خطبة بعنوان: (ومازالت نجاحات رجال الأمن مستمرة) بتاريخ: 21-12-1437هـ

الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440هـ 12-2-2019م

 

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدالله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون والمؤمنات واعلموا أن تقواه خير زاد ليوم المعاد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
عباد الله: لقد مرَّ حج هذا العام دون منغصات أو مشكلات، وتم ذلك وتحقق بفضل الله جل وعلا وتوفيقه ثم برعاية ولاة أمور هذه البلاد الكريمة وتوجيهاتهم الرشيدة وتفاني رجال الأمن البواسل وباقي زملائهم في القطاعات المدنية والعسكرية والأهلية، بل وتفاني الجميع في أداء هذا الواجب العظيم وفق خطط تنظيمية، وأمنية، ووقائية، وخدمية، ومرورية متكاملة الإعداد والتنفيذ مما مكن ضيوف الرحمن من تأدية مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمن وأمان وسلامة واطمئنان، في أجواء رائعة مفعمة بالسكينة والإيمان، متمتعين بما وفرته لهم هذه البلاد المباركة ــ بلاد الحرمين الشريفين ــ من تسهيلات وخدمات ورعاية شاملة في مختلف الجوانب التي يحتاجونها منذ قدومهم إليها وحتى رجوعهم إلى بلادهم سالمين آمنين، في حالة أمنية مستقرة، وتحرك مروري انسيابي وفي أوضاع صحية خالية من الأمراض الوبائية، فلله الحمد أولاً وآخراً ظاهراً وباطناً.
عباد الله: اعلموا أن نعمة الأمن التي نعيشها ونتقلب فيها من أعظم نعم الله علينا بعد نعمة الإسلام والإيمان، وقد ذكَّرنا الله جل وعلا بهذه النعمة وهذه المنّة، لنشكره عليها، ولنعبده في ظلالها، وصدق الله جل وعلا:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}[قريش: 3، 4].
وقال صلى الله عليه وسلم:(من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها)(رواه الترمذي).
فالأمن نعمة كبرى، ومنّة عظمى، إذا اختلّت، أو فُقدت ــ فَسدتِ الحياة، وشَقيّ العباد، وسَاءتِ الأحوال، وتَغيرت النِّعَم بأضدادها ــ صار الخوف بدل الأمن، والجوع بدل رغد العيش، والفوضى بدل اجتماع الكلمة، والظلم والعدوان بدل العدل والرحمة.
والأمن أصلٌ من أصول الحياة، لا تزدهر ولا تنمو ولا تحلو ولا تستقر بغيره، وكيف يطيب العيش إذا انعدم الأمن؟ وما قيمة المال إذا فُقِد الأمن؟ وما قيمة الحياة كلها إذا فقده الناس؟ فالأمن هو طمأنينة القلب وسكينته وراحته وهدوئه، وسلامة الجسد من المظالم، فلا يخاف الإنسان معه على دينه، أو على نفسه، أو على عِرضه، أو على ماله، أو على حقوقه. وبالأمن تتحقق آمال البشر، وتطمئن به نفوسهم في أمور سعيهم وعملهم وطلبهم لأرزاقهم، وبه يتبادلون المصالح والمنافع، وتكثر الخيرات والبركات، وتؤمن السبل، وتتسع التجارات، وتُشَيَّد المصانع، ويزيد الحرث والنسل، وتُحقن الدماء، وتُحفظ الأموال والحقوق، وتتيسر الأرزاق، ويعظم العمران.
وقد عَنيّ الإسلام أشد العناية باستتباب الأمن في المجتمع المسلم، فشرع الأوامر والنواهي، وشرع الحدود والزواجر، من أجل نشر الخير والبر، وردع الشر والباطل.
وأخبرنا جل وعلا أن الأمن لا يكون إلا لمن أقام دين الله جل وعلا وعمل الصالحات، واستقام على طريق الهدى والرشاد، وابتعد عن سبيل الغي والفساد، قال جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]. فاشكروا الله جل وعلا وأحمدوه على هذه النعمة العظيمة، وعلى النِّعَم الظاهرة والباطنة التي أسبغها عليكم، وذلك بالحرص على الطاعات والمداومة عليها، والبعد عن المحرمات وإنكارها، وهذه هي المواطنة الصالحة، وهذا هو الحب الحقيقي للوطن وذلك باستشعار هذه المصالح وشكرها والدفاع عن الوطن وصد أطماع الحاقدين من المتربصين على مختلف مستوياتهم وأجناسهم.
