خطبة بعنوان: (حادث التفجير في الرياض) .

السبت 4 جمادى الآخرة 1440هـ 9-2-2019م

الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فاتقوا الله يا عباد الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

عباد الله !
هذه البلاد المباركة منطلق الإسلام ومأرز الإيمان ومعقل الدعوة، انطلقت منها جحافل الخير تحمل النور والهداية للبشرية جمعاء تنزل كتاب ربنا على أراضيها وبعث رسولنا الهادي من بطاحها.

بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية ابتليت كغيرها من بلاد العالم بالحقد والحسد ولكنها أخذت نصيباً وافراً منه لأن الأعداء يريدون لها أن تقف في وسط الطريق أذهلهم تماسكها وخنقهم أمنها وأقلق مضاجعهم الخير المتدفق منها فاجتهدوا في التأثير عليها عبر قنوات داعرة وأفكار دخيلة مضللين أبناءها مجتهدين في تفريق صفهم وخلخلة بنائهم.

أرأيتم أيها المؤمنون كيف وقعت هذه التفجيرات في جنح الظلام ترويع للآمنين وسفك لدماء المسلمين واعتداء على الحرمات والممتلكات نساء وأطفال وعجزة وعجائز لا ذنب لهم إطلاقاً ماذا سيقول أصحاب هذا الفعل إذا وقفوا أمام ربهم وجاء من قتلوه تثعب جراحهم يخاصمونهم ، ألسنا إذا حكم على شخص بالقصاص نجتهد أفراداً وجماعات ونبذل الغالي والنفيس بل ملايين الريالات لكي يتنازل ويعتق هذه الرقبة إذاً ما بال هؤلاء يقتلون العشرات دون جرم أو خطيئة، أليس قتل المسلم المعصوم من أعظم جرائم الذنوب في الدنيا.

عباد الله!
لقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من الظلم وأعلن ذلك في حجة الوداع أمام الجموع الغفيرة في ضمان لحقوق الإنسان لم تصل إليه حتى الآن المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية حيث قال {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت اللهم اشهد}.
إخوتي في الله! كم ترتب على هذا التفجير من إزهاق نفوس بريئة وإفساد في الأرض وجراح للآمنين وتخريب للبيوع والسيارات والمحلات التجارية.

إذا كان التعرض للآمنين بأخذ ريالات منهم جريمة وسرقة يعاقب عليها الشرع بقطع الأيدي أو التعزير فكيف بمن يخل بالأمن ويقتل الأنفس البريئة.

إن الأمن الضارب في جذوره في هذه البلاد أصبح مضرب المثل في بلاد الدنيا ولذا كثر حقد الحاقدين وظهر مكر الكائدين وشمر الأعداء عن ساعد الجد في الكيد لهذه البلاد ليطيحوا بأمنها واطمئنانها، وهؤلاء لا يعلمون المصدر الحقيقي للأمن وهو التمسك بشرع الله ولذا لن يصلوا إلى ما أرادوا مهما غرروا بالظالمين وبذلوا من وسائل الإجرام والعنف لأنهم يحاربون الله العليم الخبير القوي المنتقم.

عباد الله!
وإذا تأمل المسلم في مثل هذا الحادث العظيم وجد فيه من الأضرار والمفاسد الشيء الكثير ومن ذلك:

(1) في هذا التفجير هتك لحرمات الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة هتك لحرمة الأمن والاستقرار واعتداء على حياة الآمنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك لمصالح الناس التي لا بد لهم منها ولذا قد تحيط بمن يعمل هذا العمل عقوبة أو تلاحقه دعوة مسلم صادق فتحيط به في الدنيا والآخرة .

(2) هذا العمل يتضمن أنواعاً من المحرمات المعلومة بالضرورة من دين الإسلام مثل الغدرة والخيانة والبغي والعدوان وصدق الله العظيم (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد).

عباد الله!
نحن في سفينة واحدة وخندق واحد وبلد واحد والخرق لهذه السفينة يتسبب في غرق الجميع ويضع المجتمع في دوامة من العنف والتدمير لا يعلم نهايتها إلا الله ولذا فالخطوة الأولى القيام بالواجب كل تجاه نفسه ومن ولاه الله عليه، فالعلماء يقومون بدورهم وولاة الأمر يقومون بواجبهم والآباء والأمهات والدعاة والكتاب والمفكرون والمعلمون وأهل الرأي كل يدلي بدلوه في هذا الباب الواسع وهنا لن يجد المتسلق لجدار أمننا مجالاً أو مكاناً لتفريغ حقده وعداوته.

نسأل الله بمنه وكرمه أن يهدي ضال المسلمين وأن يكبت المعتدين وأن يذل الكافرين وصدق الله العظيم (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم…

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي تفضل على عباده بالأمن الوارف وأشهد أن لا إله إلا الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرماً وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله جاهد لنشر العدل وقمع الظلم حتى أرسى القواعد على الخير والمحبة والسلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون فالعز والفلاح بتقوى الله فالزموها ولا تحيدوا عنها.
إخوتي في الله ! جاء في بيان هيئة كبار العلماء في بلادنا حول التفجيرات ما يأتي:

((إن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام وتحريمه جاء من وجوه:

1- أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين.
2- أن فيه قتلاً للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام.
3- أن هذا من الإفساد في الأرض.
4- أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة .

وإن المجلس إذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في هذه المحرمات المهلكات ويحذرهم من مكائد الشيطان فإنه لا يزال في العبد حتى يوقعه في المهالك إما بالغلو في الدين وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله.

ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني من تسلط الأعداء عليها من كل جانب وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام واستغلال خيراتهم كما أنه يجب العناية بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة وذلك في المدارس والجامعات وفي المساجد ووسائل الإعلام كما أنه يجب العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي على الحق فإن الحاجة بل الضرورة داعية إليه الآن أكثر من أي وقت مضى وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم والتلقي عنهم وليعلموا أن ما يسعى إليه أعداء الدين الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا)).

انتهى ملخصاً من البيان الصادر في يوم الأربعاء 13-3-1425هـ
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ….