- أن تبلغ السن المطلوبة شرعاً، بأن تكون جذعة من الضأن أو ثنية من غيره.
(أ*) الثني من الإبل: ما تم له خمس سنوات.
(ب*) الثني من البقر: ما تم له سنتان.
(ج*) الثني من الغنم: ما تم له سنة.
(د*) الجذع: ما له ستة أشهر.
3- أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء، وهي المنصوص عليها في الحديث.
( أ ) العور البين.
(ب) المرض البين.
( ج ) العرج البين.
( د ) الهزال المزيل للمخ.
ويلحق بهذه العيوب ما كان مثلها أو أشدّ ، فلا تجزيء الأضحية به كالعمياء ، ومقطوعة اليدين ، والرجلين ، والكسيحة.
4- أن تكون ملكاً للمضحي، أو مأذوناً له فيها. فلا تصح التضحية بالمغصوب والمسروق، والمشترك بين اثنين، إلا بإذن الشريك.
5- ألا يتعلّق بها حق للغير، فلا تصح التضحية بالمرهون، ولا بالموروث قبل قسمته.
6- أن تقع الأضحية في الوقت المحدد شرعاً، فإن ذبحت قبله أو بعده لم تجزيء([66]).

المبحث الحادي عشر
الأفضل من الأضاحي والمكروه منها

الأفضل من الأضاحي جنساً الإبل، ثم البقر، إن ضحى بها كاملة، ثم الضأن، ثم المعز، ثم سُبْع البُدنة، ثم سُبْع البقرة .

والأفضل منها صفة ما توافرت فيه صفات التمام والكمال في بهيمة الأنعام، وهي معروفة لأهل الخبرة في هذا المجال، ومنها:
( أ ) السمن.
(ب) كثرة اللحم.
(ج) كمال الخلقة.
(د) جمال المنظر.
(هـ) غلاء الثمن.
والمكروه من الأضاحي:
1_ مقطوع الأذن والذنب، أو مشقوق الأذن طولاً أو عرضاً.
2_ مقطوع الإلية والضّرع، أو مقطوعة بعضهما، كحلمة الضرع _مثلاً_.
3_ المجنونة وهي التي تستدبر المرعى.
4_ فاقدة الأسنان.
5_ الجماء ومكسورة القرن.
وقد نص الفقهاء _ يرحمهم الله _ على كراهية العضباء، والمقابلة، والمدابرة، والشرقاء، والخرقاء، والبخقاء، والبتراء، والمشيعة، والمصفرة([67]).
المبحث الثاني عشر
ما يؤكل من الأضحية، ويهدى ويتصدق به
يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويُهدي، ويتصدّق، والأمر في ذلك واسع، من حيث المقدار. لكن المختار عند أكثر أهل العلم أن يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث.
ولا فرق في جواز الأكل والإهداء من الأضحية بين أن تكون تطوعاً، أو واجبة، ولا بين أن تكون عن حيّ أو ميّت أو وصية.
ويحرم بيع شيء من الأضحية من لحمها، أو جلدها، أو صوفها، ولا يعطى الجزار منها شيئاً أجرة عن ذبحه، لأن ذلك بمعنى البيع([68]).
وقد ذهب ابن حزم إلى أبعد من هذا، فقرر وجوب الأكل من الأضحية، حيث قال: ( وفرض على كل مضحي أن يأكل من أضحيته، ولابد ولو لقمة فصاعداً.
وفرض عليه أن يتصدق _ أيضاً _ منها بما شاء قلّ أو كثر. ولابدّ ومباح له أن يُطعم منها الغني، والكافر، وأن يهدي منها _ إن شاء ذلك _([69]).

المبحث الثالث عشر
ما يطلب من المضحي

إذا أراد المسلم أن يضحي عن نفسه وأهل بيته أو أن يتبرع لحي أو ميت ودخل شهر ذي الحجة؛ إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً، فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره، أو جلده، حتى يذبح أضحيته.
ودليل ذلك ما روته أم سلمة _ رضي الله عنها _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئاً حتى يُضحّي )([70]).

المبحث الرابع عشر
الحكمة في منع الأخذ من الشعر والظفر والبشرة

ذكر أهل العلم طرفاً من حكمة النهي عن أخذ الشعر والظفر والبشرة. ومن ذلك:
1_ قيل: إن المضحي لما كان مشاركاً للمحرم في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله بذبح الأضحية ناسب أن يعطى بعض أحكامه في المنع من أخذ الشعر والظفر.
2_ وقيل الحكمة أن يبقى المضحي كامل الأجزاء للعتق من النار.
3_ وقيل إن الحكمة توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية، فيكون ذلك من الأضحية عند الله، وكمال التعبد بها، ولعل ذلك كله وغيره مراد. والله أعلم.

