خطبة بعنوان (الفتن والأمن والثمرات) .
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
عباد الله!
فتن متلاحقة ومصائب متتابعة ، البلاد الإسلامية تشكو تسلط الكفار وهذه البلاد المباركة تشكو عقوق الأبناء وفي ظل ذلك كله نحتاج إلى صدق ومصارحة ووضوح في الطرح ومكاشفة ، إننا بحاجة ماسة إلى رؤية متعقلة كما نحن بحاجة إلى الأمن الفكري وتحصين العقول من الأفكار الوافدة ذات التوجهات المتضادة المفرطة أين خصوصية المسلم في عقيدته وشخصيته المسلمة؟ أين تحصين الأفكار من الهجمات الدخيلة التي تسمم العقول وتحرف السلوك وتسيء إلى الدين وتقتل المروءات وتشكك المسلم في صدق الولاء والانتماء.
عباد الله!
نقولها صادقين ناصحين واضعين النقاط على الحروف إن الاهتمام بالأمن الفكري يأتي في طليعة الاهتمام بالأمن الشامل؛ أمن الأرواح وأمن الأعراض وأمن الأموال وأمن الغذاء وأمن الصحة وأمن العمل وأمن التعامل.
ما الذي يرجى أيها المؤمنون من أمة أصيبت في فكرها إفراطاً أو تفريطاً اضطربت التوجهات واهتزت القيم وتزعزعت العقيدة .
إن الصراع اليوم صراع عقدي قديم جديد وهو من سنن الله الكونية في مدافعة الحق والباطل والكفر والإيمان.
كيف نطمئن أيها المؤمنون في بلادنا وهناك من يجوس في فكره بطرفيه المتناقضين المتطرفين الذين أفرطوا فغلوا وتشددوا فأصابوا الأمة في أعز ما تملك بعد دينها وهو أمنها وطمأنينتها، والطرف الثاني الذين فرَّطوا فأصابوا الأمة في أعز ما تملك وهو دينها، إن هذا الفكر المنحرف لا يورث إلا القلق والاضطراب وقد يصل ببعض المجرمين والمنحرفين إلى التطاول على كل شيء يملكه المسلم بل قد يصل الأمر إلى التطاول على الذات الإلهية كما يحدث الآن في بعض القنوات الداعرة، وإذا كان هذا من الكفار فليس بغريب لكن أن يصدر من المسلمين والذين ينتسبون لهذا الدين تلك قاصمة القواصم غزو للعقول وتغيير للمفاهيم وسلخ للقيم والمعتقدات فالمشتكى إلى الله العلي العظيم ومع هذه الفتن الهوجاء وتلك المصائب العظيمة فإننا نحمد الله ونشكره لأن في المحن منحاً وفي المصائب منناً قال بعضهم لو دققت النظر لوجدت المحنة عين المنحة ورأيت الحرمان عين العطاء فإن من خلال الظلمات أضواء ساطعات يثبت الله لها قلوب العباد.
ففي المحن والمصائب يتذكر العبد مولاه فيرجع إليه يدعوه ويسأله ويشكو إليه ويحسن الظن به ويقف ببابه متلجئاً يسأله كشف الضر وإزالة العسر تنقطع العلائق مع الناس كل الناس ويبقى أرحم الراحمين وصدق الله العظيم (أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) وقال تعالى (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفيةً لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي امتن على عباده بالأمن فقال: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون وتعانوا على البر والتقوى وعلى كل ما فيه أمنكم وسلامتكم وتأملوا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم {عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد غير المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له} توجيه نبوي راشد من الرحيم بأمته المشفق عليهم أن يكونوا شاكرين عند النعماء ليزدادوا من فضل الله وأن يكونوا صابرين عند الضراء ليكسبوا أجر الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب.
عباد الله!
علينا أن نواجه تلك المصائب والفتن بالصبر والاعتبار ونحمد الله في كل أحوالنا ونفتش عن أسباب الابتلاء فالذنوب والمعاصي سبب كل بلاء والعلاج الناجح في البلايا والرزايا هو الصبر واتخاذ سلاح الدعاء، وبالإيمان والصبر تكون عاقبة البلايا حسنات للمبتلى سواء كان فرداً أو جماعة.
واعلموا بارك الله فيكم أن الليالي حبلى يلدن كل عجيب فأعدوا للابتلاء الصبر وقوة الإيمان والتوحد والصدق في اللجوء إلى الله تظفروا بالفوز والنجاح وأكثروا من الصلاة والسلام على رسولكم ففي ذلك الراحة والطمأنينة لكم والسلوة من كل مرغوب يضيع اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد اللهم أعز الإسلام والمسلمين …..