خطبة بعنوان “أخطاء بعض الصائمين والقائمين”.

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440هـ 1-3-2019م

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فيا أيها المؤمنون اتقوا الله وسارعوا إلى الخيرات واعلموا أن لكل عبادة شرطين:

الأول: الإخلاص لله جل وعلا كما قال تعالى:{ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ . أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}، وقال تعالى: { وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، وقال تعالى:{ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}.

الثاني: المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:{ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} وقال تعالى:{ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.

عباد الله !
وهنا ينبغي أن يجتهد المسلم في المتباعة للرسول ليكون عمله مقبولا بإذن الله ولكما تجددت مواسم الطاعات كان ذلك فرصة للمسلم لمراجعة أعماله وتحقيق المتابعة الصادقة، وإن الناظر في أحوال الناس في هذا الشهر المابرك يرى العجب من كثرة المخالفات وتفنن الاجتهادات الخاطئة والتسهل بالفتيا والمسارعة في الإنكار عن جهل وكل ذلك خطأ ينبغي التنبه له والتثبت منه.

ولذا سأذكر جملة مما يقع فيه الصائمون مذكرا ومبينا الصحيح في هذا الأمر وموضحا المسلك الراشد في هذا السبيل، فأقول:

أولاً: سمعت شخصا رأى أخاه يستاك في صلاة العصر فأنكر عليه وأغلظ القول بل قال عبارة خطيرة هي من القول على الله بغير علم حيث قال له: هذا حرام، ولما فرغت الصلاة تحدثت مع الشخص ونصحته ووجهته وبينت له خطورة كلامه وأوضحت له سلامة عمل أخيه وأن الصحيح جواز السواك قبل الزوال وبعد الزوال، وهذا ما عليه المحققون من أهل العلم وهو ما عليه الفتوى في هذه البلاد.

ثانيًا: لاحظت من بعض كبار السن أنهم يحرصون على الدعاء وقت الإفطار وهذا طيب ومطلوب لكن بعضهم يستمر في دعائه بعد أذان المؤذن ولا يفطر إلا بعد فراغ الأذان طلبا للأجر وهذا خطأ وخلاف السنة التي جاءت بالمبادرة بالفطر قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) وعلى هؤلاء أن يدعوا قبل الإفطار وأثناء الإفطار وبعد الإفطار وكل ذلك في وقت فاضل للدعاء.

ثالثًا: كثير من النساء إذا رأت علامات الطهر في الليل ولم تتثبت وقت السحر تقول: سأصوم وأنظر الصباح فإن طهرت أكملت صيامي وإلا أفطرت وهذا خطأ فادح، كيف تحرص هذه المرأة على الصيام وتترك صلاة الفجر، فإن كانت طاهرة فعلا فلتغتسل ولتصل الفجر وتتم صيامها وإن كانت غير طاهرة فلا يصح صيامها،فلتنتبه الأخوات لذلك فالكثيرات يقعن فيه.

رابعًا: بعض الناس يتساهل في أخذ الزكاة بل أحيانا يطلبها، وإنك لتعجب لبعض الرجال والنساء الذين لديهم أرصدة في البنوك وليس عندهم أولاد ينفقون عليهم ولا حاجة لهم في المال إلا المكاثرة وجمعه لمن بعدهم وإلا فمادام الرجل أو المرأة يجد قدر حاجته من المأكل والملبس والمسكن فلا ينبغي أن يأخذ من الزكاة لأنها لا تحل إلا للفقير أو المسكين الذي لا يجدان كفايتهما من المعيشة.

خامسًا: ومما لاحظته أن بعض الناس تكون عنده أموال لصغار أو أيتام أو ودائع من بعض أقاربه ولا يزكيه بحجة أنها ليست له وهذا خطأ، فمثل هذا المال تجب فيه الزكاة وعلى المسؤول عنه أن يأخذ تفويضا من أصحابه بزكاته أو يحسب زكاته سنويا ويسلمها لأصحابه ليخرجوها بأنفسهم لأن الزكاة عبادة لابد فيها من النية، أما الصغار فالولاية تكفي في ذلك وينوب عنهم وليهم في إخراج زكاة أموالهم.

سادسًا: بعض الناس تكون عنده أثلاث للأموال ويجتهد فيزكيها وهذا خطأ فأموال الأموات الخاصة بهم بعد توزيع المواريث لا زكاة عليها فليتنبه المسلم لهذا الأمر ولا يقع في الخطأ بل إن بعض أهل العلم قال: إذا أخرج زكاتها لزمه أن يغرم قدرها لصالح مال الميت.
سابعًا: بعض المصلين طيلة دعاء القنوت يرفع بصره إلى السماء وهذا خطأ فرفع البصر إلى السماء أثناء الصلاة منهي عنه وقد قال رسول الله محذرا : (لينتهين أقوام عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل مواسم الطاعات فرصة لمضاعفة الأعمال وأشهد أن لا إله إلا الله فضل رمضان على سائر شهور العام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صام رمضان وصلى بالليل والناس نيام، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتزودوا من العمل الصالح وتنافسوا في مجال الطاعات ولاسيما في الأوقات الفاضلة لتفوزوا بالجنات.

عباد الله! ومن الأخطاء التي يقع فيها الناس:

ثامنًا: مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من القنوت وبعض الناس يظن أنه من لازم رفع اليدين بالدعاء مسح الوجه بهما قبل إنزالهما وهذا خطأ فرفع اليدين بالدعاء سنة ثابتة وأما مسح الوجه بهما فلم يثبت فيه سنة، قال الإمام البيهقي رحمه الله : ” فأما مسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت.

تاسعًا: الكثير من المصلين لا يفرقون حال الدعاء بين الجل التي يدعو بها الإمام، فتجدهم في كل جملة يقولون آمنين وعلى المصلين أن يجتهدوا في فهم الدعاء وعلى الأئمة أن يبينوا لهم ذلك، فجمل الدعاء يؤمن عليها وأما جمل الثناء على الله فلا يؤمن عليها، فمثلا إذا قال الإمام: “إنه يعز من واليت، إنه لا يذل من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت” لا يقوق المأموم آمين لأن الإمام يخبر إخبارا عن الخالق سبحانه لكن لو قال المأموم هنا سبحانك، أو تباركت، أو لا إله إلا الله أنت لكان ذلك حسنا.

عاشرًا: ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعض الناس يؤذن لصلاة العشاء مبكرا مما يشوش على المساجد القريبة منه وهذا مع ما فيه من مخالفة ما ورد من تنظيم لذلك من سماحة مفتي البلاد فإنه يحرج أئمة المساجد القريبة منه الذين يسمعون صلاته، وعلى الأئمة أن يلتزموا بالتوقيت قدر المستطاع ولو تقدم الإمام شيئا يسيرا فلا بأس لكن أن يفرغ بعض الأئمة من صلاة التراويح قبل أن يصلي بعض الأئمة صلاة العشاء فهذا أمر يحتاج إلى مراجعة.

ومن الأخطاء أن بعض الأئمة يبالغ في السرعة في صلاة التراويح كسبا لود المأمومين فيخل في الصلاة في ركوعها وسجودها وقيامها وهذا مسؤول أمام الله جل وعلا لأن الإمام ضامن .

أسأل الله جل وعلا أن يفقهنا في ديننا وأن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا، اللهم تقبل منا اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا وتول أمرنا يا كريم.
اللهم صلى على محمد ……………………………..