المبحث الخامس عشر
وهنا أمور يحسن التنبيه عليها

1_ كثيراً ما يسأل الناس ليلة الثلاثين من ذي القعدة هل يأخذون من شعرهم وأظفارهم؟
ونقول: إذا لم يثبت دخول الشهر ليلة الثلاثين فلهم ذلك ولا حرج عليهم، فالأمر متعلّق بدخول شهر ذي الحجة، وهو يثبت برؤية هلاله أو تمام ذي القعدة ثلاثين يوماً، لكن من أراد الاحتياط فله ذلك.
2_ إذا دخل عشر ذي الحجة والمسلم لم ينو الأضحية فأخذ من شعره وظفره، ثم بدا له بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر أن يضحي فعليه أن يمسك من حين نوى، ولا حرج عليه فيما مضى ولله الحمد.
3_ اختلف أهل العلم هل أخذ الشعر والظفر حرام أو مكروه أو مباح _ ممن أراد أن يضحي _؟ والصحيح أنه حرام، لأن الأصل في النهي التحريم. ولا صارف له عن الأصل، لكن لو أخذ المسلم من شعره وظفره فلا فدية عليه، وعليه النوبة والاستغفار من ارتكاب المنهي.
4_ من أراد أن يضحي ثم أخذ من شعره وظفره فله أن يضحي ولا يمنعه من الأضحية أخذه من شعره وظفره. فهذا أمر، وهذا أمر آخر، لكن هذا الشخص أثم بارتكاب المنهي، وأما ما يظنه العامة من عدم قبول أضحيته فلا أصل له في الشرع.
5_ من احتاج إلى أخذ الشعر والظفر وشيء من البشرة فلا حرج عليه، كأن ينكسر ظفره فيحتاج إلى قصّه أو تتدلّى قشرة من جلده فتؤذيه فله قصّها، أو يحصل به جرح فيحتاج إلى قص الشعر. وهكذا.
6_ النهي عن أخذ الشعر والظفر والبشرة خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه وأهل بيته، أو يضحي تبرعاً لحي أو ميت، وأما من يضحى عنه من الزوجة والذرية فلا يشملهم النهي، لأنه خاصّ بمن أراد أن يضحي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشملهم لأنهم يشاركون المضحي في الثواب، فشاركوه في الحكم. والأول أظهر. والله أعلم.
7_ لا أثر للتوكيل في المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة، فالذي يمنع من أخذها هو من أراد أن يضحي. أما الوكيل والوصي فلا يمتنعان، وما يظنه كثير من الناس أنه إذا وَكلّ له أن يأخذ من شعره وظفره وبشرته، فهو غير صحيح. فلينتبه لذلك.
8_ من أراد أن يُضحي وعقد العزم على الحج أو العمرة فلا يأخذ من شعره وظفره عند الإحرام. أما الحلق أو التقصير للحج والعمرة فيجب ولو كان الحاج أو المعتمر سيضحي، لأن هذا التقصير أو الحلق نسك، فلا يشمله النهي عن أخذ الشعر والظفر.
9_ لا حرج أن تذبح المرأة الأضحية، وما يظنّه بعض العامة من عدم جواز ذبح المرأة فلا أصل له في الشرع.
قال في المغني: ( قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة المرأة والصبي)([71]).
وقد روى البخاري بإسناده عن كعب بن مالك: (أن جارية لهم كانت ترعى غنماً بسلع فأبصرت بشاة من غنمها موتاً فكسرت حجراً فذبحتها به، فقال لأهله لا تأكلوا حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله أو حتى أرسل إليه من يسأل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أو بعث إليه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها)([72]).
10_ هناك من يتساهل في الوصايا التي بين يديه، فيتبرع لميته القريب، ويترك وصيته وهذا لا يجوز. إذ تنفيذ الوصية واجب وإن زاد عليها وتبرع من نفسه فلا حرج.
ولقد رأينا من لديهم وصايا لوالديهم أو أحدهما ويوفرون ذلك محتجين بأنهم يتبرّعون لهم سنوياً بأضحية أو أكثر، وهذا الحكم يشمل الوصايا للأقارب وغيرهم، فلينتبه لذلك.
11_ يعمد بعض الناس إذا سفك دم أضحيته إلى أخذ شيء من الدم ورش الجدار به زاعماً أن هذا يشهد له يوم القيامة، ويترك الدم حتى يزول. وهذا لا أصل له في الشرع، بل يخشى على صاحبه إذا لم يكن جاهلاً _والعياذ بالله_.
12_ ظهرت في الآونة الأخيرة بادرة طيبة تنم عن تكافل المسلمين وتعاونهم، وهي نقل الأضاحي إلى اللاجئين والمهاجرين المسلمين في البلاد الإسلامية المختلفة، وقد منع ذلك بعض أهل العلم وأجازه البعض الآخر، والذي يظهر لي _ والعلم عند الله _ أن هناك فرقاً بين أضحية المسلم عن نفسه وأهل بيته، وما عنده من الوصايا للآخرين، وبين الأضاحي المتبرع بها.
أما أضحية المسلم عن نفسه وأهل بيته، وكذا الوصايا المحدّدة مكاناً ومصرفاً فالذي يبدو أن عدم نقلها أولى. بل تذبح في مكان الشخص المضحّي.
وأما الأضاحي المتبرع بها فالأمر فيها واسع _ إن شاء الله _. [ ولو قيل إن الأمر متروك لتقدير المفتي حسب حاجة الناس وما يترجح له من أولويات لكان صواباً].
13_ لو فات وقت الأضحية وكان المسلم معذوراً أو استمرّ عذره حتى فوات الوقت كأن تهرب الأضحية ولا يجدها إلا بعد فوات وقت الذّبح أو يُوكِّلْ من يذبحها فينسى الوكيل، ثم يعلم الموكل بأنه لم يذبح فهل يُسوّغ الذبح هنا، ويكون العذر مبرراً لإجزاء الأضحية، هذا محل نظر عند أهل العلم، وقد رفع الله الحرج عن هذه الأمة، ولم يكلفها فوق طاقتها، وشرع لمن نام عن صلاة أو نسيها أن يُصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك.
14_ إذا تعينت الأضحية وجب تنفيذها ولا يُسوّغ له العدول عنها، ولا تبديلها إلا بخير منها، وما يفعله بعض الناس من شراء الأضحية ثم بيعها والتساهل في ذلك فهذا خطأ ينبغي التنبيه له.
وإن ولدت بعد التعيين فحكم ولدها حكمها تماماً.
وإن تَلِفَت قبل الذبح، فإن كان بتفريط منه ضمنها، وإن كان بفعل فاعل لزمه ضمانها. وإن تلفت بعد الذبح، أو سرقت، فإن كان بتفريط منه ضمن ما يتصدّق به فقط. وإلا فلا شيء عليه.
15_ من أُهدي إليه شيء من الأضحية أو تصدِّق به عليه، فله التصرف فيه بما شاء، من بيع أو إهداء أو صدقة، لكن لا يبيعه على من أهداه أو تصدّق به.

الفصل السادس
فضل عشر ذي الحجة
ويشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول:
فضل عشر ذي الحجة.
المبحث الثاني:
المراد بالأيام المعلومات والأيام المعدودات.
المبحث الثالث:
المفاضلة بين العشر الأخيرة من رمضان وعشر ذي الحجة!!
المبحث الرابع:
المفاضلة بين العيدين.
المبحث الخامس:
التهنئة بالعيد.
المبحث السادس:
ما لا ينبغي في العيد.

المبحث الأول
فضل عشر ذي الحجة:

روى البخارى في صحيحه عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه، قالوا ولا الجهاد؟ قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء…)([73])
وبهذا يتبين أن عشر ذي الحجة من أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، ذلك أن أمهات العبادات تجتمع فيها، ولا تجتمع في غيرها. ففيها كغيرها: الصلاة، والصيام، والصدقة، والذِّكر، لكنها تتميز على غيرها من سائر الأيام بمناسك الحج وبمشروعية الأضحية يوم العيد، وأيام التّشريق.
قال العلامة ابن حجر: ( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال)([74]).
ففي عشر ذي الحجة:
الحج والعمرة وهما من أفضل الأعمال التي يتقرّب بها العبد إلى ربه.
وصيام الأيام التسعة الأولى، وخصوصاً التاسع من أفضل الأعمال. ويكفي فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام مسلم عن أبي قتادة: ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)([75])
والتّكبير والذّكر في هذه الأيام استجابة لقول الله _ تعالى _: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)(الحج: 28). والمقصود بها أيام العشر.
وتشرع في هذه الأيام الأضحية في يوم العيد، وأيام التشريق، وهي سنة أبينا إبراهيم _ عليه السلام _ حين فدى الله ولده إسماعيل بذبح عظيم، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين عنه وعن أمته.
كما يُشرع في يوم العيد للمسلم أن يحرص على الصلاة، وسماع الخطبة، والاستفادة منها، في معرفة أحكام الأضحية وما يتعلّق بها.
ويشرع في هذه الأيام وغيرها كثرة النوافل، من صلاة، وقراءة، وصدقة، وتجديد التوبة، والإقلاع عن الذنوب، والمعاصي، صغيرها وكبيرها ويقول ابن قدامة: ( وأيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب الاجتهاد في العبادة فيها )([76])

المبحث الثاني
المراد بالأيام المعلومات والأيام المعدودات؟

قال الله _تعالى _ : (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تُحشرون)(البقرة: 203).
وقال _ تعالى _: ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير )(سورة الحج:28).
وقد اختلف أهل العلم خلافاً واسعاً في المراد بهذه الأيام المعدودات والمعلومات، ومما ذكروه في ذلك.

