بدء العام الدراسي- رسائل وتوجيهات- بتاريخ 26-1-1444هـ

الخميس 27 محرم 1444هـ 25-8-2022م

بعدَ أيام معدودة، تفتحُ قِلاعُ العلمِ أبوابَها، وتُشْرِقُ محاضِنُ التربيةِ والتعليمِ فيتوجَّه إليَها أبناؤُنا وبناتُنا، يَحْدُوهُم الأملُ، ويقودُهُم الشَّغفُ، ويدفعُهُم الجِدُّ والإخلاصُ، بهممٍ عاليةٍ، وخطواتٍ راسخةٍ، نحوَ قاعاتِ الدّرسِ، ومقاعدِ الدِّرَاسَةِ، وحول بدء العام الدراسي الجديد لي ثلاث رسائل.

رسالتي الأولى للمعلمينَ والمعلمات:

أيُّهَا المعلمونَ والمعلمات: اعلموا أنكم ورثةُ الأنبياءِ، وحملةُ مشاعلِ العلمِ جعلكم اللهُ عزّ وجلّ على ثغرٍ عظيمٍ من ثغورِ المسلمينَ، فأحسنُوا حراستَه، واعلموا أنّ الطلابَ هم مستقبلُ هذا البلد، وأنتمْ مَنْ تَضَعُونَ لَبِنَات هذا البناء، واقتدوا بالمعلم الأول ﷺ، قال معاويةُ رضي الله عنه يصف النبي ﷺ: (ما رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فَواللَّهِ، ما كَهَرَنِي ولا ضَرَبَنِي ولا شَتَمَنِي) أخرجه مسلم (537).

أيُّهَا المعلمونَ والمعلمات: مع بدء العام الدراسي، يُقبِلُ عليكم أولياءُ الأمور فيودعونكم فلذات أكبادهم، فارفقوا بهم، وتودَّدُوا إليهم، ابدأُوهم بالبشاشة، وأَشْعِرُوهُم بالحفاوة، واعلموا أنّ أعينَ الطلابِ عليكم تُسَجِّل حركاتكم وسكناتكم وألفاظكم ونظراتكم، فكونوا قدوة لهم في الأخلاق وعونًا لهم على الجدّ والاجتهاد، والتمسوا في الوسائلِ التعليميةِ ما يُسايرُ العصرَ، ويَخْدِمُ الْفِكْرَ، فَيَسْهُلُ الدرسُ، وتَصِلُ المعلومةُ دون خللٍ أو شطط.

وأبشروا بثمراتِ عطائِكُم، وستلمسونَ ذلك في الدنيا قبل الأخرة، وانظروا إلى طلابُ الأمس يتبوؤونَ الآن المناصب، ويُسَاهمونَ في بناءِ نهضة بلادنا في شتى المجالات، بل أنتم أيُّهَا المعلمونَ والمعلمات، بالأمسِ كنتم على مقاعدِ الدّرسِ، والفضلُ للهِ فيما وصلتم إليه، ثمّ لمعلميكم.

ورسالتي الثانية لفلذات أكبادنا من الطلاب والطالبات:

أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات: اعلموا أنكم أملُ الغد، ومستقبلُ هذا الوطن، وسواعدُ بنائِه، وعواملُ نهضتِهِ، فكونوا على قدرِ المسؤولية، ولتكن نيتكم صادقة، وخطواتكم راسخة، وبدايتكم جادة، واعلموا أن العلمَ خيرُ ما تُفنَى فيه الأعمارُ، وتُقضَى فيه الأوقاتُ.

أيُّهَا الطلابُ والطالبات: اعلموا أن الوقتَ أشرفُ مطلوبٍ، وأعظمُ مفقودٍ، فضنّوا به، واحذروا من ضياعِهِ وصرفِهِ فيما لا ينفع، وقد كثرتْ في عصرنا الملهيات، وأعظمها بلاءً الجوال، ووسائل التواصل، وأصدقاء السوء، وفضول الكلام، والسّهر، وكثرة الخروج لغير حاجة.

أيُّهَا الطلابُ والطالبات: أوصيكم باحترام المعلمِ، وتوقيره، ومعرفة حقّه والاستفادة من علمه، والتواضع بين يديه، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَا يَعْرِفُ فَضْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَهْلُ الْفَضْلِ).

ورسالتي الأخيرة لأولياءِ الأمور من الآباء والأمهات والمربين:

اعلموا أنّ الأمانة عظيمة، والمسؤولية كبيرة، قال ﷺ: (إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ، أحفظَ أم ضيَّعَ؟) رواه ابن حبان (1562)، وصححه الألباني (1636).

أيُّهَا الآباءُ والأمهات: اعلموا أن التربية لا تقف عند حد توفير الطعام والشراب واللباس والنفقة، وإنما تتعدّى لما هو أبعد من ذلك، بالنصح، والتوجيه، والمتابعة، والدعاء، والترغيب، والترهيب.

أيُّهَا الآباءُ والأمهات: ازرعوا في أبنائكم مراقبة الله عز وجل والحياء منه، ومروهم بالصلاة، واصبروا عليهم، وازرعوا فيهم العقيدة الصحيحة، وكونوا عونًا لهم على فتن الدهر، بأن تصاحبوهم، وتجلسوا معهم، وتناقشوهم وتستمعوا لأفكارهم، فتقوّموها، وتصحِّحُوهَا قبل أن تكون سلوكًا عمليًا تعجزون عن تغييره لاحقًا.

أسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يجعلَ هذا العامَ الدراسيَّ، عامَ توفيقٍ، وتحصيلٍ، وبركةٍ، ورفعةٍ لبلادنا.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه
أ.د/ عبدالله بن محمد الطيار.

بتاريخ  26-1-1444هـ