103 – من أحكام صلاة التراويح

الخميس 20 رجب 1445هـ 1-2-2024م

 

103 –  من أحكام صلاة التراويح pdf

 

 

من أحكام

صلاة التراويح

 

إعداد

أ.د/ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

الأستاذ بكلية التربية بالزلفي جامعة المجمعة

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فهذه بعض الأحكام والفوائد المتعلقة بصلاة التراويح التي يكثر السؤال عنها أسأل الله تعالى أن ينفع بها. فأقول وبالله التوفيق:

* صلاة التراويح:

سميت بذلك لأنهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين. والمراد بها قيام الليل جماعة في ليالي رمضان.

* اتّفق الفقهاء على سُنية صلاة التّراويح للرجال والنساء

وهي من أعلام الدّين الظّاهرة، وقد واظب الخلفاء الراشدون والمسلمون من زمن عمر رضي الله عنه إلى وقتنا هذا على صلاة التّراويح.

* لم يواظب النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة التراويح 

وبيَّن العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب فيعجزوا عنها.

فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: “قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ”([1]). زاد البخاريّ: ” فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ “.

* توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، يصلون صلاة التراويح 

كما صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا يصلي منفرداً، وذاك يصلي بجمعٍ، فلما أُمِن فرضيتها أحيا هذه السنة عمر رضي الله عنه.

فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال” خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ:”إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ” ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: “نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ” يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ([2]).

* أما عن فضلها:

فقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم ورغَّب على قيام رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِرَمَضَانَ: “مَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ([3]).

وفي رواية: ” مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ([4]).

* وقت صلاة التّراويح

من بعد صلاة العشاء، وقبل الوتر إلى طلوع الفجر، لنقل الخلف عن السّلف.

ولو صلّاها بعد المغرب وقبل العشاء فجمهور الفقهاء على أنّها لا تجزئ عن التّراويح، وتكون نافلةً لصاحبها.

وفعلها في آخر الليل أفضل من فعلها في أوله لمن تيسر لهم ، لقول عمر رضي الله عنه : “وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ([5]).

* اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الجماعة في صلاة التّراويح 

وأن الجماعة لها سنة، لفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم والصّحابة رضوان اللّه تعالى عليهم ومن تبعهم منذ زمن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، ولاستمرار العمل عليه حتّى الآن.

فإن تعذّرت الجماعة صلى وحده لعموم قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)([6]).

* لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحديد عدد ركعات صلاة التراويح 

إلا أنه ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام أنه صلاها إحدى عشرة ركعة كما بينت ذلك أم المؤمنين عائشة حين سُئلت عن كيفية صلاة الرسول في رمضان، فقالت: “مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا”([7]).

ولكن هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” له أن يصلي عشرين ركعة، كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي، وله أن يصلي ستاً وثلاثين، كما هو مذهب مالك، وله أن يصلي إحدى عشرة ركعة، وثلاث عشرة ركعة”([8]).

والأفضل أن يقتصر الإمام في التراويح على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة مع إطالة القراءة لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن ذلك هو الأرفق بالناس في رمضان وفي غيره، وأعون للإمام على الخشوع في ركوعه وسجوده وفي قراءته، ومن زاد أو نقص فلا حرج لأن صلاة الليل موسع فيها، ومن ظنّ أنّ قيام رمضان فيه عدد موقّت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ.

* لا بأس بالتنويع في عدد الركعات

فلو صلى بعض الليالي إحدى عشرة، وفي بعضها ثلاث عشرة فلا شيء فيه، ولو زاد فلا بأس، فالأمر واسع في صلاة الليل، لكن إذا اقتصر على إحدى عشرة لتثبيت السنة، وليعلم الناس صلاته حتى لا يظنوا أنه ساه فلا حرج في ذلك.

* إذا صلى الإنسان في رمضان مع من يصلي ثلاثاً وعشرين ركعة 

واكتفى بإحدى عشرة ركعة ولم يتم مع الإمام ففعله لم يوافق به السنة، فالسنة الإتمام مع الإمام ولو صلى ثلاثاً وعشرين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ)([9]). فالأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف، سواء صلى إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة، أو ثلاثاً وعشرين، أو غير ذلك.

* إذا دخل الإنسان المسجد ووجد الناس قد فرغوا من صلاة العشاء وشرعوا في القيام، صلى العشاء أولاً منفرداً أو مع جماعة، وله أن يدخل مع الإمام بنية العشاء فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته، واختلاف نيته مع نية الإمام لا يؤثر، لصنيع معاذ وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم على فعله حيث كان يصلي العشاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويأتي فيصلي بأهل قباء العشاء حيث تكون له هذه الصلاة نافلة، لكن لا يجوز له أن يشرع في التراويح وهو لم يصل العشاء.

* يستحب أن يقنت في كل رمضان،

وهو مذهب عدد من الصحابة، وأصح ما ورد في القنوت في الوتر ما رواه أهل السنن عن الحسن قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: “اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ([10])

وعن على رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: “اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ([11])

* وللإمام أن يقنت بما شاء من الأدعية المأثورة وغيرها

وأن يجهر ويؤمن من خلفه، وأن يرفع يديه، لكن ينبغي أن يحذر التطويل والسجع والتفصيل، وعليه أن يكتفي بالدعوات الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وليحذر الاعتداء في الدعاء.

* لا ينادى لصلاة التراويح

كقول: “الصّلاة جامعة”، وقول الإمام: “اللهم صلّ وسلم على سيدنا محمد” بصوت مرتفع، وقول المأمومين ذلك بعده، وقراءة سورة الإخلاص، والمعوذتين بصوت مرتفع بعد صلاة الركعتين، كل هذا من البدع المحدثة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ([12])، وكان يقول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: “أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ([13]).

* اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات

لأنّه المتوارث عن السّلف، فقد كانوا يطيلون القيام في التّراويح ويجلس الإمام والمأمومون بعد كلّ أربع ركعات للاستراحة.

* على من يصلّي التّراويح أن يسلم من كل ركعتين

لأنّ التّراويح من صلاة اللّيل؛ فتكون مثنى مثنى، لحديث: “صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى([14])، الأولى لمن يصلّي التّراويح أن يسلم من كل ركعتين (متفق عليه)، ولأنّ التّراويح تؤدّى بجماعة فيراعى فيها التّيسير بالقطع بالتّسليم على رأس الرّكعتين لأنّ ما كان أدوم تحريمةً كان أشقّ على النّاس. فلا ينبغي أن يصلي في التراويح أربعاً بتسليمة واحدة، فإن فعل صارت نفلاً مطلقاً، وذلك لحديث: “صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى“، ولأنّ التّراويح أشبهت الفرائض في طلب الجماعة فلا تغيّر عمّا ورد.

* السّنّة أن يختم القرآن الكريم في صلاة التّراويح

ليُسمع النّاس جميع القرآن في تلك الصّلاة، والأفضل أن يقرأ الإمام على حسب حال القوم، فيقرأ قدر ما لا ينفّرهم عن الجماعة، لأنّ تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة، والمهم أن يخشع في قراءته ويطمئن ويرتل ويفيد الناس، ولو لم يختم فليس المهم أن يختم، وإنما المهم أن ينفع الناس في صلاته وفي خشوعه وفي قراءته حتى يستفيدوا ويطمئنوا، فإن تيسر له أن يكمل القراءة فالحمد للّه، وإن لم يتيسر كفاه ما فعل، لأن عنايته بالناس وحرصه على خشوعهم وعلى إفادتهم أهم من كونه يختم.

ومن الأخطاء توافد الناس إلى المساجد في أوائل رمضان ثم يتناقصون شيئاً فشيئاً فلا يأتي آخر الشهر إلا والمصلون قلّة، في سائر الصلوات وفي التراويح خاصة.

* ومن الخطأ أيضاً أن ينصرف المأموم قبل أن ينصرف الإمام؛

كما سبق ذكره لأنه يفوت على نفسه أجراً عظيماً، وهو ثواب قيام ليلة كاملة، وبعض المصلين يريد أن يقوم آخر الليل فينصرف عن الإمام قبل صلاة الوتر، وهذا لا يكتب له الأجر المذكور، وكذلك من ينصرفون عن الإمام الذي يصلي أكثر من إحدى عشرة ركعة فينصرفون عنه بحجة أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل أكثر من إحدى عشرة في رمضان وفي غيره.

* من أراد مواصلة الصلاة بعد التراويح مباشرة أو آخر الليل شفع آخر الصلاة

وقام بعد سلام الإمام من الوتر وأكمل الركعتين، ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف الإمام ويزيد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل، ولا يخرج به عن كونه لم يقم مع الإمام، بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه، بل تأخر قليلاً. وإن أوتر مع الإمام وصلى آخر الليل شفعاً فهذا أولى.

* من فاته شيء من أول صلاة التراويح فلا يقضيها بعد سلام الإمام من الوتر

بل إنه يشفع الوتر ويتمها بعد ذلك ثم يصلي الوتر.

* لا ينبغي للمأموم أن يحمل المصحف خلف الإمام

لأن ذلك مخالف للسنة، ولأنه يشوش على نفسه وعلى غيره في ذلك، لأن فعل ذلك يحول بين المصلي وبين محل سجوده، والمشروع للإنسان إذا كان يصلي أن ينظر إلى محل سجوده، ولأنه يحول بينه وبين اتباع السنة في وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، ولأن في فعله ذلك حركة لا داعي لها والحركة في الصلاة مكروهة، لأنها تنافي الخشوع.

* الإمام إن احتاج لحمل المصحف فلا بأس

كأن يكون غير حافظ للقرآن، أو كان حفظه ركيكاً ينافي الخشوع لكثرة الرد عليه، وقد ذهب بعض العلماء إلى كراهة القراءة في المصحف مطلقاً للإمام والمأموم، ومنهم من ذهب إلى بطلان صلاتهما.

لكن الصحيح أنها تجوز للإمام للحاجة كما كان ذكوان -رضي الله عنه -يؤم عائشة -رضي الله عنها-فكان يقرأ من المصحف. وهذا في النافلة دون الفريضة.

* بعض الأئمة يتكلف في تقليد قارئ معين أو أكثر من قارئ

والذي ينبغي على الإمام أن يأتي بصوته الذي خلق الله له، ولو أنه خشع في صلاته وتفكر فيما يتلوه من الآيات وأعمق الفكر في ذلك لأثر في نفسه وفي غيره، فإن خشوع الناس لا يكون إلا بمقدار ما يخشع الإمام.

* كثير من الأئمة يسرع في التراويح بحيث لا يتمكن الناس من الطمأنينة وراءه

ويشق على كبار السن والضعفاء والمرضى ونحوهم، وهذا خلاف الأمانة التي تحملوها، فإن الأمام مؤتمن يجب عليه أن يفعل ما هو الأفضل للمأمومين.

* لا حرج في تتبع المساجد طالبًا لحسن صوت الإمام

إذا كان المقصود أن يستعين بذلك على الخشوع في صلاته، ويرتاح في صلاته، ويطمئن قلبه، فإذا كان قصده من الذهاب إلى صوت فلان أو فلان الرغبة في الخير وكمال الخشوع في صلاته فلا حرج في ذلك.

* إذا كان الأكثرية من المأمومين يرغبون في الإطالة بعض الشيء

وليس فيهم من يُراعى من الضعفة والمرضى أو كبار السن فإنه لا حرج في ذلك، وإذا كان فيهم الضعيف من المرضى أو من كبار السن فينبغي للإمام أن ينظر إلى مصلحتهم.

* لا فرق بين التراويح والقيام؛

فالصلاة في رمضان كلها تسمى قيامًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ([15]) فإذا قام ما تيسر مع الإمام سمي قيامًا، ولكن في العشر الأخيرة يستحب الإطالة فيها، لأنه يشرع إحياؤها بالصلاة والقراءة والدعاء.

* لا ينبغي رفع الصوت بالبكاء أثناء صلاة التراويح،

لأن هذا يؤذي الناس ويشوش على المصلين وعلى القارئ، والذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن لا يسمع صوته بالبكاء، وعليه أن يحذر من الرياء فإن الشيطان يجرُّه إلى الرياء، أما إن كان ذلك من غير قصد وبغير اختياره فهو معفو عنه.

* لا بأس أن يردد الإمام بعض الآيات المشتملة على الرحمة أو العذاب:

لقصد حث الناس على التدبر والخشوع، وإقبال الناس على الصلاة، والاستفادة لا لقصد الرياء، لكن إذا كان يرى أن ترديده لذلك يزعجهم ويحصل به أصوات مزعجة من البكاء فترك ذلك أولى حتى لا يحصل تشويش.

* تحديد الإمام أجرة لصلاته لا ينبغي

وقد كرهه جمع من السلف، فإذا ساعدوه بشيء غير محدد فلا حرج في ذلك بدون مشارطة.

* المداومة على قراءة (سبح اسم ربك الأعلى)، و(قل يا أيها الكافرون)، و(قل هو اللّه أحد) في الركعات الثلاث الأخيرة من صلاة التهجد هو الأفضل، لكن إذا تركه بعض الأحيان ليُعلم الناس أنه ليس بواجب فحسن.

* حكم النافلة حكم الفرض في سجود السهو

لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: “فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ“، وفي لفظ: “إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ([16])، ولم يفرق، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود فيسجد لسهوها كالفريضة.

* إذا قام الإمام إلى ثالثة في صلاة التراويح فإنه ينبه بقول سبحان الله،

وعليه أن يرجع ويكمل قراءة التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يسجد للسهو، ثم يسلم. فإن مضى ولم يجلس نبهوه حتى يجلس ولو بعد الثالثة فيجلس ويقرأ التحيات وما بعدها من الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يسجد للسهو ثم يسلم.

* لا بأس بدعاء ختم القرآن؛

بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب اللّه عز وجل، ولم يزل السلف يختمون القرآن ويقرؤون دعاء الختمة في صلاة رمضان، لكن لا يطول على الناس تطويلاً يضرهم ويشق عليهم، بل عليه أن يتحرى الدعوات المفيدة والجامعة.

* الأفضل أن يكون دعاء ختم القرآن بعد أن يكمل المعوذتين،

فإذا أكمل القرآن دعا سواء في الركعة الأولى أو في الثانية، وسواء كان ذلك قبل الركوع أو بعده، كل ذلك لا بأس به. والأفضل أن يكون بعد الركوع، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، وقنت بعد الركوع، والأكثر أنه قنت بعد الركوع، ودعاء ختم القرآن من جنس القنوت في الوتر، لأن أسبابه الانتهاء من ختم القرآن، والشيء عند وجود سببه. فيشرع فيه القنوت عند وجود سببه وهو الركعة الأخيرة بعدما يركع، وبعدما يرفع من الركوع، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. المهم أن يكون دعاؤه في نهاية الوتر كقنوته كل ليلة.

* لم يرد دليل على تعيين دعاء معين في ختم القرآن،

فيجوز للإنسان أن يدعو بما شاء، ويتخير من الأدعية النافعة، كطلب مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، والاستعاذة من الفتن، ونحو ذلك مما فيه نفع للعبد في الدنيا والآخرة.

* تتبع الختمات في المساجد لا حرج فيه،

إذا كان بنية صالحة، وقصد صالح رجاء أن ينفعه اللّه بذلك، ويقبل دعاءهم وهو معهم.

* رفع اليدين في القنوت مشروعٌ؛

لأنه من جنس القنوت في النوازل، وقد ثبت عنه -صلى اللّه عليه وسلم -أنه رفع يديه حين دعائه في قنوت النوازل.

* لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ قنوته بالحمد والثناء على اللّه والصلاة والسلام على النبي،

فالأفضل والأقرب أنه يبدأ فيه بالدعاء، والقول بأنه يشرع للداعي في القنوت أن يبدأ بالحمد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى دليل واضح خاص، ولو بدأ الإنسان بحمد اللّه والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام فيها فلا بأس.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

([1]) رواه البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب (1129)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان برقم (761) (177).

([2]) رواه البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان برقم (2010).

([3]) رواه البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان برقم (2008).

([4]) رواه البخاري، كتاب صلاة التراويح. باب فضل من قام رمضان برقم (2009)، ومسلم في صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رمضان برقم (759).

([5]) رواه البخاري، كتاب صلاة التراويح. باب فضل من قام رمضان برقم (2010).

([6]) سبق تخريجه، ص 2.

([7]) رواه البخاري، كتاب التهجد، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره برقم (1147)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل برقم (738) (125).

([8]) الفتاوى الكبرى (5/342).

([9]) رواه أحمد (5/159، 163)، وأبو داود، كتاب تفريع أبواب شهر رمضان، باب في قيام شهر رمضان برقم (1375)، والترمذي، أبواب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806) وقال: «حديث حسن صحيح»، والنسائي، كتاب السهو، باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف (3/83).

([10]) رواه أبو داود برقم (1213)، والنسائي برقم (1725) وصححه الألباني في الإرواء (429).

([11]) رواه الترمذي برقم (1727)، وصححه الألباني في الإرواء (430)، وصحيح أبي داود (1282).

([12]) رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، كتاب البيوع: باب النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع، انظر رقم (2142)، ووصله مسلم، كتاب الأقضية: باب نقض الأحكام الباطلة، برقم (1718) من حديث عائشة.

([13]) رواه مسلم، في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم (867).

([14]) رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل برقم (749).

([15]) سبق تخريجه، ص 2.

([16]) رواه مسلم، كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة برقم (572) (94).