أولا: الأيام المعلومات أيام النحر على خلاف بينهم، هل هي ثلاثة أو أربعة أيام؟!
الثاني: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة من أول يوم في الشهر، إلى يوم العيد.
الثالث: الأيام المعدودات أيام التشريق.
الرابع: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة، وأيام التشريق، أي من أول الشهر إلى آخر الثالث عشر.
الخامس: الأيام المعلومات الأيام التسعة من عشر ذي الحجة، والمعدودات أيام التشريق بما فيها يوم العيد.
وهناك قول ضعيف بأن الأيام المعدودات أيام العشر، والأيام المعلومات أيام النحر، وهذا خلاف الإجماع.
والذي يظهر أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
قال ابن العربي: ( قال علماؤنا أيام الرمي معدودات، وأيام النحر معلومات )([77]).
وقال ابن تيمية: (قيل الأيام المعلومات هي أيام الذبح، وقيل هي أيام العشر )([78]).
وقال ابن كثير: ( قال ابن عباس الأيام المعدودات أيام التشريق، والأيام المعلومات أيام العشر)([79]).
وقد ساق ابن حجر في فتح الباري([80]). والشوكاني في فتح القدير ([81]). أقوال أهل العلم في هذه المسألة: وهي لا تكاد تخرج عما فصلناه آنفا. والله أعلم.

المبحث الثالث
المفاضلة بين العشر الأخيرة من رمضان وعشر ذي الحجة!!!

ينبغي أن يعلم المسلم أن المفاضلة بين أمور الخير كلها لا تعني التقصير في المفضول، بل يكون ذلك دافعاً لمضاعفة العمل في الفاضل، واغتنام الفضيلة على قدر الجهد والطاقة.
وقد تكلّم أهل العلم في هذه المسألة والذي يظهر _ والله أعلم _ أن أيام عشر ذي الحجة، أفضل من أيام عشر رمضان، وليالي العشر الأخيرة من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، ذلك أن فضيلة ليالي رمضان باعتبار ليلة القدر فيها، وهي من الليالي، وأيام عشر ذي الحجة فُضّلت أيامها باعتبار أن فيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن المفاضلة بين العشرين؟ فقال: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.
قال ابن القيم: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً([82]).

المبحث الرابع
المفاضلة بين العيدين

تكلم أهل العلم حول هذه المسألة، فهناك من فضل عيد النحر على عيد الفطر، وهناك من قال: بالعكس، والذي يظهر بعد تقرير فضيلة العيدين، وأنهما من أفضل أيام العام، أن عيد النحر أفضل من عيد الفطر، لأن العبادة فيه النحر مع الصلاة، والعبادة في الفطر الصدقة مع الصلاة، والنحر أفضل من الصدقة، لأنه يجتمع فيه العبادتان، البدنية والمالية، فالذبح عبادة بدنية، ومالية، والصدقة والهدية عبادة مالية.

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن عيد النحر أفضل من عيد الفطر، لأمرين:
( أ ) أن العبادة في عيد النحر وهي النحر أفضل، من العبادة في عيد الفطر. وهي الصدقة.
(ب) أن الصدقة في عيد الفطر تابعة للصوم، حيث فرضت طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، ويسن إخراجها قبل الصلاة.
وأما النسك فهو مشروع في اليوم نفسه، عبادة مستقلة، ولهذا يُشرع بعد الصلاة.
وقد قال الله في الأولى: (قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى)(الأعلى: الآيتان 14، 15).
وقال في الثانية (فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر)(الكوثر: الآيتان 2، 3).
ثم قال ابن تيمية: (فصلاة الناس في الأمصار بمنزلة رمي الحجّاج جمرة العقبة).
وذبحهم في الأمصار بمنزلة ذبح الحجاج هديهم ….)([83]).

المبحث الخامس
التهنئة بالعيد

لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وبما جرت به عادة المسلمين، كأن يقول المسلم لأخيه تقبل الله منا ومنك، وأعاده الله علينا وعليك بالخير والرحمة ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث الله من نعمة، ويدفع من نقمة، بمشروعية سجود الشكر، والتعزية، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم رمضان، وتهنئة طلحة لكعب بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره له. والقياس تهنئة المسلمين بعضهم بعضاً بمواسم الخيرات، وأوقات وظائف الطاعات.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن التهنئة في يوم العيد؟ فأجاب: (فالتهنئة يوم العيد بقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد تقبل الله منا ومنكم، وأعاده الله عليك، ونحو ذلك فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره. فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة…)([84]).
قال ابن حجر في فتح الباري: (وقد روينا بإسناد حسن عن جبير بن نفير، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك)([85]).

المبحث السادس
مالا ينبغي في العيد

العيد مظهر من مظاهر عزة المسلمين، ففيه يجتمعون، تصفو النفوس، وتتوحد الكلمة، وتزول آثار البؤس والحرمان، فلا ترى فيه إلا مسروراً، لكن هذه المعاني بدأت تختلط بغيرها، ودبّ إليها داء الأمم، فبدأت بعض الظواهر السلبية تطفو على السطح، في العيد. وهذه الظواهر على نوعين: إما منكر لا يسوغ بحال من الأحوال وإما ما هو دون المنكر، مما يعوق مسيرة المجتمع المسلم في طريقه إلى الله، ومن هذه([86])الظواهر ما يأتي:
1_ مشابهة الكفار في اللباس:
بدأنا نلاحظ بعض المظاهر الغريبة على مجتمعنا، وخصوصاً في العيد، وذلك في لبس النساء، مما ينم عن تشبه واضح وتقليد أعمى للنساء الكافرات. والمسلمة الغيورة على دينها وعفتها وفطرتها أعقل وأكرم من أن تكون تابعة لمن مأواهن جهنم، وساءت مصيراً.
2_ الملاحظ في العيد كثرة تبرج النساء، وعدم تحجبهن، ومن صلى صلاة العيد في حرم الله الآمن لمس هذا ! وحري بالمسلمة المحافظة على شرفها وعفتها، أن تحتشم، وتتستر، لأن عزها وشرفها في دينها وعفتها.
3_ بعض الناس جعل العيد مظهراً من مظاهر الجرأة على المعصية، فأخذ يقترف المحرم جهاراً نهاراً، وذلك باستماع الغناء الماجن، وتناول ما حرم الله من المطعومات والمشروبات، وهذا موجود في طول البلاد الإسلامية وعرضها! فإلى الله المشتكى ! !.
ويدخل في هذا الباب إحياء ليالي العيد وأيامه بالاحتفالات التي يرتكب فيها ما حرم الله، ويكون الاجتماع على الغيبة والنميمة، وأذية المسلمين، ولا يكون في هذه الاحتفالات مكان لذكر الله، أو سماع لكلمة الحق.
4_ تكثر الزيارات المختلطة في العيد، واللقاءات بين الأسر، والعائلات، وهنا يتساهل البعض في مصافحة الأجنبيات، كزوجة الأخ، وبنت العم، وبنت الخال وهذا محرم!!.
5_ يكثر الإسراف في الولائم وصنع الطعام والشراب الذي لا يستفاد منه، بل يرمى هنا وهناك، والمسلمون في أرض الله الواسعة يموتون صباح مساء من الجوع، فأين الشعور بشعور الجسد الواحد؟! أين التكافل والتراحم؟! أين تعاطف الغني مع الفقير؟! ألا يجدر بالمسلمين أن يصرفوا فضول مأكلهم ومشربهم لإخوانهم المحتاجين في كل مكان، فهذا هو المطلوب والمأمول.
6_ يمر العيد على بعض المسلمين، وقلوبهم مليئة بالحقد، والضغينة، وكان عليهم أن يغسلوها من هذه الأمراض الخطيرة، لأن العيد فرصة لأن تصفو النفوس، وتتآلف القلوب.
كيف يمر العيد على المسلم وهو يهجر أخاه، بل قريبه؟! والسبب عرض من أعراض الدنيا الفانية!!
إن العيد فرصة لترويض النفوس وتطويعها، وإلجامها بلجام الحق، لتكون صافية نقية، تحبّ للآخرين، كما تحبه هي منهم، وهذه قاعدة أخوة الإسلام الصادقة.
7_ بعض الناس يتهاون في صلاة العيد، ويحرم نفسه الأجر، فلا يشهد الصلاة، ودعاء المسلمين، وقد يكون المانع من حضوره سهره الطويل، بالليل على غير طاعة الله.
8_ العيد مناسبة سنوية تتكرر كل عام، مرتين، فينبغي للمسلمين! استغلالها، وكشف جوانب النقص والتقصير لديهم، فيصلحوها.
وإن مما نلمس تقصير الناس فيه في هذه الأوقات، عدم العطف على الفقراء والمحتاجين، فكم هم الذين لا عائل لهم؟ ويمر عليهم العيد كغيره من الأيام، أضناهم الفقر وهدَّهم الحرمان، وتناوشتهم سهام المصائب، ومن حولهم ممن أنعم الله عليهم بالمال والثروة يتقلّبون في صنوف النعم، ولا يبالون بهم، وهذا موجود في كل مدينة وقرية!! ولكنه يقل ويكثر حسب جود الأغنياء وبخلهم، وعطاء المحسنين ومنعهم.
9_ من الملاحظات التي تتكرر في مناسبات الأعياد وليالي رمضان، عبث الأطفال والمراهقين، بالألعاب النارية، التي تؤذي المصلين، وتروع الآمنين، وكم جرت من مصائب وحوادث!! فهذا أصيب في عينه، وذاك في رأسه، وثالث في ساقه، إلى ما شاء الله، والناس في غفلة من هذا الأمر.
ومما يحزّ في النفس، أن هناك من يتاجر بها ويروجها طمعاً في الربح المادي، غير مكترث بما تسببه للناس من أضرار، ولا ملتفت لمنع الدولة لها، ومتابعة بائعيها.
ونحن لا نمنع اللعب البريء، واللهو المباح، وخصوصاً للناشئة، إذا كان منضبطاً بالضوابط الشرعية، وإذا كان خالياً من الموانع، بل إن العيد يرخّص فيه مالا يرخّص في غيره في هذا المجال.
10_ بعض الناس أصبح يحيي ليالي العيد وأيامه بأذية المسلمين في أعراضهم، فتجده يتابع عورات المسلمين، ويصطاد في الماء العكر، وسيلته في ذلك سمّاعة الهاتف، أو الأسواق التي أصبحت تعجّ بالنساء، وهنَّ في كامل زينتهن فتنهدم بيوت عامرة، وتتشتّت أسر مجتمعة، وتنقلب الحياة جحيماً لا يُطاق، بعد أن كانت آمنة مستقرَّة.
11_ وهناك من يجعل العيد فرصة له لمضاعفة كسبه الخبيث، وذلك بالغش والخديعة، والكذب والاحتيال، وأكل أموال الناس بالباطل، وكأنه لا رقيب عليه ولا حسيب، فتجده لا يتورّع عن بيع ما حرّم الله من المآكل، والمشروبات، والملهيات، ووسائل هدم البيوت والمجتمعات.

