من هو الفائز في رمضان

الخميس 23 جمادى الآخرة 1440هـ 28-2-2019م

الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي شرع الصيام تطهيراً للأمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خص أمة الإسلام بشهور رمضان المبارك وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل ترغيباً لأمة ودعوة لها إلى الخير (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الغاية من خلق الناس هي عبادة الله وحده والخالق سبحانه أعلم بمصالح عباده وما يناسبهم من العبادات والمعاملات ولذا اختار لهم ما يضمن لهم مصالحهم ويحميها لكي ينعموا في هذه الحياة.
وأمامنا حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت سعادة تامة فهو القدوة لمن أراد النجاة والفوز يوم القيامة.

كان محمد بن عبد الله يعيش عيش الكفاف بل كان دون الكفاف إذ كان يطوي الأيام لا يدخله جوفه طعام.

وكان فراشه حصيراً غاية في الخشونة فدخل عليه صاحبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرأى أثر الحصير في جسده فبكى عمر لأنه رأى سيد الخلق يؤثر الزهد ولو أراد الدنيا لأعنت بين يديه واجتمع أزواجه ذات مرة يطلبن النفقة وما كان معه ما ينفق.
ومع هذه الحياة التي كلها كفاف إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن حوله من أزواج وأصحاب كلهم سعداء بما وهب الله لهم من نعمة الإسلام التي هي أجل النعم وأعظمها وأغلاها إنه الشعور بالقرب وبلوغ المقصد كان صلى الله عليه وسلم رضي النفس سعيداً وهو جائع لأن همه ليس في الدنيا ولا في المال ولا في المنصب ولا في الطعام والشراب بل همه عبادة ربه ورضاه والقيام بحقوقه والاستقامة على الطريق المستقيم.
وكان صحابه رسول الله يقتدون به فكانوا جميعاً رجالاً ونساء يتنافسون إليها.
ولذا فازوا في هذه الحياة الدنيا وفازوا في رمضان فهل نقتدي بهم ونفوز في رمضان.
عباد الله لقد فاز في رمضان من انفق في سبيل الله ابتغاء وجه الكريم، ومن أقرض الله قرضاً حسناً.

لقد فاز في رمضان من صان عن اللغو والفحش صيامه، وكف عن الحرام عينيه وأذنيه ولسانه، وتهذبت بالصيام نفسه، فكان صابراً متواضعاً تقياً صادقاً أميناً وفياً، على البؤساء عطوفاً، وبالضعفاء رحيماً.

لقد فاز في رمضان من شمر عن ساعد الجد وجعل صالح الأعمال بضاعته، والتواضع شعاره، والحلم واللين شيمته، والرأفة والرحمة حليته.
لقد فاز في رمضان من أجاب نداء حي على الصلاة ـ حي على الفلاح، فأدى الفرائض كلها في المسجد مع الجماعة، وصام نهار رمضان وقام ليله بين يدي ربه، وداوم على قراءة كتاب الله وتفهم معانيه وتدبر آياته.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد:

فد فاز في رمضان من وصل رحمه وحافظ على حقوق جاره، لقد فاز في رمضان من جعل بداية عهد جديد لانطلاقة راشده نحو عبادة الله لينجو من عذاب الله يوم القيامة.
عباد الله هذا هو الفائز الحقيقي في رمضان فهل تعاهد الله جل وعلا أن نحقق هذا الفوز ونتذوق طعم السعادة في الدنيا لننعم بالسعادة الأبدية في الآخرة.

لابد من صيام الجوارح كلها لتظل طول نهار الصوم وليله صائمة عن الحرام مقبلة على الطاعة فلا يطلق الصائم للسانه العنان للخوض في القيل والقال والحديث في أعراض الناس فذلك مناف لصيام جارحة اللسان ولا يطلق لعينه أن تنظر في هذه الجارحة فهل مستنصقات يوم السؤال والجواب.

إن من صام عن الأكل والشرب وسائر المفطرات وصامت جوارحه عن كل ما نهى الله عنه هو الفائز في في رمضان أسال الله بمنه وكرمه أن يجعلنا في هذا الشهر المبارك من الفائزين وأن يغفر لنا خطايانا يوم الدين وأن يوفقنا للصيام والقيام.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

مواضيع ذات صلة