عبدة الشيطان
يقول الله تعالى -: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [ يس: 60 ]
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ).
والشباب هم مستقبل الأمة وثروتها وكنزها الثمين لذا فهم دائماً مستهدفين من قبل أعداء الإسلام بوسائل الإعلام تارة وبالمخدرات والمشروبات المحرمة تارة أخرى وبالأفكار الهدامة تارة ثالثة.
والمؤمن في هذه الحياة يجب عليه ألا يمر عليه وقت من أوقاته خالياً من العمل النافع المفيد وليكن في عمله متجهاً إلى الله شاكراً له راغباً فيما عنده فإن هذا يحقق له الخير في الدنيا والآخرة وفي هذا حث على الاستمرار في العمل والإخلاص فيه.
روى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ” إني لأمقت الرجل أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا أو الآخرة “.
قال الشاعر:
ظهرت في الآونة الأخيرة جماعة تدعوا إلى عبادة الشيطان وتورط عدد كبير من الشباب في اعتناق هذا الفكر الضال والذي يدعو إلى الشر والإباحية وتمجيد الشيطان وعبادته.
وهذه الجماعة تركز على الشباب وتحثهم على احتساء الخمور وتعاطي المخدرات إلى جانب ممارستهم للجنس الجماعي في مناطق مهجورة وكذا الطقوس الخاصة بهذا الفكر المنحل.
إن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم أمر الملائكة بالسجود له وأمر إبليس كذلك بالسجود لأب البشرية وأخبرنا القرآن الكريم أن إبليس لم يسجد لآدم فقد عصى الأمر الإلهي في السجود ولم يتحقق هذا السجود لآدم ولا لأحد من بنيه إلا مرة وحدة كما يقول وهب بن منبه: ” إن أول من سجد لفرعون بين يديه إبليس اللعين وأول من سماه إلهاً ثم سجد هامان والوزراء والأعوان والكهنة.
وذلك حين ادعى فرعون عليه لعنة الله الألوهية “.
أما من يعبد الإنسان الشيطان ويسجد له فتلك هي الطامة لكبرى والمصيبة العظمى والتي لا جزاء لها إلا النار والخلود فيها.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ” كان راهب يتعبد في صومعته وامرأة زينت له نفسها فوقع عليها فحملت فجاءه الشيطان فقال اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت فقتلها فدفنها فجاءوه فأخذوه فذهبوا فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك فسجد فتبرأ منه إبليس فأنزل الله عز وجل (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) [الحشر: 16-17][1].
وهؤلاء الشباب ما وقعوا فيما وقعوا فيه إلا بسبب غياب الوعي الديني والفراغ الكبير لديهم، والانحلالية والاختلاط إلى جانب سلبية المجتمع في عدم قيام الآباء بالواجب الأمثل تجاه أبنائهم في التربية حسبما يتفق مع المنهج الصحيح الذي سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
لهذه الأسباب وجد من الشباب من يتبع الشيطان بدلاً ممن أن يرجموه ويوالونه بدلاً من أن يعادوه.
وقد حذرهم الله من ذلك في قوله تعالى -: (وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) [النساء: 119].
وإن ظهور مثل هذا الفكر لينبهنا إلى أمر هام وجدُّ خطير ألا وهو الأزمة الثقافية التي يعيشها كثير من أبنائنا وبناتنا ثروة الأمة الإسلامية.
فهل اهتممنا بالجانب الثقافي لدى الشباب وعملنا على ارتقائه وتطويره لنه بالعلم وحده وليس بغيره تتقدم الأمم فهو الدليل المنير في الظلماء والأصل العاصم من الأهواء والأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة، لا يمنحه الله إلا للسعداء، ولا يحرم منه إلا الأشقياء.
فإذا ما التف الشباب حول العلماء العاملين الربانيين المخلصين ونهلوا من علمهم الصحيح وشغلوا أوقات فراغهم بعمل مفيد يكون الهدف منه الارتقاء بوطنهم وأمتهم لتكون في مقدمة الأمم دائماً بإذن الله لسعدوا وأسعدوا مجتمعاتهم وحصدوا الخير والفلاح.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.** *****
*ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
[1]- رواه الحاكم في المستدرك 2/484-485 وقال صحيح ووافقه الذهبي والقرطبي في جامع أحكام القرآن 18-38-42.