الخاتمة
العيد الذي نتمناه

يوم العيد يوم فرح وسرور، لمن طابت سريرته، وخلصت لله نيته، وصفى فكره من كل شاغل، وحسن تعامله مع الخلق، فعاملهم كما يحبّ أن يعاملوه به.
يوم العيد يوم عفو وإحسان، وتجاوز عمن أساء، ومقابلة للإساءة بالإحسان.
يوم العيد يوم توزيع الهدايا والجوائز على الفائزين، ولكن هذا الفوز له طعم خاصّ، ومذاق خاص، لأنه فوز بالطاعة، وسبق في مجال الأعمال الصالحة.
إن العيد السعيد لمن صلى وصام، وبر بوالديه، وقام بما عليه من الحقوق أتم قيام.
يوم العيد سعيد للمطيعين الصّادقين المسبْحين، المهللين، الذّاكرين الله كثيراً والذاكرات.
وليس العيد السعيد لمن تمتّع بالشّهوة، أو علت شهادته، أو عظم جاهه، ومنصبه لا والله! ليس العيد لمن عقّ والديه، ولا لمن يحسد الناس، أو يؤذيهم، ويتعرّض لهم في أنفسهم وأموالهم، وأعراضهم.
نتمنى أن يمر العيد على أمة الإسلام، وهي تتبوأ القمة، رائدة قائدة، كما كانت في سالف الأزمان.
نتمنى أن يمرّ العيد والقلوب عامرة بالإيمان، والنفوس مطمئنة بطاعة الرحمن.
والأيدي المتوضّئة هي التي تملك زمام التّوجيه في كل شئون الحياة.
نتمنى أن يمر العيد ويد الغني تمتد إلى يد الفقير، تُعطيه فتواسي جراحه وآلامه، ليشعر بلذة العيد وسروره.
نتمنى أن يمرّ العيد والقلوب مؤتلفة، والجهود متضافرة، والتعاون شعار المجتمع المسلم. يتمثّل بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له الجسد بالحمى والسّهر.
نتمنى أن يعود العيد على الأمة المسلمة وجراحها الغائرة بارئة وآمالها مُتحققة، وآلامها زائلة، وعدوّها مخذول، ورأسها مرفوع، وصوتها مسموع، ورأيها متبوع.
نتمنى أن يعود العيد، وشرع الله محكّم في كل البلاد، قاصيها ودانيها، في شئون الحياة كلها. ويومذاك يتحقّق الخير كل الخير لأمة الإسلام، وتذوق طعم السعادة الحقيقية، وتلمس فرحة العيد وبهجته ماثلة للعيان.
وصدق الشاعر القائل:
ما العيد إلا أن نعود لديننا *** حتى يعود قدسنا المفقود

ما العيد إلا أن نكون أمة***فيها محمد لا سواه عميد

ما العيد إلا نُعدّ نفوسنا ***للحرب حيث بها هناك نجود

ما العيد إلا أن تكون قلوبنا***نحو العدوّ كأنها جلمود([87]).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهرس الموضوعات

المقدمة
الفصل الأول: من أحكام العيد
المبحث الأول: سبب تسمية العيد
المبحث الثاني: الغسل يوم العيد
المبحث الثالث: الأكل يوم العيد
المبحث الرابع: التجمل في العيد.
المبحث الخامس: الخروج إلى المصلى والرجوع منه.
المبحث السادس: اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد
الفصل الثاني: التكبير في العيدين وعشر ذي الحجة
المبحث الأول: دليل التكبير
المبحث الثاني: أنواع التكبير
المبحث الثالث:وقت التكبير
المبحث الرابع: صفة التكبير
المبحث الخامس: مكان التكبير
المبحث السادس: ما لا ينبغي في التكبير
الفصل الثالث: صلاة العيدين
المبحث الأول: الأصل في مشروعية صلاة العيد
المبحث الثاني: حكم صلاة العيد
المبحث الثالث: وقت صلاة العيد
المبحث الرابع: مكان أداء صلاة العيد
المبحث الخامس: صفة صلاة العيد
المبحث السادس: لا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين
المبحث السابع: هل يصلي قبل صلاة العيد أو بعدها؟
المبحث الثامن: هل تقضى صلاة العيد؟
المبحث التاسع: خطبة صلاة العيد
الفصل الرابع: صدقة الفطر
أولاً: تعريفها
ثانياً: سبب تسميتها بذلك
ثالثاً: على من تجب؟
رابعاً: دليل وجوبها؟
خامساً: فضلها
سادساً: حكمة مشروعيتها
سابعاً: جنس المخرج
ثامناً: إخراج القيمة أوغيرها
تاسعاً: مقدارها
عاشراً: وقت وجوبها
أحد عشر: وقت إخراجها
اثنا عشر: مصرف صدقة الفطر
ثلاثة عشر: مكان دفع صدقة الفطر
الفصل الخامس: الأضحية
المبحث الأول: تعريفها وسبب تسميتها
المبحث الثاني: الأصل في مشروعيتها
المبحث الثالث: حكمة مشروعيتها
المبحث الرابع: حكم الأضحية؟
المبحث الخامس: وقت الذبح
المبحث السادس: من تجزيء عنه الأضحية؟
المبحث السابع: من تشرع في حقه الأضحية؟
المبحث الثامن: الاشتراك في الأضحية
المبحث التاسع: الصدقة بثمنها
المبحث العاشر: شروطها
المبحث الحادي عشر: الأفضل من الأضاحي والمكروه منها
المبحث الثاني عشر: ما يؤكل من الأضحية ويهدى ويتصدق به؟
المبحث الثالث عشر: ما يطلب من المضحي؟
المبحث الرابع عشر: الحكمة في المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة
المبحث الخامس عشر: أمور يحسن التنبيه عليها
الفصل السادس: فضل عشر ذي الحجة
المبحث الأول: فضل عشر ذي الحجة
المبحث الثاني: المراد بالأيام المعلومات والأيام المعدودات؟
المبحث الثالث: المفاضلة بين العشر الأخيرة من رمضان وعشر ذي الحجة
المبحث الرابع: المفاضلة بين العيدين
المبحث الخامس: التهنئة بالعيد
المبحث السادس: ما لا ينبغي في العيد
الخاتمة: العيد الذي نتمناه
فهرس المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) لسان العرب، مادة: عود ج3 ص 319، وحاشية الروض ج2 ص 492، وحاشية ابن عابدين ج 2 ص165.
([2]) أخرجه أبو داود في باب صلاة العيدين (1/675/1134) والنسائي (3/179) وأحمد (3/103). والحاكم في المستدرك ( 1/294). وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
([3]) المغني لابن قدامة ح3 ص257.
([4]) رواه مالك في الموطأ (1/ 177).
([5]) إرواء الغليل (2/104).
([6]) زاد المعاد ح1 ص 442.
([7]) رواه البخاري انظر: فتح الباري ح2 ص447.
([8]) رواه الترمذي (542) وابن ماجه (1756).
([9]) المغني ح3 ص259.
([10]) زاد المعاد ح1 ص441.
([11]) المغني ح3 ص 258.
([12]) زاد المعاد ح1 ص441
([13]) زاد المعاد ح1 ص 449.
([14]) زاد المعاد ح1 ص 442.
([15]) زاد المعاد ح1 ص448.
([16]) رواه ابن شيبة في المصنف ( 2/1/2).
وقد قواه الألباني، وذكر طرقه، وذكر من خرجه.
انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ح3 ص119، وما بعدها. وإرواء الغليل ح3 ص122 وما بعدها.
([17]) رواه الإمام أحمد انظر: المسند ح7 ص 224، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. وقال المنذري في الترغيب والترهيب: إسناده جيد، ح2 ص224. وانظر: إرواء الغليل ح3 ص398.
([18]) رواه البخاري تعليقاً ح2 ص25، وذكر ابن حجر أنه موصول. فتح الباري ح2 ص462.
([19]) رواه الدار قطني (180) ، وقال الألباني صحيح ، وقد ذكر من خرجه وطرقه انظر: إرواء الغليل ح3 ص122.
([20]) المغني ح3 ص256.
([21]) مجموع الفتاوى ح24 ص220/221.
