حول وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله)  ومبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز(حفظه الله )  30/6/1426هــ

الأثنين 9 شوال 1441هـ 1-6-2020م

الخطبة الأولى:

الحمدلله المتفرد بالبقاء والدوام الذي قضى بالغناء على كل الخلائق وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الموت حقاً فأذاق كأسه كل حي على وجه الأرض وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله الذي ذاق طعم الموت ولونجا منه أحد لنجا منه صلوات ربي وسلامه عليه أمــابـعــد:   فاتقوا الله عباد الله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ))

عباد الله الموت حق فكل من على وجه الأرض سيموت قال تعالى (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)) وقال تعالى (( كل نفس ذائقة الموت )) وقال تعالى (( إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)).

وإنما يعظم المصاب بعظم المصيبة ولقد كانت مصيبتنا بإ مامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعـود عظيمة لكن عزاءنا أن هذا أمر كتبه الله على كل أحد ولذا نعزي أنفسنا ونعزي كل مسلم ومسلمة ونخص بذلك ولاة أمرنا وكل مواطن ومقيم على ثرى هذه البلاد الغالية.

عباد الله لا يبقى بعد موت الرجال إلا عطاؤهم ولذا الذين يبقون في ذاكرة التاريخ هم أقل القليل لإن أعمالهم تبقى شاهدةً عليهم وهاهي منجزات الملك فهد حية شاهدة نذكرها فنذكرمعها الراحل الكبير. فهل عرفتم توسعة للحرمين الشريفين مثل هذه التوسعة العملاقة التي ينعم بها كل مسلم ومسلمة وتنطلق الألسنة بالدعاء لمن تسبب بها وهل عرفتم توفيراً للمصاحف مثل ما تحقق في عهده فإلى وقت قريب كان الناس يتسابقون في المساجد على المصاحف لقلتها وهاهي اليوم بالمئات في كل مسجد بل تخطت العالم أجمع تحمل معها اسم الملك فهد الذي كان له الفضل في ايصالها لكل مسلم.

وهل عرفتم عناية بالعلم وأهله وطباعة الكتب وتشجيع العلماء وطلاب العلم وفتح المجالات كما هو الحال في عهده رحمه الله. وأما الإنفاق في مجالات الخير فحدث عن ذلك من كل وجه يشهد ذلك كل المتضررين في نواحي الأرض فهو السباق دائماً لنجدتهم وقد حذت حذوه كثير من البلاد في هذا المجال.

ويشهد له المرضى الذين اعتنى بهم ويسر أمر علاجهم في الداخل والخارج ويشهد له الفقراء الذين تصلهم صدقاته سنوياً بطرق شتى. كما تشهد له بيوت الله التي جعل همه عمارتها فيشدها في كل مدينة وقرية وهاهي المأذن شامخة في أروبا وآسيا يرتفع منها الأذان وتنطلق معها الألسن تدعو له بالمغفرة والرحمة.

عباد الله والفهد رجل التنمية الشامله فقد أخذت المملكة مكانتها الطبيعية في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ودليلنا على ذلك مواقفه المتميزة مع البلاد الأخرى وصلح الطائف للفصائل اللبنانية شاهد على ما أقول.وهو الرجل الذي ضرب مثلا في التواضع حيث أضفى على نفسه لقب خادم الحرمين الشريفين بدل الألقاب التي تشعر بالعظمة وهو السباق إلى هذا اللقب عبر التاريخ.

عباد الله ورحل الفهد وغسل وكفن وصلي عليه ودفن كما يفعل بغيره حسب السنة دون مظاهر وهذه واحدة من حسنات هذه البلاد وقادتها فالفهد رحل بعمله والمظاهر لا تنفع إذ لا ينفع بعد رحمة الله إلا العمل الصالح وهاهي بلادنا تضرب المثل للدنيا أجمع فلم ينكس علم ولم يتوقف شيء ولم تكن إجازة كل شيء حسب المعتاد فالحياة على طبيعتها.        وهاهي السلطة تنتقل تلقائياً بسلاسة وسهولة دون مظاهر أو تكلف بل في حالة استقرار ليس له مثيل يرحل الفهد ويخلفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والأمور عادية جداً تنتقل السلطة عن طريق بيعة شرعية وفق السنة النبوية والبيعة لعامة الناس بالقلب ولأهل الحل والعقد بالمصافحة واللسان يقول الشخص نبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله نسمع ونطيع في العسر واليسر والمنشط والمكره ولا نتنازع الأمر أهله والأصل في ذلك حديث عبادة بن الصامت ” بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وألا نتنازع الأمر وأن نقول بالحق لا نخاف في ذلك لومة لا ئم”.

ولايحل لأي مسلم أو مسلمة من مواطني هذه البلاد أن يترك البيعة بل لا بد أن يعقد قلبه عليها فيجزوم في قلبه أنه أعطى البيعة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده قال r ” من مات وليس في عنقه بيعه مات ميتة جاهلية”

عباد الله ولعل مما يذكر في هذا المجال فيشكر لخادم الحرمين الشرفين وسمو ولي عهده الحرص على راحة المواطنين بجعل البيعة في المناطق والمحافظات فقد يسر ذلك على الناس وقاموا بما أوجب الله عليهم بكل يسر وسهولة ورأينا مظاهر البيعة أثلجت صدورنا في تلاحم المواطنين مع قيادتهم في أجواء إيمانية تبعث في النفس الأمل المشرق لهذه البلاد الغالية وهذا هو تمام الطاعة التي أمرنا بها.

 قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا))

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الأيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

 

الحمد لله الذي قدر الآجال والأعمار وأشهد أن لاإله إلا الله الحي الذي لا يموت وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله الذي قال عنه خالقه (( إنك ميت وإنهم ميتون )) صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أمــابـــعـــد:

فاتقوا الله عباد الله وتعالوا معي نستمع لبعض كلمات الفقيد الراحل اتركها تعبر عن نفسها تعبيراً صادقاً وقد قيلت في مناسبات مختلفةأختار منها ما يأتي:

يقول فهد بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ  [ إن عقيدة الإسلام هي أساس العدل والعدل أساس الملك والحكم بما أنزل الله مسؤلية وتكليف نتصدى لها وقلوبنا واجفه خشية التقصير وعقاب العلي الكبير]

ويقول الفهد[ نحن لا ندعي الكمال لإن لله عزوجل]

ويقول [ لا نقر التدخل في شؤون الآخريين وبالتالي لا نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا الداخلية]

ويقول رحمه الله[ إن الأمة العربية ليس لها نصر بإي حال من الأحوال إلا إذا تمسكت بكتاب الله وسنة نبيه r ]

 

 

عباد الله وهاهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يسير على الخطى ويستلم الراية بعد أخيه فهد ويعلن في خطابه لشعبه و لبلاده قائلاً [ وأعاهد الله ثم أعاهدكم أن تخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وارساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقه ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وأن لا تبخلوا عليَّ بالنصح والدعاء].

كلمات مضيئة تدل على سلامة القلب وحسن التوجيه تمام النصح والرعاية للمواطنين فنحمد الله الذي جعل ولايتنا في أيد أمينه ترعى المسئولية وترسي دعائم العدل والاستقرار.

 وقال سمو ولي العهد في كلمته للمواطنين الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد أن أثنى على الملك فهد خادم الحرمين الشريفين والملك عبدالله بن عبد العزيز.

[ وستستمر المملكة العربية السعودية إن شاء الله ــ بقيادة خادم الحرمين الشريفين ــ الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ أيده الله في مسيرتها الخيرة مسيرة النماء والعطاء متمسكة بكتاب الله وسنة رسوله r ]

وقال سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية[ ثم إن من عاجل البشر والخلف الصالح ما حصل ولله الحمد والمنة من اجتماع الكلمة ومبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وفقه الله وأمده بعونه وتوفيقه وتابع عليه ألطافه ملكاً للمملكة العربية السعودية حيث بايعه أفراد الأسرة المالكة ونحن قد بايعناه على كتاب الله وسنة رسوله r بالسمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره وبايعنا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولياً للعهد على كتاب الله وسنة رسوله r فالحمد لله ظاهراً وباطناً]

هذا وصلوا وسلمواعلى الحبيب المصطفى فقد أمركم الله  بذلك  فقال  جل من قائل عليما(( إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً )) اللهم صلي وزدوبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.