مع القرآن العظيم
القرآن نور وهدى وبرهان وبشرى ورحمة وشفاء، القرأن بمثابة الروح للحياة والنور للهداية، القرآن دستور رباني كريم يقود إلى الصلاح والسعادة، والبعد عنه وهجره والإستغناء عنه يقود إلى التعاسة والشقاء والخسران في الدنيا والآخرة.
والقرآن من أعظم النعم التي امتن الله بها على عباده فقد جعله نوراً وتبصرة وتبياناً لكل شيء إنه الصراط المستقيم والذكر الحكيم يهدي به الله من يشاء من عباده ويضل به من يشاء وما يضل به إلا الفاسقين.
إن كثير من الناس لم يعرفوا قدر هذه النعمة بل أعرضوا عن كتاب الله أعرضوا عن أوامره ونواهيه أعرضوا عن تعلمه وتعليمه أعرضوا عن تلاوته وتدبره أعرضوا عن العمل به أعرضوا عن التحاكم إليه وتحكيمه [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا].
إن الإعراض عن كتاب الله دليل على ضعف الإيمان ونقصان العقل وفساد التصور وضعف البصيرة وقساوة القلب وطول الأمل وكثرة التنافس في الدنيا.
كان المؤمنون من سلف الأمة ومن بعدهم إذا تليت عليهم آياته تفيض من الدمع عيونهم وتمتلئ بالخوف من الله قلوبهم فيزدادون إيماناً على إيمانهم ويقينا على يقينهم ومن الصور الرائعة في الخشوع ما رواه البخاري بسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال لي النبي ص: (إقرأ علي قلت أقرأ عليك وعليك أنزل قال فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغتُ [فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً] قال عليه الصلاة والسلام أمسك فإذا عيناه تذرفان).
وصدق الله العظيم[يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ].
إن هذا القرآن موعظة يتعظ بها العبد فيستقيم على أمر الله ويسير على نهجه وشريعته إنه شفاء لما في الصدور وهي القلوب شفاء لها من مرض الشك والجحود والإستكبار عن الحق أو على الخلق إنه شفاء لما في الصدور من الرياء والنفاق والحسد والغل والحقد والبغضاء والعداوة للمؤمنين إنه شفاء لما في الصدور من الهم والغم والقلق فلا عيش أطيب من عيش المتعظين بما فيه من الأحكام وهيهات أن يكون نعيم أكمل من نعيمهم فهم أهل الله وخاصته وبالمقابل فهو عمى على الذين تنكبوا الجادة وبعدوا عن الصراط المستقيم.
ولسائل أن يسأل كيف يكون القرآن هدىً وعمىً ونقول نعم هدى للمؤمنين وهو عمىً للكافرين والمنافقين أليس الغذاء الواحد ينتفع به بعض الأجسام ويزيدها صحة وعافية، ويكون نفس الغذاء على أجسام أخرى أذية وبلاءً ويزيدها مرضاً وعذاباً.
لقد ضمن الله الذي أنزل هذا القرآن الخلود والحفظ لكتابه وضمن سبحانه لمن عمل به وحكَّمه النصر والرفعة وهذه حقيقة لا جدال فيها، لكن لماذا بعد المسلمون عن كتاب الله وما سبب تعلقهم ببعض الصوارف عنه؟
هذا هو ما يحتاج إلى مراجعة للحسابات وعودة لكتاب الله تلاوة وفهماً وعملاً لتحقق السعادة المنشودة في الدنيا والآخرة إن شاء الله ولا سيما أن الأسباب متوفرة في بلادنا ولله الحمد فالجماعات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم فنتشرة في كل مدينة وقرية والدولة تبذل لها بذلاً سخياً وتوفر للدارسيه في هذه الحلقات الحوافز والهدايا وتجلب لهم المدرسين المتخصصين في تعليم القرآن وتلك نعمة لا تتوفر في غير هذه البلاد المباركة.
لقد خرَّجت هذه الجماعات الآلاف من الطلاب ممن أتموا حفظ القرآن وتجويده ولا تزال تخرج نوعية متميزة في الحفظ والتجويد والتلاوة.
ولا ننسى دور المدارس الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات والتي يتخرج منها الطالب والطالبة ـ من ثالث ثانوي ـ وقد قارب أن يحفظ القرآن كاملاً علاوة على دراسته للمواد.
? أ. د. عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية