تطبيق الحدود والتعزيرات وأثرها في استتباب الأمن.
لقد شرع الله الإسلام ويسر أحكامه وجعله صالحاً لكل زمان ومكان وافيا بمصالح العباد والبلاد يتحقق لمن التزم به وسار عليه الفوز والفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة وإن مما يتميز به الإسلام به عن غيره مبدأ العقوبة المقررة شرعاً- من حدود وتعزيرات لمن حصل منه خلل يمس حق الآخرين من أفراد المجتمع لكن من أعمى الله بصائرهم راحو يطعنون في هذه العقوبات والتعزيرات تحت ستار الحضارة تارة وتحت ستار التشكيك بل وستار المصلحة فهاجموا شريعة الله وزعموا أنها غير صالحة لهذه الأزمنة التي تقدمت فيها الحضارات وبلغت من الرقي والمدنية حداً يتعذر معه- على حد زعمهم- القتل والجلد والسجن والواقع أن هؤلاء الجاحدين المعاندين ينظرون بعين واحدة فقط فهم يهاجمون الحدود لأن فيها قسوة على الجاني فقط متناسين المجني عليه فانتشر الفساد في البر والبحر وأصبحت بلادهم مسرحاً للجريمة بكل أشكالها وأنواعها.
هاجموا تحريم الربا تحت ستار مصلحة أصحاب الأموال ناسين أصحاب الحاجة والفاقة والمسكنة فمحق الله أموالهم، هاجموا الميراث تحت ستار المساواة ناسين ما فرضه الله على كل من الرجل و المرأة من حقوق وواجبات تحقق المساواة الحقيقية لا المصطنعة وخصوصاً في مبدأ الجزاء والثواب على الأعمال-
هاجموا حشمة المرأة وقرارها في البيت ليخرجوها من خدرها للنيل من أعز ما تملكه المرأة وتتميز به.
والمملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين- منطلق الرسالة ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم في صلاتهم, تطبق هذه الحدود والتعزيرات بكل حزم وقوة لأنها تنطلق من قاعدتها العريضة وهي تطبيق شرع الله وهذا من فضل الله على هذه البلاد وقادتها وشعبها لأن هذه الحدود والتعزيرات شرعت زواجر وجوابر ونحن نفتخر ولله الحمد بتميز بلادنا على سائر أقطار المعمورة بهذه الميزة الفريدة.
لقد جاء الإسلام بتعاليمه السمحة ومبادئه القويمة ومقاصده الكريمة ليحفظ على الناس دينهم ويوفر كرامتهم ويصون لهم حقوقهم ويرشدهم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم لكن بعض ضعاف النفوس لا يثنيهم عن غيهم ويردعهم عن طغيانهم آجل العقوبات الأخروية بل لابد لهم من عاجل العقوبات فيذوقوا مرارة الألم فيمنعهم من المعاودة ويحمل غيرهم على الامتثال والطاعة وعدم الانزلاق في مهاوي الرذيلة فاقتضت حكمة العليم الحكيم فرض الجزاء العادل العاجل ليتناسب مع الجريمة وأثرها ا لسيء في المجتمع ويقضي على نوازع الشر في مهدها ويحفظ على الشريعة حرماتها ويلفت الذهان إلى خطر المخالفة ويصون على الناس مصالحهم التي لا تستقيم الحياة بدونها ولا تنهض إلا عليها. لقد حفظت هذه الخدود والعقوبات الضرورات الخمس الدين والنفس والعرض والعقل والمال وصدق الله العظيم: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
إن هناك حقوقاً تتعلق بالحدود والتعزيرات وهي على أربعة أقسام:
1- حقوق خالصة لله تعالى كعبادته سبحانه وتعالى.
2- حقوق خالصة للعبد كالملكية والانتفاع.
3- حقوق يغلب فيها حق الله كحق القذف.
4- حقوق يغلب فيها جانب حق العبد كحق القصاص.
وتعتبر العقوبة حق خالصاً لله في الشريعة كلما استوجبتها المصلحة العامة من دفع الفساد عن الناس وتحقيق الصيانة والسلامة لهم ليقوموا بما أوجب الله عليهم دون خوف من أحد ولتختفي في المجتمع الرذيلة وتسود فيه الفضيلة.
إن كثيرا من الجرائم التي تقع قد لا تكون مقصودة بذاتها لكنها تترتب على شهوة عابرة أو نزوة طارئة فوقعت الجريمة التي استوجبت الحد أوالتعزير.
والشيطان يجلب بخيله ورجله عند بداية الشهوة ليختم المسرحية بجريمة فظيعة يترتب عليها إزهاق النفس أو بتر العضو.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.