أيها المؤمنون والمؤمنات: وإن من فضل الله تعالى ومنته على هذه البلاد ما وفق به رجال أمننا البواسل من القبض على أفراد من الفئة الضالة قبل أن يتمكنوا من القيام بمرادهم الخبيث من زعزعة للأمن والاستقرار ونشر الذعر والخوف والاعتداء على الدماء المعصومة، فقد جاء في بيان وزارة الداخلية على لسان المتحدث الرسمي لها بقوله: (إن الجهات الأمنية المختصة ومن خلال متابعتها للتهديدات الإرهابية التي تستهدف أمن المملكة ومقدراتها وتعقب القائمين عليها، فقد تمكنت من خلال عملية أمنية تمت على مراحل استمرت لعدة أشهر من إحباط عمليات إرهابية كُلفَّت بتنفيذها شبكةٌ إرهابيةٌ مكونة من ثلاث خلايا عنقودية ترتبط بتنظيم «داعش» الإرهابي.
وقد خططت هذه الشبكة لاستهداف مواطنين وعلماء ورجال أمن ومنشآت أمنية وعسكرية واقتصادية في مواقع مختلفة، حيث نشطت خلاياها في إعداد وتجهيز الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة وتوفير الخلائط اللازمة لذلك لاستخدامها في عملياتهم الإجرامية وتقديم الدعم اللوجيستي من إيواء للمطلوبين والتستر عليهم، وتمويلهم بالمال والسلاح ونقلهم داخل المملكة، وتأمين وسائل النقل لهم، ورصد المواقع المستهدفة، وتقديم الدعم الإلكتروني والإعلامي للتنظيم، والتواصل مع قياداته بالخارج في جميع نشاطاتهم. وأوضح المتحدث أنه تم توقيف سبعة عشر شخصا هم أربعة عشر سعوديا بينهم امرأة، إضافة إلى مصري وفلسطيني ويمني.
وقد تحققت من خلال تلك العملية الأمنية إحباط أربع عمليات إرهابية بلغت مراحل متقدمة من الإعداد وقد جاء تفصيلها في البيان الذي جاء في ختامه:
(بأن وزارة الداخلية تؤكد أن مخططات أعداء المملكة التي يستهدفون بها عقيدتها وأمنها ومقدراتها وأبناءها، لا تزال تسعى بشتى السبل والوسائل لتحقيق أهدافها، لكن الله بمنه وكرمه أفشل مسعاهم، وهيأ على يد الجهات الأمنية ومواطني هذه البلاد والمقيمين على أراضيها ما يكشف أمرها ويبطل ما يراد من ورائها من إفساد في الأرض بأعمالٍ شدَّدت شريعتُنا الإسلامية على تحريمها وغلَّظت من عقوبة مرتكبيها، وبمشيئة الله ستظل هذه البلاد في منعة مما يحاك ضدها وارفةً بالأمن شامخةً بسواعد أبنائها، والله الهادي إلى سواء السبيل).
وصدق الله العظيم {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}[قريش].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فاتقوا الله جل وعلا، واعتصموا بحبل الله جميعًا، وكونوا يدًا واحدة على كل مجرم أثيم، يريد زعزعة أمنكم واستقراركم، ويعبث بمنجزاتكم، ويعمل على نشر الفوضى في بلادكم.
واعلموا رحمكم الله أن كل من وقع في جريمة التخريب والإرهاب والإفساد وأراد العبث بأمن هذه البلاد واستقرارها، أنه قد أوقع نفسه في هاوية المكر والخيانة، واكتسب جرمًا لن ينجو من خزيه أبدًا، وسيلقى جزاءه الأليم في الدنيا قبل الآخرة وما الله بغافل عما يعمل الظالمون.
أسأل الله جل وعلا أن يحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا ورغد عيشنا، وأن يكفينا شر الأشرار ومكر الفجار.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:٥٦).
الجمعة: 21 / 12 / 1437هـ