([22]) فتح الباري ح2 ص462.
([23]) محموع الفتاوى ح24 ص220.
([24]) زاد المعاد ج1 ص449 وانظر: فتح الباري ح2 ص462، وأحكام العيدين للفرياني ص119.
([25]) سبل السلام ح2 ص125.
([26]) المغني ح3 ص255.
([27]) سلسلة الأحاديث الصحيحة ح1 ص121.
([28]) رواه البخاري ومسلم. انظر: فتح الباري ح2 ص453، وصحيح مسلم بشرح النووي ح6 ص171.
([29]) المغني ح3 ص253.
([30]) انظر المغني ح3 ص253، وفتح الباري ح2 ص439 ، وأحكام العيدين ص123، وصحيح مسلم بشرح النووي ح6 ص171، والمحلى ح5 ص120.
([31]) المغني ح3 ص253.
([32]) مجموع الفتاوى ح23 ص 161.
([33]) زاد المعاد ح1 ص442.
([34]) الموعظة الحسنة ص43/44.
([35]) المغني ح3 ص260.
([36]) زاد المعاد ح1 ص441.
([37]) المغني ح3 ص265.
([38]) زاد المعاد ح1 ص443/444.
([39]) رواه البخاري ومسلم. انظر: فتح الباري ح2 ص451. وصحيح مسلم بشرح النووي ح6 ص176.
([40]) رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ح6 ص176
([41]) زاد المعاد ح1 ص422.
([42]) المحلى ح5 ص120.
([43]) رواه البخاري. انظر: فتح الباري ح2 ص476.
([44]) زاد المعاد ح1 ص442.
([45]) فتح الباري ح2 ص476.
([46]) المغني ح3 ص284/285.
([47]) فتح الباري ح2 ص474/ 475.
([48]) رواه البخاري ومسلم. انظر: فتح الباري ح2 ص449، وصحيح مسلم بشرح النووي ح6 ص177.
([49]) زاد المعاد ح1 ص445/447/448.
([50]) المغني ح3 ص276 / 279 / 280.
([51]) رواه مسلم. صحيح مسلم ح3 ص68.
([52]) انظر: الزكاة للمؤلف ص166/176.
([53]) لسان العرب، مادة: ضحا ح14 ص477. والمعجم الوسيط، مادة: ضحا ح1 ص537.
([54]) صحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص109، وفتح الباري ح10 ص3، ونهاية المحتاج ح3 ص133.
([55]) تفسير ابن كثير ح4 ص558، وزاد المسير لابن الجوزي ح9 ص249، وتفسير القرطبي ح19 ص218.
([56]) رواه البخاري ومسلم. انظر: فتح الباري ح10 ص9، وصحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص120.
([57]) رواه البخاري ومسلم. انظر: فتح الباري ح10 ص6، وصحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص113.
([58]) المغني ح8 ص617.
([59]) فتح الباري ح10 ص3.
([60]) المحلى ح8 ص3.
([61]) صحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص110. وانظر: في أدلة الفريقين ومناقشتها ، فتح الباري ح10 ص3، وبداية المجتهد ح1 ص448، ومغني المحتاج ح4 ص282، ومجموع الفتاوى ح26 ص304، والمغني والشرح الكبير ح11 ص94، والمغني ح8 ص617 وما بعدها.
([62]) صحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص110.
([63]) فتح الباري ح10 ص8.
([64]) مجموع الفتاوى ح26 ص304.
([65]) أحكام الأضحية والذكاة ص14.
([66]) انظر بداية المجتهد ح1 ص450، والمغني ح8 ص637 وما بعدها، وبدائع الصنائع ح6 ص2833، والمحلى ح8ص30.
([67]) المغني ح9 ص442 ، وبدائع الصنائع ح6 ص2846، ونهاية المحتاج ح8 ص128، والمحلى ح8 ص41.
([68]) انظر: المغني مع الشرح ح11 ص109، وتحفة الفقهاء ح3 ص135، وصحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص130.
([69]) المحلى ح8 ص54.
([70]) رواه مسلم وغيره بألفاظ مختلفة. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ح13 ص139.
([71]) المغني ح8 ص581.
([72]) فتح الباري ح12 ص51.
([73]) رواه البخاري، انظر: فتح الباري ح2 ص457.
([74]) فتح الباري ح2 ص460.
([75]) رواه مسلم انظر: صحيح مسلم ح2 ص818/ 819.
([76]) المغني ح4 ص443.
([77]) أحكام القرآن لابن العربي ح1 ص140.
([78]) مجموع الفتاوى ح24 ص225.
([79]) تفسير ابن كثير ح1 ص244.
([80]) فتح الباري ح2 ص458.
([81]) فتح القديرح1 ص205.
([82]) مجموع الفتاوى ح25 ص287، وزاد المعاد ح1 ص57.
([83]) مجموع الفتاوى ح24 ص222.
([84]) مجموع الفتاوى ح24 ص253، والمغني ح3 ص294، وحاشية الروض ح2 ص522.
([85]) فتح الباري ح2 ص446.
([86]) لن أفيض في الحديث عن هذه الملاحظات فمكان بحثها غير هذا المختصر، لكني أكتفي بالإشارة إليها ليتفطن لها القاريء، واللبيب بالإشارة يفهم.
([87]) منكرات الأفراح لمحمود مهدي استانبولي ص67.